دروز سوريا أقلية (نحو 700 ألف نسمة) حيدت نفسها في الحرب. لكن لماذا استهدفها داعش في هذا التوقيت؟

منذ اندلاع النزاع في سوريا، نجحت الأقلية الدرزية في تحييد نفسها فلم تحمل السلاح ضد النظام السوري، ولا وافقت على الانخراط في معاركه. وقد كانت هدفا الأسبوع الماضي (يوليو / تموز 2018) لهجوم دام ٍ شنه تنظيم الدولة الإسلامية وتسبب بمقتل 250 شخصاً على الأقل وخطف ثلاثين آخرين.

وقد انقسم دروز سوريا منذ بداية النزاع بين موالين للنظام الذي قدم نفسه "حامياً" للأقليات في مواجهة التطرف، وبين متعاطفين وناشطين مع الحراك الشعبي ضد النظام قبل تحوله نزاعاً مسلحاً، فيما بقي آخرون على الحياد. 

يبلغ تعداد الدروز في سوريا نحو 700 ألف نسمة، كانوا يشكلون نحو ثلاثة في المئة فقط من إجمالي عدد السكان البالغ 23 مليون قبل اندلاع النزاع الذي أدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

تشكل محافظة السويداء في جنوب سوريا المعقل الرئيسي لدروز سوريا الموجودين كذلك في محافظة القنيطرة المجاورة وفي جبل حرمون الممتد بين لبنان وسوريا، فضلاً عن مناطق في الضاحية الجنوبية لدمشق أبرزها جرمانا وصحنايا.
 
كما يتواجدون في عدد من القرى في محافظة إدلب (شمال غرب). ونزح جزء كبير منهم من المحافظة مع سيطرة الفصائل الإسلامية والجهاديين عليها.

ويتوزع الدروز أيضاً في دول الجوار: 200 ألف في لبنان و130 ألفاً في إسرائيل بينهم 18 ألفاً في هضبة الجولان المحتلة. 

وتعود أصول الطائفة الدرزية التي لا تكشف عن تعاليمها الدينية إلى المذهب الإسماعيلي، أحد مذاهب الإسلام. ولا يمكن لغير الدرزي أن يتحول إلى هذه الطائفة.

في بداية النزاع السوري، أيّد قسم من الدروز الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام، لكن الممثلين الدينيين للطائفة رفضوا الدعوة إلى استخدام العنف ضد النظام.

وكان خلدون زين الدين أول ضابط درزي انشقّ عن الجيش السوري في العام 2011، وقتل في معارك خاضتها فصائل معارضة للتقدم في محافظة السويداء في العام 2013.

في المقابل، برزت أسماء ضباط في الجيش السوري عرفوا بولائهم المطلق للنظام وعلى رأسهم العميد في الحرس الجمهوري عصام زهر الدين الذي بقي محاصراً لسنوات في مدينة دير الزور، خاض خلالها معارك ضارية ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ثم قتل جراء انفجار لغم بعد فك الحصار عن المدينة العام الماضي 2017.

كما برز اسم الشيخ وحيد البلعوس الذي تزعمّ ما عرف بـ"مشايخ الكرامة"، وهي مجموعة ضمت رجال دين وأعيانا ومقاتلين وعملت على حماية المناطق الدرزية من تداعيات النزاع. وعرف البلعوس بمواقفه الرافضة لقيام الدروز بالخدمة العسكرية الإلزامية خارج مناطقهم. كما كان من أشد المعارضين للتنظيمات الإسلامية المتطرفة.

وقتل البلعوس في تفجير سيارة مفخخة في أيلول/سبتمبر 2015 في مدينة السويداء. واتهم مناصروه النظام السوري بقتله، إلا أن دمشق أعلنت اعتقالها عنصراً من جبهة النصرة قالت إنه اعترف بتنفيذ التفجير.

وتخلف آلاف الدروز خلال سنوات النزاع عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، بعضهم بسبب معارضتهم للنظام، والغالبية بسبب رفضها القتال في مناطق خارج المناطق الدرزية. 

والتحق عدد كبير منهم في لجان شعبية تم تشكيلها خلال سنوات النزاع للدفاع عن مناطقهم خصوصاً في السويداء، أبرزها مجموعة "درع الوطن" التي تشكلت في نيسان/أبريل 2015 وضمت حينها ألفي عنصر.

وتغض السلطات النظر عن المتخلفين عن الخدمة العسكرية في حال انضمامهم الى ميليشيات موالية للنظام مثل قوات الدفاع الوطني و"درع الوطن".

وتعرض الدروز لبعض الهجمات خلال سنوات الحرب.

ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2012، تعرضت ضاحية جرمانا قرب دمشق، ذات الغالبية الدرزية والمسيحية لتفجير انتحاري أودى بحياة 54 شخصا.

وبقيت محافظة السويداء نسبياً بمنأى عن الحرب باستثناء عمليات عسكرية محدودة بين 2013 و2015 شنتها فصائل معارضة بعضها إسلامية متطرفة وصدتها قوات النظام بمساندة السكان الدروز.

وسيطرت الفصائل المعارضة على بعض القرى عند أطراف المحافظة الغربية المحاذية لمحافظة درعا، إلا أن قوات النظام طردتهم منها خلال هجومها الأخير لاستعادة كامل الجنوب السوري خلال الأسابيع الاخيرة.

وفي حزيران/يونيو العام 2015، قتل 20 مواطناً درزياً برصاص عناصر من جبهة النصرة في قرية قلب لوزة في محافظة إدلب. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عناصر النصرة اتهموا الدروز بـ"الكفر" قبل إطلاق النار عليهم.

وفي عام 2016، أعدم تنظيم الدولة الإسلامية أربعة عمال لانتمائهم إلى الطائفة الدرزية.

وفي عام 2017، قتل تسعة أشخاص في تفجير انتحاري بسيارة مفخخة في بلدة حضر ذات الغالبية الدرزية في هضبة الجولان.

وفي 25 تموز/يوليو 2018، قتل نحو 250 شخصاً بينهم 135 مدنياً في هجوم واسع تخلله عمليات انتحارية لتنظيم الدولة الإسلامية في محافظة السويداء. وخلال الهجوم، خطف التنظيم المتطرف 36 سيدة وطفلاً قبل أن يتراجع إلى نقاط سيطرته في منطقة صحراوية عند أطراف المحافظة. أ ف ب