مع مُرُور السِّنين، أصبح عَدَد المُسلِمِين في بريطانيا في ازدِياد، وهناك الآن الكثير مِن التَّنَوُّع بينَهُم. في نفس الوقت، تَبقَى التَّحَدِّيات الرَّئيسِيَّة على حالِها – مَدَى تَأَقلُم المُسلِمِين في أوروبا، ومَدَى تَأَقلُم أوروبا مع الإسلام كدِيانَة.

بَدَأتُ في كتابة "مَنارَة" عام 2000، ثُمّ نُشِرَت الرِّوايَة لأَوَّل مرَّة عام 2005، وها نحن نتكلَّم عنها في عام 2020! ومُؤَخَّرًا، قامَت "إيرما ڤِيرلِي" بتَرجَمَتِها إلى الألمانِيَّة، مما يَجعَل الرِّوايَة ذات سِياقٍ وارِدٍ عند القُرَّاء الأَلمان، لأنَّ موضوعها الرَّئيسِيّ المُتَمَثِّل في إمكانِيَّةِ الاِلتِزام بالإسلام في مُجتَمَعٍ عَلمَانيٍّ كأوروبا، يَحمِلُ الآن أهمِّيَّةً أكثَر مِن أيِّ وَقتٍ مَضَى.

 قنطرة: عندما كانت نَجوَى – تِلك الفَتاة المُتَأَزِّرَة بِتَنُّورةٍ قَصِيرَةٍ – طالبةً جامِعيَّةً في السُّودان، كانت تَنظُرُ بإعجابٍ خَفِيٍّ إلى زميلاتها اللَّواتِي كُنَّ يَلبِسنَ الثّوب السُّودانيّ الأبيض التَّقليديّ. في شهر أبريل مِن عام 2019، أصبَحَت النَّاشِطَة السُّودانِيَّة آلاء صَلاح أَيقُونَةً لِلثَّورة السُّودانيَّة وهي مُتَوَشِّحَّة بالثّوب التَّقليديّ. كيف كان انطِباعُك عندما رأَيتِ صُورَة آلاء التي انتَشَرَت انتِشارًا واسِعًا حول العالَم؟

 ليلى أبُو العِلا: تِلك الصُّورَة التي تَسُرُّ العَين كانت بالِغَةَ التَّأثير في نَفسِي. بالنِّسبةِ للزَّمن الذي كانت تدورُ أثناءه أحداث "مَنارَة"، كان هذا الثّوب هو لِباس طالبات الجامعة التي تَنتَمِي إليها نَجوَى.

وعندما ظَهَرَت آلاء صَلاح بالثّوب السُّودانيّ عام 2019، كان القَصد مِن وراء ذلك أن تَجعَل الثّوب رَمزًا وَطَنِيًّا، لأنَّ صَبايا السُّودان أمثال آلاء لا يَلبِسنَ الثّوب في أيَّامنا هذه.

 

 

لَعبَت المَرأَةُ دَورًا هامًّا في الثَّورة السُّودانِيَّة ضِدّ حُكم عُمَر البَشِير، وأصبَحَت الدَّولة تأخُذُ بِرَأيها خلال المَرحَلَةِ الاِنتِقالِيَّة. هناك أيضًا بعض القوانين التي احتَجَّت المَرأَةُ السُّودانِيَّة ضِدّها والتي تَمّ تعديلها نتيجةً لذلك، كالقانونِ الذي كان يَمنَعُ المَرأَةَ مِن السَّفَر دُون إذنِ وَلِيّ أمرِها. كما أنَّ القُيُود الصَّارِمَة على لِباس المَرأَة قد أُسقِطَت هي الاُخرى.

 قنطرة: رَغم ذلك، هنالك نُشطاء سُّودانيِّون يَنتَقِدون الحكومة الاِنتِقالِيَّة التي تَتَحرَّك ببُطء، كما أنَّهُم غير مُرتاحين لتَمَسُّكِ العَسكَر بأحبال السُّلطَة. ما هو رأيُكِ بهذا الخُصُوص؟

 ليلى أبُو العِلا: لقد واجَهَت الحكومة الاِنتِقالِيَّة بعضَ المُعضِلات نَظَرًا لجائِحَة كورونا كوفيد-19، وللفَيَضانات التي ضَرَبَت السُّودان. هذه الأحداث هي مَحض سوءِ حَظٍّ، للأسف. بالنِّسبةِ لرئيس الوزراء عبد الله حَمدُوك، فهو حاصِلٌ على أعلَى المُؤَهِّلات العِلمِيَّة، وله مَسيرَة مِهنِيَّة مُبهِرَة في مَجال الإصلاح والتَّنمِيَة الإفريقِيَّة.

يَقُودُ حَمدُوك فَريقًا مُتَمَيِّزًا وَضَعَ أولَوِيَّات العَمَل بتَرتِيبِها الصَّحيح. مِن الطَّبيعِيّ أن يأخُذ التَّغيير المَنشُود المَزيد مِن الوقت، ومِن هُنا، يُمكِنُنا أن نَتَفَهَّم نَفاد الصَّبر عند الشَّعب.

لكنِّي قَلِقَة أكثَر مِن ما قَد يَحدُث حال انتِهاءِ المُدَّةِ الاِنتِقالِيَّة للحُكم. فهنالك احتِمال أن يَستَعِيد النِّظام العَسكَريّ السَّابِق سيطرته عبر الاِنتِخاباتِ الدِّيمُقراطِيَّة، لكن بِزِيٍّ مُمَوَّهٍ هذه المَرَّة. لذا، فإنَّ أكبر تَحَدٍّ للثَّورة السُّودانِيَّة هو تَفادي هذا السِّيناريو بأكمله. 

 قنطرة: ما هي خُطَطك المُستَقبَلِيَّة؟

 ليلى أبُو العِلا: تَعتزِمُ دارُ نَشرِ النُّسخة الألمانِيَّة لروايَة "مَنارَة"، لِينُوس بابِل، إصدارَ مَجمُوعَتي القَصَصِيَّة "الوطن مكان آخَر". تتضَمَّن هذه المَجمُوعَة قصَص كتَبتُها على امتِدادِ عشرين عامًا، بما فيها قصَّة "المَتحَف" التي حَصَلَت على "جائزة كِينْ العالَمِيَّة للأدَب الاِفريقيّ".

أمَّا بالنِّسبةِ لكتاباتي الحالية، فأنا أعملُ على روايةٍ تَدُورُ أحداثُها في القَرن التَّاسِع عَشَر في السُّودان. تَتَناوَلُ الأحداث الجَيشَ الثَّوري بقِيادة المَهدِي ضِدّ الامبراطُورِيَّة العُثمانِيَّة آنذاك، وكذلك حِصار الخَرطُوم الذي أدَّى في نهاية الأمر إلى مَقتَلِ الجِنِرال الاِسكُتلَندِيّ، تشارلز جُوردُون.

 

 

حاورتها: آنَّا-تِيرِيزا بَاخمان

ترجمة: ريم الكيلاني

حقوق النشر: موقع قنطرة 2020

ar.Qantara.de

 

 

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة