سياسة اللجوء الأوروبية فشلت ونزيف إفريقيا مستمر

عرضت المفوضية الأوروبية خطة لتمكين دول مثل الأردن والنيجر ونيجيريا وإثيوبيا ولبنان من صد المهاجرين عن التوجه إلى أوروبا. ووفقا للخطة، من المقرر دعم الدول التي تبدأ هذه "الشراكة للهجرة" بمشروعات تنموية واستثمارات. المحلل السياسي الالماني لودغر شادومسكي يشكك في نجاعة هذه الخطة.

الكاتبة ، الكاتب: Ludger Schadomsky

إذن أسلوب الجزرة والعصا هو المتبع لحل الإشكالية أو كما عبرت عن ذلك المفوضية الأوروبية في أسلوب أكثر لباقة إنه "مزيج ذكي" من "محفزات إيجابية وسلبية". وثيقة "الشراكة للهجرة" المعروضة في ستراسبورغ كانت بالنسبة إلى مفوضة الشؤون الخارجية الأوروبية فدريكا موغريني بمثابة "تحول ثوري" في سياسة اللجوء للاتحاد الأوروبي. وحتى الأفكار الثورية لنيكولاس كوبرنيكوس لم تُفهم إلا بعد مرور 200 عام على وفاته.

فالحقيقة تظل أن ما اعتُبر خطة رائدة ليست إلا اعترافاً بأن سياسة اللجوء -المتبعة إلى حد الآن من الاتحاد الأوروبي لاسيما تجاه إفريقيا- فشلت، لأنه ليس هناك نقص في المشاريع والمخططات التي تحمل مسميات رنانة مثل عملية الخرطوم أو إعلان فاليتا التي من شأنها وقف تدفق اللاجئين. لكنها للأسف لا تأتي بنتيجة حتى في مهدها. "الالتزام" مع ليبيا يُراد له "التكثيف"؟ ألم يعلن وزير الخارجية الليبي مؤخرا أن بلاده لن تستقبل في كل حال لاجئين؟ وعن أي جهة في ليبيا الممزقة يتم الحديث في أعقاب حقبة القذافي؟ لا، العصا لا يلوح بها الأوروبيون، بل الحكام المتسلطون في إفريقيا الذين يوظفون أسراب اللاجئين بلا حرج كوسيلة تفاوض.

إفريقيا تترك المهاجرين يغادرون

إلى حد الآن لم يُفهم في بروكسيل أن "الشركاء" المزعومين في إفريقيا ليس لهم أي اهتمام بوقف هجرة الغالبية من المهاجرين الشباب الذكور، بل العكس: ففي إريتريا تفيد مصادر موثوق بها أن عسكريين كباراً يكسبون المال من وراء تهريب البشر.

فالكثير من الصوماليين ونخبة السياسيين الفاسدة تستفيد هناك من تحويلات المقيمين في المهجر. وفي الكثير من المناطق الأخرى يقول الحكام الأفارقة للشباب العاطلين عن العمل ومثيري القلاقل المحتملين بكل سرور "وداعا".

بموجب الاتفاق الذي أبرم في مارس آذار بهدف الحد من المد البشري الذي جلب نحو مليون لاجئ ومهاجر إلى أوروبا في 2015 وافقت تركيا على التصدي للهجرة غير المشروعة عبر أراضيها مقابل مكافآت مالية وسياسية
بموجب الاتفاق الذي أبرم في مارس آذار بهدف الحد من المد البشري الذي جلب نحو مليون لاجئ ومهاجر إلى أوروبا في 2015 وافقت تركيا على التصدي للهجرة غير المشروعة عبر أراضيها مقابل مكافآت مالية وسياسية

الفكرة الثورية المزعومة لتكنوقراطيي الهجرة المعروضة الثلاثاء (7 يونيو/حزيران 2016) -من أجل تقوية التطور الاقتصادي في الدول الأصلية والمعبر للمهاجرين ومن ثم فتح آفاق للناس في عين المكان- هي قديمة مثل مساعدة التنمية في إفريقيا التي فشلت فشلا ذريعا.

ومشين عندما تهدد دول الاتحاد الأوروبي الدول الممتنعة عن التعاون بعقوبات تجارية. أليست سياسة التجارة الأوروبية المسكوت عنها هي أحد الأسباب وراء هجرة مئات الآلاف من المزارعين الأفارقة والصيادين نحو أوروبا.

القضاء على أسس عمل المهربين

في حين أن هناك مقترحات مفيدة موجودة على الطاولة: إقامة مراكز للاجئين في شمال إفريقيا وفي الساحل للقضاء على أسس عمل المهربين ووقف الهجرة القاتلة عبر البحر، أو العمل ـ حتى ولو بمحدودية لأنها تخدم نزيف إفريقيا ـ بما يُسمى مبادرة "البطاقة الزرقاء" لجلب مهارات مهنية.

لكن الحقيقة المرة بدون أي مزايدة إنسانية هي أن سياسة لجوء أوروبا هي سياسة لصد اللاجئين. إنه عمل ترقيع مشؤوم ومهين يفضح الشرخ الكبير داخل كيان الدول الأوروبية. وعليه يتم التعامل مع المشكلة بدفع أموال ـ وحتى تلك الأموال لا تُدفع كما يُتفق عليه: ففي صناديق الطوارئ المتفق عليها في نهاية 2015 بقيمة مالية تصل إلى 1.8 مليار يورو لم تدفع الحكومات الـ 28 سوى 80 مليون يورو. ومن أين ستأتي الـ 8 مليارات يورو المعلن عنها الثلاثاء حتى عام 2020، هذا لا تعلمه إلا المفوضية الأوروبية. رأس كوبرنيكوس الكبير يتقلب داخل قبره بسبب سياسة الرموز الأوروبية اليائسة التي تسيء فدريكا موغريني توظيف اسمه فيها.

 

لودغر شادومسكي

حقوق النشر: دويتشه فيله 2016