رؤساء تركيا وروسيا وإيران يتعهدون في أنقرة بـ "وقف دائم لإطلاق النار" في سوريا

تعهد رؤساء روسيا وإيران وتركيا الأربعاء 04 / 04 / 2018 في أنقرة بالعمل من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في سوريا بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب، وذلك عقب قمة تهدف إلى تعزيز احتمالات السلام وتعزيز نفوذ هذه الدول في سوريا.  وجدد كل من الرؤساء التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني في بيان مشترك تأكيد التزامهم التعاون من أجل "التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين الاطراف المتصارعة" في سوريا. والقمة الثلاثية هي الثانية التي تعقد في أنقرة عقب اللقاء الأخير بين قادة الدول الثلاث حول الملف السوري في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 في سوتشي وأفضى إلى مؤتمر وطني سوري باء بالفشل في المنتجع الروسي. إلا أنه لم يتم في ختام القمة الإعلان عن اختراقات كبيرة، وأشارت تصريحات القادة الثلاثة إلى توتر محتمل في التحالف الذي يرى المحللون أنه قد يكون هشاً.  وأيد القادة الثلاث محادثات السلام في أستانة عاصمة كازخستان، التي يقولون إنها عملية موازية للمناقشات التي تجري في جنيف بدعم من الأمم المتحدة.  وفي مؤتمر صحافي عقب القمة أكد أردوغان أن لقاء الزعماء الثلاثة ومحادثات أستانة ليست "بديلة" لعملية جنيف للسلام في سوريا.  غير أن الزعماء الثلاث قالوا حتى الآن أن "صيغة محادثات الأستانة هي المبادرة الدولية الفعالة الوحيدة التي ساعدت على خفض العنف في سوريا وأسهمت في السلام والاستقرار".  يرى خبراء أن انقرة وموسكو وطهران تتطلع إلى الاستفادة من ضعف النفوذ الغربي في سوريا والتردد في الالتزام عسكرياً.  وقبل ساعات من القمة أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغبته في سحب القوات الأمريكية من سوريا، مؤكدا أنه سيتم اتخاذ قرار "في وقت قريب جدا". إلا أن روحاني رد بالقول إن "الأمريكيين يقولون شيئا مختلفا كل يوم".  وعلى عكس الغرب فإن الدول الثلاث نشرت قوات وقدرات عسكرية كبيرة في سوريا، حيث تحظى طهران بتواجد واسع على الأرض، بينما تهيمن موسكو على الأجواء.  تركيا بدورها أخرجت المقاتلين الأكراد من مدينة عفرين في 18 آذار/مارس 2018 بعد شهرين من شنها هجوما على شمال سوريا بدعم من مقاتلي المعارضة السورية.  وألمحت أنقرة إلى أنها قد توسع عملياتها في سوريا إلى مدينة منبج الكردية وشرقاً إضافة إلى مدينة تل رفعت شمال سوريا. وقال إردوغان: "نحن مستعدون للعمل مع أصدقائنا الإيرانيين والروس لجعل منطقة تل رفعت صالحة ليعيش فيها إخواننا وأخواتنا السوريون". وأضاف: "من المفيد أن أكرر مرة جديدة هنا أننا لن نتوقف قبل أن تصبح المنطقة التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديموقراطي ووحدات حماية الشعب آمنة، خصوصاً منبج". وحتى الآن تمكنت القوى الثلاث من الإبقاء على خلافاتها بشأن سوريا جانباً.  فبينما تدعم موسكو وطهران رئيس النظام السوري بشار الأسد سياسيا وعسكريا، فقد دعت تركيا مرارا إلى الإطاحة به ودعم المقاتلين المعارضين.  غير أن خبراء يرون أن الخلافات بين موسكو وأنقرة قد تعود إلى الظهور في حال قرر النظام توجيه اهتمامه إلى محافظة إدلب.  وما تزال إدلب قضية ساخنة أيضا، خصوصا إذا قرر النظام السوري مهاجمتها بعد أن بات قاب قوسين من استعادة الغوطة الشرقية بأكملها من الفصائل المسلحة. وهذه المنطقة الواقعة في شمال غرب سوريا خارجة بالكامل تقريبا عن سيطرة النظام السوري ويسيطر عليها حاليا جهاديو الفرع السوري لتنظيم القاعدة. لكنها أيضا واحدة من مناطق "خفض التوتر" وأقامت فيها تركيا مركز مراقبة، لكن هذا لا يمنع النظام السوري من شن هجمات متقطعة. فتركيا تحرص على منع النظام من مهاجمة المحافظة التي يسكنها نحو 2,5 مليون شخص، إلا أن موسكو ترغب من أنقرة كذلك أن تمارس نفوذها على الجهاديين الذين يسيطرون على المحافظة. وقد تظهر كذلك توترات خلف الكواليس بين روسيا وإيران، إذ أن موسكو أكثر رغبة من طهران في تطبيق إصلاحات في سوريا في ظل الأسد.  من ناحية أخرى وبحسب الرئاسة الإيرانية، فقد قال روحاني في جلسة مغلقة أن منطقة عفرين التي سيطرت عليها تركيا والقوات الحليفة لها في منطقة عفرين يجب أن تسلم إلى الجيش السوري. وأكد أن الجيش السوري "لا يزال رمز السيادة الوطنية لهذا البلد".  كما أعرب إردوغان عن قلقه إزاء الوضع في الغوطة الشرقية التي تعرضت لحملة قصف كثيفة من قوات النظام المدعومة من روسيا خلال الأسابيع الماضية، ما أدى إلى أزمة إنسانية خطيرة. وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن عمليات الإجلاء من مدينة دوما في الغوطة الشرقية لمقاتلي جيش الإسلام وعائلاتهم مستمرة لليوم الثالث على التوالي.  وقال إردوغان أن سفك الدماء في الغوطة كان "بلا رحمة"، إلا أنه تجنب توجيه انتقاد مباشر لروسيا وبوتين الذي يدعم النظام السوري.  وقتل أكثر من 350 ألف شخص في سوريا منذ اندلاع أعمال العنف في 2011، فيما شرد الملايين من منازلهم. أ ف ب