ومَن مِن مُتابِعي الدراما الخليجية ينسَى مسلسل "دَرب الزَّلَق" (1977) لعبدالرضا ورفيقه سعد الفرج (م. 1938) بمعِيّة ثُله من المُبدِعين الذين يُمَثلون الجيل الريادي للدراما الكويتية؟ هذا المسلسل الخليجي الأشهر على الإطلاق تناول قضية هامة من تاريخ الكويت أثناء ظهور النفط وهي عملية "التثمين" عبر اِمتلاك الدولة للبيوت القديمة وتعويض سكانها بمبالغ مالية وقسائم سكنِية.
أغلب إنتاجات عبد الرضا تناولت قضايا سياسية بقصد أو عن غير قصد
نستَحضِر هنا مقولة الروائي البريطاني جورج أُوروِيل بأن "الرأي الذي يُنادي بفصل الفن عن السياسية هو موقف سياسي بحد ذاته". وبمراجعة الأعمال المذكورة أعلاه نكتشف أن أغلب إنتاجات عبدالرضا تناولت قضايا سياسية، سواء عن قصد أو غير قصد، وهذا هو الإبداع الصِّرف.
يأتي عام 1987 ليُشكل علامة فارقة في تاريخ المسرح الكويتي عندما مثل عبد الرضا أمام القضاء بعد الضجة التي أحدثَتها مسرحية "هذا سِيفُوه" التي طرَحَت فساد بعض تجار الكويت في مرحلة ما قبل النفط. كانت هذه تجربة مؤلمة لعبد الرضا الذي حُكِم عليه بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ، رغم أن المسرحية كانت مُجازَة رقابيًّا. هذه "الغَصَّة" لازمَت عبدالرضا حتى النهاية حيث تكلم في أكثر من منبر عن التضييق المُتنامِي لحرية التعبير.

أذكر في السبعينيات "ندوة الثلاثاء" التي كان يُشرف عليها المؤرخ السوري شاكر مصطفى، حيث كان ينتقل مكان الصالون الثقافي من منزل لآخر، بما فيها بيت العائلة. لم أدرك أثناء المراهَقة كم كنت محظوظة لحضوري ندوات لشخصيات فذّة كالإعلامي الكويتي نجم عبدالكريم والشاعرة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي والداعية الكويتي عبد الرحمن السميط والطبيب السوري محمد مأمون المهايني والأديب الكويتي عبد الرزاق البصير. فيأتي اسم عبدالحسين عبد الرضا جزءًا لا يتجزأ من حركة اﻟ "رِينِيسانس" التنويرية التي بدأَت في الكويت منذ ستّينيات القرن الماضي.
في برنامجٍ لإذاعة "بي بي سي" العربية عام 2014، وصَفتُ عبدالحسين عبدالرضا بأنه من أفضل الكوميديين في العالم، وعاتبَني البعض بأن كلامي كان فيه ضربًا من المُبالغة.
يا حبذا لو تعمل المؤسسة الثقافية الكويتية على إعادة إصدار أعماله بالتقنية الحديثة مع ترجمة بمساعدة لغويين ثنائيي اللغة قادرين على سدَ الثّغرة ما بين المحلي والعالمي. قد تكون هذه المهمة صعبة، ولكنها غير مستحيلة رغم اندراجها في خانة "السهل المُمتَنِع"، حالها حال مَلَكَة عبدالرضا، رغم محليتها في اللهجة ونمطيتها في الثقافة. حينها، سيتمكن المُشاهِد العالمي من التمتع بعبقرية عبدالحسين عبدالرضا عبر موهبته المتكاملة، وليس فقط عبر كلماتٍ إنجليزية مُضحِكة من مسرحيته التي وَدَّع فيها لندن.
ريم الكيلاني
حقوق النشر: موقع قنطرة 2017
عبدالحسين عبدالرضا محمد عوض (الكويت، 15 يوليو 1939 – لندن، 11 أغسطس 2017).
ريم الكيلاني موسيقية و إذاعية فلسطينية من مواليد مانشيستر ، نشأَت وتلقَّت تعليمها في الكويت، و تعيش في لندن.