رغم هدنة إسرائيلية فلسطينية تحذيرات من آثار القصف النفسية على أطفال غزة لسنوات - خوف من الموت

أطفال في قطاع غزة ضحية الصدمات النفسية: "خائفون من الموت" - عندما بدأ القصف في شمال مدينة غزة، كتبت الطفلة زينة ضابوس (10 سنوات) بقلم حبر باللون الأحمر رسالة ووضعتها تحت وسادة والدتها. وتقول الرسالة "ماما حبيبتي، أنا خائفة جدا. إذا استشهدنا ضعونا معا في القبر نفسه لأبقى في حضنك. وأريد أن أرتدي ملابس العيد".

على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ فجر الجمعة 21 / 05 / 2021، يحذر خبراء من آثار القصف النفسية التي سترافق الأطفال لسنوات.

ويقول أطباء نفسيون إن الأطفال في قطاع غزة يعانون من سلسلة من الأعراض النفسية المرتبطة بالخوف من القصف كالاكتئاب والقلق والاضطرابات السلوكية والتبول اللاإرادي وعصبية المزاج وغيرها.

تقول زينة لوكالة فرانس برس إنها بدأت بكتابة الرسالة انطلاقا من شعورها بـ "الخوف والرعب. كانوا يقصفون محيط منزلنا، ويقصفون كل الشوارع. قبل النوم كتبت ورقة إلي أمي ووضعتها تحت الوسادة لأنني كنت خائفة من أن أموت".

في القطاع الذي شهد 4 عمليات عسكرية إسرائيلية في 2008 و2012 و2014، نشأ الكثير من الأطفال على أصوات القصف والغارات الجوية.

ويوجد مليون طفل في غزة، بحسب أرقام صادرة عن منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف).

ويقول جد الطفلة سعيد الضابوس "جيل الأطفال تدمر بسبب الحروب المتتالية على غزة".

واندلع النزاع الأخير بعد إطلاق حماس صواريخ في اتجاه الدولة العبرية تضامنا مع الفلسطينيين الذين كانوا يخوضون منذ أيام مواجهات مع الإسرائيليين في القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى، ما تسبب بإصابة أكثر من 900 منهم بجروح. وجاءت تلك المواجهات على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود.

تسبب القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي على قطاع غزة والذي استمر أحد عشر يوما بمقتل 248 شخصا، بينهم 66 طفلا، بموجب أرقام صادرة عن وزارة الصحة في غزة.

أما على الجانب الإسرائيلي فأكدت خدمة الطوارئ مقتل 12 شخصا، بينهم طفل وشابة عربية-إسرائيلية وجندي إسرائيلي وشخص هندي وتايلانديان، في حين أصيب نحو 357 بجروح مختلفة.

ويعتبر عدد القتلى في قطاع غزة مثار جدل خاصة في ما يتعلق بعدد المدنيين مقارنة بالمقاتلين.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن القصف الإسرائيلي قتل "أكثر من 200 إرهابي" في غزة.

وبحسب المفوض العام للامم المتحدة فإن عدد القتلى المدنيين بلغ 129 شخصا.

وحذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" الجمعة من أن الأطفال في غزة سيعانون لسنوات قادمة.

وبحسب المنظمة فإن "الأطفال في غزة يعانون من الخوف والقلق، وقلة النوم وتظهر عليهم علامات القلق مثل الاهتزاز المستمر والتبول اللاإرادي".

وفي منزل آخر، تحاول ميساء أبو العوف (22 عاما) تهدئة روع شقيقها البالغ من العمر عامين ونصفا بعد أن خسرا عددا كبيرا من أفراد عائلتهما في قصف جوي إسرائيلي.

وتقول "عندما يسمع صوت أي انفجار يبدأ بالصراخ والبكاء. ويقول لي +أحبك وأريد أن أكون معك+".

وتحاول ميساء تهدئته قائلة "لا تخف، هذا صوت بالون".

وتتابع "الجميع بحاجة إلى دعم نفسي. ابن عمي عمر (16 عاما) استشهد جميع أفراد عائلته وتم انتشاله من بين الأنقاض بعد أن قضى 12 ساعة هناك. ومن هول الصدمة ما زال يبكي بحرقة ولا يريد الكلام".

وبسبب تدمير المنزل المؤلف من أربعة طوابق بشكل كلي في حي الرمال باتت ميساء وشقيقها أحمد يقيمان في منزل جدها مع اختهما مرام.

وترقد والدتها في مستشفى الشفاء على إثر إصابتها بجروح بالغة في الغارة نفسها التي دمرت المنزل.

وانتشل طاقم للدفاع المدني عددا من النساء والأطفال من تحت ركام منزل عائلة أبو العوف الذي دمر كليا بينهما شقيقتا ميساء، طالبة طب الأسنان شيماء (20 عاما) وروان طالبة المدرسة (17 عاما) .

وقتل في تلك الغارة نحو 42 فلسطينيا بينهم عشر نساء وثمانية أطفال.

وتروي شقيقتهم مرام أبو العوف (7 أعوام) التي نجت من تحت الأنقاض "كنت تحت الحجارة، سألت عن ماما وعن أختي شيماء، وكنت أقول أخرجوني من تحت الردم". ثم تضيف " أنا حزينة".

ووقعت غارة إسرائيلية قريبة من منزل الجد، فأصبحت مرام تبكي وترتعش.

وشاهد مراسل فرانس برس بقايا الألعاب الخاصة بمرام بين ركام منزلها من بينها دب أحمر اللون.

وتقول الطفلة "كتبي ودفاتري احترقوا".

خلال العملية العسكرية الأخيرة، كان برنامج غزة للصحة النفسية يقدم نصائح للعائلات في كيفية التعامل مع الأطفال أثناء القصف عبر صفحته على "فيسبوك".

وفي منشور يعود تاريخه إلى 10 أيار/مايو 2021، كان البرنامج يطلب من الوالدين مشاركة المشاعر مع الأطفال ومحاولة إشغالهم أثناء القصف بأنشطة أخرى مثل اللعب أو الرسم أو الصلاة.

ولا توجد نسبة حقيقية لعدد الأطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية في القطاع، لكن برنامج غزة يشير إلى ازدياد هذه الحالات بالمئات شهريا.

ويحذر الأخصائي النفسي محمد أبو السبح من أن يصبح الأطفال الذين تعرضوا "لصدمات هائلة" في قطاع غزة، عنيفين.

ويشرح أبو السبح أن "الاضطرابات النفسية تظهر غالبا عبر اضطرابات سلوكية سيئة وعنيفة. تحدث الحروب زيادة في العنف لدى الأطفال في المدارس أو داخل البيوت".

وبحسب أبو السبح فإن غالبية الأطفال في قطاع غزة "يعانون من الاكتئاب والقلق واضطراب السلوك".

وحذر الأخصائي من أن هناك "نسبة كارثية" من الأطفال الذين يحتاجون لإعادة تأهيل.

ويتابع "أنا غير متفائل، هذه الحرب ستنشئ جيلا عدوانيا عنيفا يميل إلى الكراهية". أ ف ب 23 / 05 / 2021

 

[embed:render:embedded:node:44254]