خبراء: وضع الإخوان المسلمين على قائمة أمريكا للإرهاب قد يدفع بعضهم للتطرف وإلى القاعدة وداعش

تعتزم واشنطن وضع جماعة الاخوان المسلمين على اللائحة السوداء كمنظمة إرهابية، وهي خطوة يحذر خبراء من أن تؤدي الى تبني أعضاء الجماعة خطا أكثر تشددا، ما قد يدفع نحو مزيد من عدم الاستقرار في العالم العربي.

وأعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتزامها وضع جماعة الاخوان على لائحة "المنظمات الإرهابية"، بعد زيارة قام بها إلى واشنطن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي شهدت بلاده مولد الحركة على يد حسن البنا عام 1928 أي قبل أكثر من تسعين سنة.

ويقود السيسي مصر منذ 2013 بعد أن أطاح، حين كان وزيرا للدفاع، بالرئيس السابق محمد مرسي المنتمي إلى الإخوان المسلمين، والذي كان أول رئيس ينتخب ديمقراطيا في البلاد التي توالى عسكريون على حكمها منذ الإطاحة بالملكية في عام 1952.

ويعتقد يحي حامد عضو الحركة الذي كان يتولى حقيبة الاستثمار في عهد محمد مرسي، أن اتخاذ الولايات المتحدة لمثل هذا القرار سيدفع أعضاء الإخوان المسلمين إلى الانضمام لحركات متشددة مثل القاعدة أو تنظيم الدولة الاسلامية.

وقال حامد لفرانس برس إن الحركات المتشددة ستسعى إلى تجنيد شباب الإخوان المسلمين: "وسيقولون لهم أنتم سلميون ومع ذلك توصفون بالإرهابيين".

وأعلنت جماعة الاخوان المسلمين، التي تمددت وأصبح لها فروع في دول عدة من موريتانيا الى تركيا، تخليها عن العنف رسميا في سبعينيات القرن الماضي.

وفي مصر تعرضت الجماعة على مدى تاريخها إلى قمع السلطات أحيانا، والى مؤازرتها في أحيان أخرى، بحسب الظروف السياسية.

ولكنها ظلت لاعبا رئيسيا على الساحة السياسية واحتفظت بقدراتها التنظيمية العالية ما مكنها من الفوز بالرئاسة المصرية في انتخابات عام 2012 بعد عام من ثورة 2011 التي أسقطت حسني مبارك.

ومنذ تولى السيسي مقاليد الأمور في مصر، تم توقيف آلاف من أعضاء جماعة الإخوان وحوكم مئات آخرون وصدرت ضد عشرات منهم أحكام بالإعدام. وصنفت السلطات رسميا الإخوان "تنظيما ارهابيا" في نهاية عام 2013.

وبحسب تقارير صحافية، فإن السيسي طلب من ترامب، الذي التقاه في البيت الأبيض في نيسان/أبريل 2019، أن يضع الإخوان على اللائحة السوداء.

وإذا اتخذت الولايات المتحدة هذا القرار فإنه يمكنها من فرض عقوبات على أي شخص أو منظمة على صلة بالإخوان المسلمين.

ويعتقد فواز جرجس أستاذ العلوم السياسية في لندن سكول أوف إيكونومكس، أن مثل هذا القرار سيؤدي إلى عزل الإخوان المسلمين، لكنهم سيتمكنون من التكيف مع الوضع في نهاية المطاف.

ويقول جرجس إن الجماعة تعتبر أن "ما يقدمه أعضاؤها من ألم وتضحية جزء من حمضها النووي" كحركة سياسية.

وهذا ما تعبر عنه تجربة أحد أبرز رموز الإخوان المسلمين وهو سيد قطب. فقد تابع تعليمه في الولايات المتحدة في عهد جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي، ثم سجن وحوكم وأعدم عام 1966. داخل السجن تبنى سيد قطب خطا متشددا للغاية وألهمت أفكاره التنظيمات التي ظهرت لاحقا ومن بينها القاعدة.

عبد الرحمن عياش الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية، يعتقد كذلك أن وضع الإخوان على اللائحة الأمريكية السوداء سيؤدي إلى مزيد من القمع للحركة في مصر وسيدفع أعضاءها نحو تنظيمات أكثر تشددا.

وقال عياش لفرانس برس "سينتهي الأمر بإضافة مزيد من الأعضاء إلى التنظيمات الأكثر تطرفا مثل مجموعة الدولة الإسلامية".

وتبنى بعض أعضاء الإخوان المسلمين العنف كرد فعل على القمع الذي طال حركتهم بعد الإطاحة بمحمد مرسي. 

وظهرت في عام 2016 مجموعتا "حسم" و "لواء الثورة" المسلحتان اللتان أسسهما أعضاء من الإخوان المسلمين. وتبنت المجموعتان منذ ذلك الحين بعض الهجمات الدامية التي استهدفت خصوصا قضاة وضباط شرطة.

ويخشى عياش من الأضرار المحتملة لقرار وضع الاخوان على اللائحة الأمريكية السوداء. ويقول إن "ترامب سيكون قصير النظر للغاية إذا تسبب في مشكلات في علاقات الولايات المتحدة مع دول عدة لمجرد إرضاء مصر والإمارات".

غير أن اللواء المتقاعد خالد عكاشة عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب في مصر يشدد على أن الإخوان المسلمين يمثلون تهديدا كبيرا.

وقال عكاشة لفرانس برس: إنهم "لا يشكلون تهديدا لنا فقط .. إنهم تنظيم دولي". وتابع: "الإسلام السياسي فشل وظهرت مخاطره".

من جهته، يحذر جرجس من أن تفتيت الإخوان المسلمين يمكن أن يؤدي إلى إذكاء "الحرب الأهلية الطويلة" التي تشهدها المنطقة بين الإسلاميين وغير الإسلاميين بقيادة العسكريين. ويؤكد أن "الإخوان المسلمين يشعرون بأنهم محاصرون ومعرضون للهجوم داخليا (في مصر) وخارجيا".

ويضيف أنهم "يواجهون الآن عملية إعادة تقويم داخلية مع موجة جديدة من الانشقاقات وتمرد حقيقي من قبل الأعضاء المتشددين في مصر".

واتهم يحي حامد ترامب بالسعي لإرضاء حلفائه في المنطقة خصوصا السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

واعتبر عكاشة أنه إذا أقدم ترامب على وضع جماعة الإخوان على اللائحة السوداء فإنها "ستكون خطوة إيجابية، وان كانت متأخرة، للتخلص من إيديولوجية الإخوان للأبد".

ولكن جرجس أبدى تحفظا مؤكدا أنه "من السابق لأوانه كتابة شهادة وفاة جماعة الإخوان المسلمين". أ ف ب