رواية (نداء أخير للركاب) مصري متزوج أمريكية وابنته ذات تربية غربية - رحلة موغلة في الإنسانية

في أحدث رواياته 2018 (نداء أخير للركاب) يغوص الكاتب المصري أحمد القرملاوي في رحلة إنسانية عابرة للقارات يستنهض فيها فضيلة مراجعة الذات وإعادة النظر في علاقة الإنسان بمن حوله ولو كانوا أقرب الناس إليه، فربما تكون حقيقة الأمور على غير ما ارتضينا إقناع أنفسنا به.

تنطلق الرواية من الولايات المتحدة حيث يعيش هاني، ذلك المصري الذي بلغ للتو عامه الأربعين والمتزوج من أمريكية تكبره بست سنوات وله منها ابنة في الثالثة عشرة نشأت على التربية الغربية بكل ما فيها من حرية وانفتاح.

يعلم هاني بنبأ وفاة والده رأفت عبد الصمد من اتصال هاتفي مع أمه المقيمة في القاهرة، لكن وقع الخبر عليه يشير إلى مدى الفتور الذي اتسمت به علاقة الابن والأب.

 

ومع انتهاء رحلة الأب في الدنيا تكون قد بدأت رحلة الابن في البحث عن الميراث، فيغادر الولايات المتحدة متجها إلى مصر حيث يلتقي محامي والده الذي يفاجئه بأمرين يربكان مسار حياته.. أولهما أن التركة موزعة بين ثلاث دول هي مصر والكويت والنمسا، أما الثاني فهو أن عليه تسلم التركة بنفسه دون وكيل أو محام.

رغم عدم إدراكه للحكمة من وراء هذه التعقيدات التي فرضها والده يجد هاني نفسه مضطرا لتنفيذ ما جاء بالوصية حتى ينال ميراثه.

تأخذه رحلة الميراث إلى الكويت حيث عاش والده سنوات طويلة وعمل هناك بمجال الأمن بعد أن ترك الخدمة بالجيش. وفي الكويت يتعرف هاني على أصدقاء أبيه الذين يغمرونه بحكايات عن نبل وشجاعة الأب فيجد نفسه في ظل رجل يتعرف عليه لأول مرة وليس رجلا حمل اسمه منذ مولده.

تتواصل الحكايات ومعها تمتد الرحلة إلى النمسا حيث يبدأ فصل جديد من حكايات الأب الذي يصبح الغائب الحاضر طوال الوقت. وفي النمسا تتجلى الحقائق أمام هاني فيدرك كيف اختار أن يوصد الباب بمحض إرادته بينه وبين أبيه قانعا بما رآه منه في طفولته من جمود ورسخته دموع أمه وآلامها ولم يحاول عبور الجسور التي مدها إليه الأب على مدى السنوات.

ومن النمسا يعود هاني إلى مصر حيث يسافر إلى واحة سيوة التي اختارها الأب محطة أخيرة له في الدنيا فعاش سنواته الأخيرة ودُفن هناك.

في سيوة يتعرف هاني على نماذج جديدة من الناس لم يخالطهم سابقا لكنهم تضيفون الفصل المتبقي من الحكاية، لتكتمل الصورة التي رسمها الأب منذ بداية الرحلة ويعثر الابن على الحلقة المفقودة في علاقته بأبيه.

جاءت الرواية الصادرة عن مكتبة الدار العربية للكتاب في 221 صفحة من القطع الصغير وهي الرابعة للقرملاوي الذي فاز في وقت سابق من العام بجائزة الشيخ زايد للكتاب. وهي وإن كانت رواية اجتماعية في المقام الأول فإنها لا تبعد كثيرا عن أدب الرحلات حيث يسهب المؤلف في سرد تفاصيل المدن والبلاد وطبيعتها وطبيعة الشعوب وعاداتها.

وبعد رحلة موغلة في الإنسانية وثرية في شخصياتها ومتفردة في تفاصيلها الجغرافية يدرك بطل الرواية والقارئ معا أن الكنز الحقيقي يكمن في الرحلة ذاتها وليس في أي شيء ثمين لاح في البداية. رويترز