ما يطلبه العراقيون والعراقيات من البابا فرانسيس

في زيارة غير مسبوقة لأربعة أيام ابتداءً من يوم الجمعة 05 / 03 / 2021 إلى العراق -أرض النبي إبراهيم- يزور البابا الموصل -معقل داعش سابقا- وَمدينة أور -مسقط رأس النبي إبراهيم- والمرجع الشيعي علي السيستاني والنجف الأشرف -مرقد الإمام علي- ومسيحيي العراق ومسلميه -سنةً وشيعةً- والإيزيديين والصابئة.

لائحة طلبات من العراقيين إلى البابا عبر مواقع التواصل الاجتماعي: ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق وسم "اطلب من البابا" قبيل زيارة البابا فرنسيس التاريخية إلى البلاد المقررة الجمعة 05 / 03 / 2021 يسعى من خلالها العراقيون في بلد تنهشه الحرب والنزاعات السياسية منذ 40 عاماً إلى لفت الأنظار لمشاكلهم.

وتحدّث العراقيون عبر موقعي تويتر وفيسبوك عن معاناتهم اليومية مع تدهور الخدمات الصحية وتراجع الخدمات العامة والطرقات السيئة، رغم ترحيبهم بتنظيف وترميم بعض الطرقات والمواقع للمرة الأولى منذ عقود استعداداً لاستقبال البابا.

وكتبت ليال القدسي على فيسبوك "أطلب من البابا أن يزور المستشفيات ليرى حمّاماتها وقاعات العمليات فيها، ربما يقومون بتنظيفها لهذا السبب".

من جهته، كتب حسين حبيب "أطلب من البابا أن يذهب بالسيارة على الطريق السريع الذي يصل بغداد بالموصل، ربما هكذا يقومون بتصليحها".

 

غدا سأتوجّه إلى العراق في رحلة حج لمدة ثلاثة أيام. لقد كنت أرغب منذ فترة طويلة في لقاء هذا الشعب الذين عانى كثيرًا. أسألكم أن ترافقوا هذه الزيارة الرسولية بالصلاة لكي تتم بأفضل طريقة ممكنة وتحمل الثمار المرجوة.

— البابا فرنسيس (@Pontifex_ar) March 4, 2021

 

وقال ناشط آخر على الإنترنت "أطلب من البابا أن يذهب في زيارة مفاجئة إلى مكان ما، وهكذا يرى الواقع".

طلب ناشط آخر هو منتظر مهند من البابا "فتوى"، على غرار الفتاوى الإسلامية في بلد تبلغ نسبة المسلمين فيه 97%.

وردّ ناشط آخر على تلك الطلبات بالقول "أصدقائي، البابا شخصية دينية، ليس مثل رجال الدين في بلادنا الذين هم عبارة عن شركات وأحزاب سياسية ومليشيات"، في بلد لغالبية الأحزاب فيه طابع طائفي أو مسلّح.

وأواخر عام 2019، شهد العراق انتفاضة غير مسبوقة لعدة أشهر قادها ناشطون شباب خصوصاً، احتجاجاً على الفساد في العراق وسطوة المجموعات المسلحة على السياسة وعجز السياسيين الذين لا يفون بوعودهم الانتخابية بالإصلاح.

وندد حينها البابا الأرجنتيني بالقمع الدموي للمتظاهرين الذين قُتل عدد كبير منهم.

من جهته، لا يريد أحمد المالكي إصلاحات، بل له حلم واحد كما كتب على تويتر "أطلب من البابا أخذي معه إلى الفاتيكان حتى أهرب من هنا".

 

 

بابا الفاتيكان ملتزم بزيارته للعراق رغم الهجمات الأخيرة

وأكد بابا الفاتيكان فرنسيس الأول أنه ملتزم بالقيام برحلته المقررة للعراق رغم الوضع الأمني المتوتر في البلاد.

وأكد البابا خطط سفره خلال المقابلة العامة الاعتيادية في الفاتيكان.

وقال البابا فرنسيس (84 عاما) إنه في ظل رغبته منذ فترة طويلة لمقابلة الناس في العراق، والإقرار بمعاناتهم، فهو لا يريد أن يخيب آمالهم. وفي وقت سابق يوم الأربعاء، سقطت صواريخ على قاعدة جوية تستخدمها القوات الدولية في غرب العراق.

وتبدأ زيارة البابا فرنسيس للعراق بعد الجمعة 05 / 03 / 2021 وتستمر حتى يوم الإثنين 08 / 03 / 2021 والتي وصفها البابا بأنها "زيارة مقدسة". ويعتزم البابا إجراء محادثات في العاصمة بغداد، ضمن أمور أخرى.

وقال البابا: "انتظر الشعب العراقي بالفعل (البابا) يوحنا بولس الثاني (الراحل)، الذي كان ممنوعا من السفر. لا يمكن للمرء أن يخيب آمال شعب للمرة الثانية".

البابا فرنسيس: ذاهب للعراق لأنه لا يمكن خذل الناس

وقال البابا فرنسيس يوم الأربعاء 3 مارس آذار 2021 إنه ذاهب إلى العراق، الذي لم يتمكن البابا الراحل يوحنا بولس من التوجه إليه عام 2000، لأنه "لا يمكن خذل الناس مرة ثانية".

وناشد البابا فرنسيس، المقرر أن يتوجه للعراق يوم الجمعة، الدعاء والصلاة حتى تتم الزيارة "بأفضل طريقة ممكنة وتحقق الثمار المرجوة".

ولم يتطرق البابا إلى المشاكل الأمنية في العراق، حيث سقط ما لا يقل عن عشرة صواريخ في يوم الأربعاء نفسه على قاعدة جوية تستضيف قوات أمريكية وعراقية وأخرى تابعة للتحالف الدولي.

واضطر البابا يوحنا بولس لإلغاء رحلة كانت مقررة للعراق عام 2000 بعد انهيار محادثات مع حكومة الرئيس، في ذلك الوقت، صدام حسين.

وقال البابا فرنسيس "منذ فترة وأنا أرغب في لقاء هذا الشعب الذي عانى الكثير".

وعانت الأقلية المسيحية في العراق من ويلات الحروب وقمع مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. ويزور البابا مدينة الموصل المعقل السابق لتنظيم الدولة الإسلامية حيث ما زال على الكنائس آثار الصراع.

وقال البابا "شعب العراق في انتظارنا. كان في انتظار البابا يوحنا بولس الثاني، الذي لم يُسمح له بالذهاب. لا يمكن خذل الشعب للمرة الثانية. فلندعو من أجل أن تسير الرحلة على ما يرام".

ويزور البابا كذلك مدينة أور مسقط رأس النبي إبراهيم ويجتمع مع آية الله العظمي علي السيستاني المرجعية العليا لشيعة العراق.

وقال "على أرض إبراهيم، ومع زعماء دينيين آخرين، سنتخذ خطوة أخرى باتجاه الأخوة بين المؤمنين".

والسيستاني من أبرز الشخصيات الشيعية سواء داخل العراق أو خارجه.

ويقوم عشرة آلاف من أفراد الأمن بحماية البابا المرجح أن يتحرك بسيارات مصفحة.

وتقلص بشدة عدد من يلتقون به شخصيا بسبب القيود المفروضة للحد من تفشي فيروس كورونا.

البابا فرنسيس يؤكد أنه سيقوم بزيارته إلى العراق رغم الهجوم الصاروخي

وصرح البابا فرنسيس الأربعاء 03 / 03 / 2021 أنه ما زال مصمما على القيام بزيارته التاريخية للعراق ظلت مقررة حتى بعد يومين من هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية تضم قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة.

 

جانب من مظاهرات العراق - بغداد.
البابا استمر في متابعة الوضع في العراق عن كثب: أدان البابا قتل المتظاهرين العزل خلال حركة مناهضة للحكومة واسعة النطاق اندلعت في العام 2019. وفي عام 2014 حين سيطر جهاديو تنظيم الدولة الإسلامية على نينوى واجتاحوا بلدات مسيحية وخيروا سكانها بين اعتناق الإسلام أو الموت. في ذلك الوقت، أيد البابا فرنسيس استخدام القوة لوقف انتشار تنظيم الدولة الإسلامية ودرس إمكان السفر إلى شمال العراق للوقوف إلى جانب الأقلية المسيحية. لكن لم تتحقق تلك الرحلة. وكان البابا يوحنا بولس الثاني خطط لزيارة العراق في العام 2000، لكن صدام حسين ألغى الرحلة فجأةً. وبعد ذلك، لم يقم خلفه البابا بنديكتوس (بندكت) السادس عشر بأي مبادرة تجاه بغداد.

 

وقال البابا (84 عاما) في عظته الأسبوعية "بعد غد إن شاء الله سأذهب إلى العراق في زيارة حج لثلاثة أيام"، مؤكدا "أردت منذ وقت طويل لقاء هذا الشعب الذي عانى كثيرا".

ودعا البابا المؤمنين إلى الصلاة من أجل هذه الرحلة الأولى لحبر أعظم إلى العراق يأمل من خلالها تشجيع المسيحيين الذين يتراجع عددهم على البقاء في بلدهم وتعزيز تواصله مع الإسلام.

وقال البابا "أطلب منكم أن ترافقوا هذه الرحلة الرسولية بصلواتكم حتى تتم بأفضل طريقة ممكنة وتؤدي إلى النتائج المرجوة".

وأضاف أن "الشعب العراقي ينتظرنا وكان ينتظر يوحنا بولس الثاني الذي كان ممنوعا من السفر إلى هناك. لا يمكن أن نخيب أمل شعب للمرة الثانية. لنصلِّ من أجل أن تنجح هذه الرحلة".

وكانت مصادر أمنية ذكرت أن عشرة صواريخ على الأقل استهدفت الأربعاء قاعدة عين الأسد التي تضم قوات أميركية في الأنبار بغرب العراق. وعلى الإثر توفي مقاول مدني جراء نوبة قلبية.

وجاء الهجوم على القاعدة الكبيرة في الصحراء بغرب العراق بعد أسابيع من التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران على الأراضي العراقية.

وكان متحدث باسم البابا فرنسيس صرح الثلاثاء أن الحبر الأعظم سيتنقل بسيارة مصفحة ولن يلتقي بالحشود.

وقال المتحدث ماتيو بروناي "هذا وضع خاص لذلك ستكون كل وسائل النقل في آلية مغلقة ما يعني أنه سيكون من الصعب رؤية البابا في الشوارع". وأضاف "سيكون هناك عدد من الاجتماعات ولكن لن يكون هناك أكثر من بضع مئات من الأشخاص".لقاء البابا والسيستاني محطة أساسية في زيارة الحبر الأعظم إلى العراق

ويعقد البابا فرنسيس خلال زيارته التاريخية إلى العراق، لقاء يرتدي طابعا رمزيا كبيرا السبت 06 / 03 / 2021 مع المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني، في خطوة تتماهى مع هدفه تعميق الحوار الأخوي مع شخصيات إسلامية مهمة.

ويزور البابا الأرجنتيني البالغ من العمر 84 عاماً، مدينة النجف الأشرف التي تضم مرقد أول أئمة الشيعة علي بن أبي طالب.

ويكون في استقباله في هذه المدينة المقدسة التي تشكل مركزا للحوزة العلمية الشيعية وتعدّ من أبرز المواقع الروحية عند الشيعة في العالم، السيستاني البالغ من العمر تسعين عاما والذي نادرا ما يظهر في العلن رغم أهميته الروحية والدينية.

ويشكل اللقاء المباشر الذي يجمع الرجلين حدثا مفصليا بالنسبة للمسلمين في العراق الذين يشكل الشيعة ستين بالمئة منهم والسنة 37 بالمئة.

 

زيارة أخي البابا فرنسيس @Pontifex_ar التاريخية والشجاعة للعراق العزيز تحمل رسالة سلام وتضامن ودعم لكل الشعب العراقي. أدعو الله له بالتوفيق، وأن تحقق هذه الرحلة الثمرات المأمولة على طريق الأخوة الإنسانية.

— أحمد الطيب (@alimamaltayeb) March 5, 2021

 

ويفضّل البابا الأرجنتيني غالبا اللقاءات المباشرة التي تشكل رمزا للتسامح والسلام، بعيدا عن الخوض في التفاصيل اللاهوتية كما سلفه بنديكتوس (بِنِديكت) السادس عشر.

وكان الحبر الأعظم السابق الذي استقال قبل ثماني سنوات، تسبب بسنوات من الفتور مع المسلمين بعدما اقتبس في 2006 عبارة من إمبراطور بيزنطي من القرن الرابع عشر انتقادات "لأمور سيئة وغير إنسانية" أنتجها النبي محمد، بحسب تعبيره.

وبعيدا عن مسار سلفه، وقع البابا فرنسيس قبل عامين في أول زيارة بابوية لشبه الجزيرة العربية، وثيقة "أخوة إنسانية ضد التطرف" مع إمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب الشخصية ذات الثقل الروحي داخل مصر وخارجها.

وما زالت صورة الزعيم الروحي لـ1,3 مليار كاثوليكي وهو يقبّل في أبوظبي إماما سنيا، أمام ممثلين عن جميع الطوائف ماثلة في الأذهان.

ويشكل السنة تسعين بالمئة من مسلمي العالم، بينما يشكل الشيعة عشرة بالمئة يتركز معظمهم في العراق وإيران. لذلك يمد البابا بزيارته للنجف يده إلى المذهب الإسلامي الكبير الآخر.

تقول الباحثة مرسين الشمري من معهد "بروكينغز" إنه "بالفعل حدث غير مسبوق". وتشير إلى أن حوزة النجف الأشرف دخلت في حوار بين الأديان في أعقاب الغزو الأميركي في 2003 وخلال مرحلة الاقتتال الطائفي في العراق بين 2006 وَ 2008.

ولطالما كرر السيستاني أنه لا يجوز أن يقتل المسلمون بعضهم بعضا. وفي 2014 عندما بدأ تنظيم الدولة الإسلامية بالاقتراب من حدود العاصمة بغداد، دعا العراقيين إلى أن يحملوا السلاح لدحر الجهاديين.

 

 

من جهتها، ترى المحللة السياسية الفرنسية المتخصصة بالشرق الأوسط ميريام بن رعد أن "زيارة البابا تشكل رسالة سياسية قوية لشخصية تركز تركيزا شديدا على الدفاع عن العراقيين".

ويجسد السيستاني واحدا من أبرز تيارين شيعيين حاليين في العالم. فهو يمثّل مرجعية النجف التي تؤيد أن يكون دور المرجعية استشاريا للسياسيين وليس مُقرّرا، على عكس مرجعية قم في إيران التي تؤكد أنه يجب أن يكون لرجال الدين دورا في إعطاء توجيهات سياسية على غرار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

ويرى الراهب أمير ججي التابع للرهبنة الدومينيكانية والناشط في الحوار بين الأديان أن "الشيعة في العراق يريدون أن يدعمهم الفاتيكان والغرب ضد تأثير إيران، التي تريد الهيمنة على النجف".

ومنذ الإعلان عن زيارة البابا، ينشط المسؤولون الدينيون للطائفة الشيعية في العراق في جعل زيارة البابا للنجف محطة أكيدة.

وحتى هذا الوقت لم يؤكد بطريرك الكلدان أكبر أقلية كاثوليكية في العراق، لويس ساكو ما إذا كان سيُجرى توقيع مشترك على وثيقة بين السيستاني والبابا على غرار وثيقة أبوظبي، وهو ما لم تعلن عنه بغداد أيضاً.

ويولي البابا فرنسيس أهمية كبرى لوثيقة أبوظبي، وذكر مقتطفات منها في رسالته البابوية الثالثة "رسالة إلى جميع الأخوة والأخوات".

تدعو وثيقة أبوظبي إلى حرية المعتقد والتعبير وإلى منح "الأقليات" حقوق مواطنة تامة. غير أنها لا تشير إلى الحق في الإلحاد أو تغيير الدين، مساويةً بين "التطرف الإلحادي واللاديني" و"التشدد والتعصب الأعمى".

ويرى دان دريول نائب مدير المعهد الدومينيكاني للدراسات المشرقية في القاهرة أن "النص الذي أعده مصريان، قوي جداً من الناحية الرمزية لكن مضمونه يبقي الأبواب مفتوحة".

وأشار إلى أن النص "لا يتناول إلا نقاطا مشتركة. فعندما يدعم الأزهر الحرية الدينية، فهذا يعني أن المسيحيين يستطيعون حضور القداديس"، لكن "الإلحاد يبقى أمراً لا يمكن تصوره في العالم العربي الإسلامي".

يتفادى البابا ومبعوثوه من جهتهم المواضيع التي قد تثير حساسية. ففي أبوظبي، قال البابا إن الحرية الدينية "لا تقتصر فقط على حرية العبادة".

يوضح الكاردينال ليوناردو ساندري الذي يرأس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان أن "الحرية الدينية المثالية تعني أيضا أنه يمكن للفرد أن يعتنق دينا آخر، كما العديد من أشقائنا الكاثوليك الذين اعتنقوا الإسلام أو البوذية"، لكنه ألمح أيضاً إلى أن المسألة لا تزال من المحرمات.

وهو يؤمن بالخطوات الصغيرة التي يمكن أن تتحقق من خلال حوار مع "إسلام منفتح"، مضيفاً أن "الأمر يحتاج لوقت لكنه ممكن".

مسيحيو العراق: بابا الفاتيكان سوف "يجلب السلام" للبلاد

ورغم الزيادة في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في العراق، والقيود الجديدة المفروضة على حرية التنقل، تسود البلاد روح معنوية مرتفعة مع اقتراب وصول بابا الفاتيكان فرنسيس الأول إلى بغداد الجمعة 05 / 03 / 2021 في أول زيارة له للعراق.

وشهدت الاستعدادات للزيارة البابوية، على مدار أشهر، طلاء جدران الكنائس -التي غشاها اللون الأسود ذات يوم جراء هجمات تنظيم داعش- وتزيينها ورصف الطرق ورفع الأعلام البابوية.

ومن المقرر أن يتنقل البابا في أنحاء العراق للقاء مسيحيي البلاد، وشخصيات سياسية ودينية. ويشمل ذلك لقاء في مدينة النجف مع الزعيم الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني.

وقال البابا لوكالة "كاثوليك نيوز" الإخبارية الشهر الماضي فبراير / شباط 2021: "سوف يرون البابا موجودا في بلادهم ... إنني راعي الناس الذين يعانون".

ويأمل يحيى ورتان حكين (28 عاما) المولود في بغداد، أن تمهد الزيارة الطريق لعراق أكثر سلاما، وهو أمل يراود كثيرا من المسيحيين في البلاد.

وقال حكين: "البابا رجل سلام، وسوف يجلب السلام إلى البلاد والمنطقة وسوف يباركنا في صلاته".

ومن المقرر خلال الزيارة التي تستمر أربعة أيام، أن يذهب البابا إلى سهول نينوى، حيث قُتل الآلاف، ونزح مئات الآلاف في عام 2014، بسبب تنظيم داعش المتطرف.

ومر سبعة أعوام منذ ذلك الحين، ولم يعد الكثير منهم به إلى ديارهم.

وقال بشار وردة، رئيس أساقفة أربيل في إقليم كردستان العراق: "دُمِّرتْ بعض المنازل تماما".

وأضاف: "نحن شعب يؤمن بالأمل ... ولكن التمتع بحياة كريمة دائما ما يمثل تحديا كبيرا لنا".

ويزور البابا فرنسيس مدينة الموصل، عاصمة محافظة نينوى، قبل أن يتوجه إلى بلدة قرقوش المسيحية، شمالي العراق. وكانت قرقوش، التي تقع على مسافة حوالي 30 كيلومترا شرق الموصل، موطنا لمجتمع مسيحي كبير حتى دمرت هجمات داعش المكان وأجبرت الناس على الفرار.

ورغم ذلك، يرى البعض أن الزيارة جاءت متأخرة بعض الوقت.

كان نورس صباح ويليام (28 عاما) ضمن 60 من الناجين من هجوم وقع في عام 2010 على كنيسة سيدة النجاة في العاصمة بغداد، حيث قتل 58 شخصا على يد مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة، في واحدة من أسوأ المذابح التي تعرض لها

مسيحيو العراق. ومنذ ذلك الحين، كان ويليام يأمل في زيارة بابوية.

والكنيسة إحدى محطات توقف البابا في أول أيام زيارته للعراق.

وقال ويليام لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): "مر 11 عاما على الحادث، نقدر الزيارة، لكنها متأخرة بعض الشيء".

وتراجع عدد المسيحيين في العراق بشكل كبير، من أكثر من مليون إلى ما يقدر بـ 250 ألفا، بعد سنوات من الحرب والاضطهاد الديني والتدهور الاقتصادي الحاد.

وقال رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، الكاردينال العراقي لويس رافائيل ساكو، لوكالة الأنباء الألمانية: "إنها لحظة صعبة للغاية. سوف تكون زيارة البابا ذات مغزى بسبب الوضع الذي نحن فيه... لا نعيش وضعا طبيعيا، ولذلك، فنحن متأثرون كثيرا بهذه الزيارة".

وكان وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي حسن ناظم قد وصف الزيارة المرتقبة لبابا الفاتيكان بأنها محطة لحوار الأديان في مدينة أور التاريخية، مؤكدا أنها ستكون فرصة للقاء الأديان العراقية هناك من مسلمين ومسيحيين وصابئة مندائيين وأيزيديين.

وقال الوزير للصحفيين هذا الأسبوع:"سوف يحل قداسة البابا فرنسيس في بغداد في الخامس من الشهر الجاري، وستكون له لقاءات مع النخب السياسية والاجتماعية وأرباب الحوار ورجال الدين وناشطي المجتمع المدني، وسيكون له حضور منتظر في مدينة أور الأثرية بمحافظة ذي قار".

 

أحمد الطيب شيخ الأزهر
أول زيارة بابوية لشبه الجزيرة العربية: وقع البابا فرنسيس قبل عامين من عام 2021 في أول زيارة بابوية لشبه الجزيرة العربية، وثيقة "أخوة إنسانية ضد التطرف" مع إمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب الشخصية ذات الثقل الروحي داخل مصر وخارجها. تدعو وثيقة أبوظبي إلى حرية المعتقد والتعبير وإلى منح "الأقليات" حقوق مواطنة تامة. غير أنها لا تشير إلى الحق في الإلحاد أو تغيير الدين، مساويةً بين "التطرف الإلحادي واللاديني" و"التشدد والتعصب الأعمى". يتفادى البابا ومبعوثوه من جهتهم المواضيع التي قد تثير حساسية. ففي أبوظبي، قال البابا إن الحرية الدينية "لا تقتصر فقط على حرية العبادة". وما زالت صورة الزعيم الروحي لـ1,3 مليار كاثوليكي وهو يقبّل في أبوظبي إماما سنيا، أمام ممثلين عن جميع الطوائف ماثلة في الأذهان. ويشكل السنة تسعين بالمئة من مسلمي العالم، بينما يشكل الشيعة عشرة بالمئة يتركز معظمهم في العراق وإيران. لذلك يمد البابا بزيارته للنجف يده إلى المذهب الإسلامي الكبير الآخر.

 

وأعلنت العمليات المشتركة في العراق يوم 24 شباط/فبراير 2021 عن وضع خطة لتأمين زيارة بابا الفاتيكان. ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن الناطق باسم العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي قوله إن "قيادة العمليات المشتركة بالتعاون مع مكتب القائد العام، باشرت بوضع خطة لزيارة بابا الفاتيكان"، مبينا أن "الخطة تتضمن جدول الزيارات والتنقل والإعلام".

وأضاف المتحدث: "زيارة بابا الفاتيكان مهمة للعراقيين ودليل على نشر المحبة والسلام والانتصار على الإرهاب وستنقل صورة مهمة إلى العالم الخارجي"، مشيرا إلى أن "القيادات المسلحة والعمليات المشتركة باشرت بعمليات استباقية وستقوم بعمليات أخرى قبل وأثناء الزيارة".

وقام وفد من الفاتيكان بزيارات ميدانية لمحافظتي النجف وذي قار الشهر الماضي فبراير / شباط 2021، تمهيدا لزيارة البابا، ولوضع برنامج متكامل لزيارة المدينتين.

ومن المقرر إقامة قداس كبير في بغداد ونينوى وإقليم كردستان خلال الزيارة التاريخية.

القساوسة يقودون صحوة دينية في بلدة قراقوش العراقية التي تستقبل البابا

عندما تقدم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في شمال العراق عام 2014 سقط ابن مازن شميس ذو الأعوام التسعة قتيلا بقذيفة مورتر. واضطرت الأسرة لدفنه بسرعة قبل أن تفر من المنطقة في الليلة نفسها مع آلاف من أسر مسيحية أخرى.

وبعد خمس سنوات، عاد المزارع مازن (47 عاما) إلى بلدة قراقوش ضمن موجة من العائدين بدعم من القيادات الكنسية لتدب الحياة من جديد في شوارعها الخالية ويعاد بناء البيوت التي هجرها أصحابها بعد

أن أصبحت أطلالا على أيدي المسلحين المتطرفين وبفعل الاشتباكات التي أدت إلى إخراجهم منها.

قال مازن وهو يقف في حديقته التي بدأت أشجار صغيرة تنمو فيها "هذه أرضنا. لا يمكن ببساطة أن نتخلى عنها ونهجرها".

وقد عاد حوالي نصف سكان الجيب المسيحي في قراقوش منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية عام 2017 في بارقة أمل نادرة للطائفة التي روعها انزلاق العراق إلى العنف الطائفي بعد الغزو الأمريكي عام 2003.

وبعد أن كان عدد السكان المسيحيين في العراق 1.5 مليون نسمة قبل حوالي 20 عاما انخفض العدد إلى 300 ألف نسمة الآن ويريد كثيرون منهم الرحيل لأنهم لا يرون أي آفاق لهم في العراق حيث تمثل فصائل شيعية وخلايا نائمة من المتطرفين تهديدا لهم.

ويزور البابا فرنسيس يوم الأحد 07 / 03 / 2021 كنيسة الطاهرة الكبرى في المدينة، وهي أكبر كنائس العراق، في إطار جولة تستمر أربعة أيام تهدف لرفع الروح المعنوية وتسليط الضوء على الصعوبات التي تواجهها بعض الطوائف المسيحية.

وتمثل رحلة البابا مصدر اعتزاز كبير لرجال الدين من الطائفة الكاثوليكية الذين قادوا أعمال إعادة البناء وساعدوا الأسر على العودة للبلدة القريبة من الموصل التي كانت العاصمة الفعلية لتنظيم الدولة الإسلامية.

وقال الأب عمار ياكو القس الكاثوليكي السرياني الذي يشرف على تجديد كنيسة الطاهرة الكبرى في قراقوش منذ 2019 "نحاول أن نبذل أقصى ما في استطاعتنا ... لكن الرب هو من يقرر ما سيحدث لنا".

إعادة بناء وإحياء

كان رجال الدين بين أوائل من عادوا إلى البلدة وهي المركز الرئيسي في قضاء الحمدانية بعد تحريرها من الدولة الإسلامية.

دخل الأب عمار البلدة مع قوات الأمن عقب استرداد السيطرة عليها وصدمه هول ما شاهده من دمار.

وقال "احترق أكثر من 2000 بيت". وتعرضت بيوت أخرى للدمار في الغارات الجوية على المتشددين. ولم يكن بالبلدة مياه أو كهرباء.

كان المتطرفون قد انتهكوا حرمة كنيسة الطاهرة الكبرى كما تعرضت للدمار في حريق. غير أن الأب عمار يشعر بالامتنان لأن بنيانها لا يزال قائما. وقال "بدأت أفكر أننا ربما نتمكن من إعادة بنائها".

ووضعت قيادات كنسية محلية من طوائف مختلفة خطة لتشجيع الأسر على العودة إلى البلدة التي يعيش فيها 50 ألف شخص وجمعت أموالا معظمها من منظمات مسيحية أجنبية غير حكومية.

وقال يوحنا بطرس موشى رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك "قررنا أن نبدأ بإعادة بناء البيوت حتى يتمكن الناس من العودة"، مضيفا أن الكنائس تأتي في مرحلة لاحقة. وتم تكليف الأب جورج جاهولا بهذه المهمة.

وبفريق قوامه 20 فردا تقريبا، بدأ الأب جورج يرسم خريطة للمدينة ويقدر الأضرار ويخصص الأموال لدعم الأسر التي بدأت تعود على استحياء. وتم ترميم أكثر من نصف البيوت التي لحقت بها أضرار.

غير أن أموال إعادة البناء نضبت مما حال بين الأب جورج وبين استكمال المهمة. ولا يزال حوالي 2000 بيت في المدينة خالية وتعارض القيادات المسيحية فكرة السماح لعراقيين من مناطق أخرى بالانتقال إليها.

قال الأب جورج في تفسير ذلك وهو يدقق في خريطة توضح الجيب المسيحي في قراقوش وحوله أراضٍ لطوائف دينية أخرى يشعر السكان المحليون أنها قد تهدد هوية البلدة "إذا خسرنا أرضنا فسنخسر هويتنا".

ويأمل الأب عمار أن يتمكن المصلون قريبا من أداء الصلوات بانتظام في كنيسة الطاهرة الكبرى وهي مبنى من الحجارة الرمادية والصفراء له سطح أحمر يميزه عن بقية المنازل المحيطة به.

وفي الآونة الأخيرة، عمل متطوعون على تنظيف المبنى وتزيينه قبل زيارة البابا. وترك المتطوعون آثار الحريق داخل المبنى دون أن يمسوها لتظل تذكارا على هشاشة وضع الطائفة المسيحية في العراق.

البابا فرنسيس في زيارة غير مسبوقة للعراق

ويصل البابا فرنسيس إلى العراق الجمعة 05 / 03 / 2021 في أول زيارة بابوية على الإطلاق إلى هذا البلد، بهدف تشجيع المسيحيين الذين تعود جذورهم في هذا البلد إلى التاريخ على الصمود رغم تراجع أعدادهم، وتعزيز تواصله مع المسلمين.

ومن أبرز محطات زيارة البابا لقاء يجمعه مع المرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني في النجف.

وتأتي الزيارة غير المسبوقة في وقت حرج بالنسبة للعراق الذي يشهد تجددا للعنف مع إطلاق صواريخ واحتجاجات مناهضة للحكومة، وسط موجة ثانية من الإصابات بفيروس كورونا. ويحقق البابا بزيارته هذه حلما لطالما راود البابا الأسبق يوحنا بولس الثاني.

وكشفت مصادر مسؤولة لوكالة فرانس برس الأحد 28 / 03 / 2021 سفير الفاتيكان في بغداد المونسنيور ميتيا ليسكوفار أصيب بفيروس كورونا من دون أن "يكون لذلك تأثير" على زيارة البابا فرنسيس الجمعة.

وأدت سنوات من العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق الذين يعتبرون من أقدم الجماعات المسيحية في العالم، من 1,5 مليونا في 2003 إلى 400 ألف فقط اليوم.

وينوي البابا فرنسيس البالغ 84 عامًا في أول زيارة له إلى الخارج منذ انتشار الجائحة، توجيه رسالة تضامن ليس للمسيحيين فقط بل لجميع سكان العراق البالغ عددهم 40 مليون نسمة، مع برنامج حافل بالمحطات في أرجاء البلاد.

ومن شوارع بغداد الرئيسية وصولا إلى مدينة النجف الشيعية، رفعت من الآن لافتات تحمل صوره مرفقة بعبارات ترحب بمجيئه.

من مدينة أور الجنوبية إلى البلدات المسيحية المدمرة في الشمال، يجري تعبيد الطرقات وإعادة تأهيل الكنائس في المناطق النائية التي لم تشهد زائرا بهذه الأهمية من قبل.

وقال نجيب ميخائيل رئيس أساقفة أبرشية الموصل وعقرة للكلدان لوكالة فرانس برس إن "رسالة البابا هي أن الكنيسة تقف إلى جانب الذين يعانون".

وقال ميخائيل "سيقول كلمات قوية للعراق حيث ارتكبت جرائم ضد الإنسانية".

يشكل مسيحيو العراق إحدى أقدم الجماعات المسيحية في العالم وأكثرها تنوعًا، مع الكلدان والأرمن الأرثوذكس والبروتستانت وطوائف أخرى.

وفي عام 2003، عندما أطاح الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة بصدام حسين، كان المسيحيون يشكلون حوالى ستة بالمائة من سكان العراق البالغ عددهم حينها 25 مليون نسمة.

وقال وليام وردة أحد مؤسسي منظمة حمورابي لحقوق الإنسان، إنه مع تزايد عدد السكان وهجرة الأقليات هربًا من العنف الطائفي، تقلصت نسبة المسيحيين إلى واحد بالمائة فقط.

ويتركز معظمهم في محافظة نينوى في شمال العراق حيث لا يزال كثيرون منهم يتحدثون الآرامية، لغة السيد المسيح.

وفي عام 2014، سيطر جهاديو تنظيم الدولة الإسلامية على نينوى واجتاحوا بلدات مسيحية وخيروا سكانها بين اعتناق الإسلام أو الموت.

في ذلك الوقت، أيد البابا فرنسيس استخدام القوة لوقف انتشار تنظيم الدولة الإسلامية ودرس إمكان السفر إلى شمال العراق للوقوف إلى جانب الأقلية المسيحية.

لم تتحقق تلك الرحلة، لكن البابا استمر في متابعة الوضع في العراق عن كثب وأدان قتل المتظاهرين العزل خلال حركة مناهضة للحكومة واسعة النطاق اندلعت في العام 2019.

كان البابا يوحنا بولس الثاني خطط لزيارة العراق في العام 2000، لكن صدام حسين ألغى الرحلة فجأةً. وبعد ذلك، لم يقم خلفه البابا بنديكتوس (بندكت) السادس عشر بأي مبادرة تجاه بغداد.

وقال البابا السابق بنديكتوس السادس عشر المقيم في دير في الفاتيكان منذ استقالته، إن هذه الزيارة "في غاية الأهمية" لكنها "خطيرة أيضا لأسباب أمنية وبسبب تفشي فيروس كورونا".

وبعيد انتخاب البابا فرنسيس في عام 2013 حثه الأب لويس ساكو الذي عينه البابا لاحقًا كاردينالا ورئيسا للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، على زيارة العراق. وساكو هو الآن المنظم الرئيسي للزيارة.

في عام 2019، وجه إليه الرئيس العراقي برهم صالح دعوة رسمية، على أمل أن تساعد الزيارة العراق على "التعافي" بعد سنوات من العنف.

لكن مع تفشي وباء كوفيد -19 العالمي الذي أصاب إيطاليا بالصميم، ألغى البابا جميع رحلاته الخارجية اعتبارا من حزيران/يونيو 2020.

ويصل البابا صباح الجمعة إلى بغداد، مع فريقه الأمني ومجموعة من 75 صحافيًا دوليا تلقوا جميعا اللقاح مثل البابا.

وقبل أيام من الزيارة، أصيب سفير الفاتيكان في العراق بفيروس كورونا إلا أن المسؤولين شددوا على أن ذلك لن يكون له "أي أثر" على الزيارة.

 

 البابا الأرجنتيني فرانسيس الأول (يمين) و سلفه الألماني بنديكتوس (بِنِديكت) السادس عشر.
تسامح وسلام: يفضّل البابا الأرجنتيني فرانسيس الأول غالبا اللقاءات المباشرة التي تشكل رمزا للتسامح والسلام، بعيدا عن الخوض في التفاصيل اللاهوتية كما سلفه بنديكتوس (بِنِديكت) السادس عشر. وكان الحبر الأعظم السابق الألماني بِنِديكت الذي استقال قبل ثماني سنوات من عام 2021، تسبب بسنوات من الفتور مع المسلمين بعدما اقتبس في 2006 عبارة من إمبراطور بيزنطي من القرن الرابع عشر انتقادات "لأمور سيئة وغير إنسانية" أنتجها النبي محمد، بحسب تعبيره. في الصورة البابا الأرجنتيني فرانسيس الأول (يمين) و سلفه الألماني بنديكتوس (بِنِديكت) السادس عشر، عام 2014.

 

ورغم الجائحة يعتزم البابا إقامة قداديس في بغداد وإربيل عاصمة إقليم كردستان ومدينة أور الأثرية، مسقط رأس النبي ابراهيم.

وتسجل في العراق راهنا حوالى أربعة آلاف إصابة جديدة في اليوم وفرضت السلطات حظر تجول ليليا وإغلاقا تاما في عطلة نهاية الأسبوع ستمدد لتشمل فترة الزيارة بالكامل.

وسيفرض التباعد الاجتماعي خلال كل القداديس وينبغي على الراغبين في الحضور أن يسجلوا أسماءهم قبل عدة أسابيع للحصول على التذاكر.

والبابا فرنسيس مؤيد بشدة للحوار بين الأديان وزار الكثير من البلدان ذات الغالبية المسلمة، منها بنغلادش في عام 2017 وتركيا في عام 2018 والمغرب والإمارات العربية المتحدة في عام 2019.

في أبو ظبي، التقى إمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب المرجع السني الكبير للتوقيع على وثيقة تشجع على مزيد من الحوار بين المسيحيين والمسلمين.

ويأمل البابا فرنسيس أن تفتح رحلته إلى العراق بابًا مماثلاً مع المسلمين الشيعة البالغ عددهم نحو 200 مليون في جميع أنحاء العالم ويشكلون غالبية سكان العراق.

وفي إطار هذا الجهد، يلتقي آية الله العظمى علي السيستاني في منزله المتواضع في النجف. وقال ساكو لوكالة فرانس برس في كانون الثاني/يناير 2021 إن البابا يأمل في أن يؤيد السيستاني رسالة "أبو ظبي" التي وقعها الطيب، إلا أن مصادر دينية في النجف نفت بشدة أن يوقع السيستاني على أي وثيقة.

مع ذلك، فإن اللقاء من أبرز محطات هذه الرحلة الاستثنائية.

وقال محافظ النجف لؤي الياسري "إنها زيارة تاريخية (.. .) نتحدث عن زعيم طائفة دينية يتبعها 20 في المئة من سكان العالم".

وقال لوكالة فرانس برس إن "زيارته تعني الكثير وزيارة قداسة البابا الى آية الله العظمى علي السيستاني سيكون لها تأثير كبير".

رئيس أساقفة الموصل يستعد لاستقبال البابا "في أجواء من الفرح"

وفي كارملش وقراقوش والموصل في شمال العراق، كنائس مدمرة، ونفايات تجتاح الأزقة الضيقة، وآثار الحرب لا تزال ظاهرة بوضوح.. رغم ذلك، يؤكد رئيس أساقفة الكلدان في أبرشية الموصل وعرقة نجيب ميخائيل أن التحضيرات جارية لزيارة البابا التاريخية، وأن استقباله سيجري في "أجواء من الفرح".

ورغم مرور ثلاث سنوات على طرد تنظيم الدولة الإسلامية من المنطقة، يحتفظ رئيس أساقفة الموصل بآثار من الجرائم الوحشية التي ارتكبها الجهاديون في كارملش بينها صليب مكسور عند برج أعلى كنيسة وأواني قداس وأيقونة متضررة... أدلة من أجل "تجاوز الماضي"، كما يقول ميخائيل لوكالة فرانس برس، عبر "التسامح لكن من دون نسيان" تلك الجرائم.

ويشير الى أنه تمكن من تهريب الكثير من الوثائق القديمة من التنظيم المتطرف الذي احتل المنطقة بين 2014 و2017، وحكم بالرعب، مستهدفا خصوصا الأقليات، الى إقليم كردستان، مخاطرا أحيانا بحياته.

وتقع كارملش شرق مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى. وكانت الموصل على مدى قرون مركزاً تجارياً وثقافياً رئيسياً في الشرق الأوسط. وتحتضن نينوى الكثير من الكنائس والوجود المسيحي.

وخلفت المعارك التي امتدت لأشهر طويلة بين القوات الحكومية العراقية والجهاديين، مئات الضحايا ودفعت الآلاف للنزوح، وانتهت بإعلان السلطات العراقية القضاء على الجهاديين نهاية عام 2017.

ويقول رئيس أساقفة الموصل الذي لا تفارق وجهه الابتسامة، متحدثا من كنيسة كارملش، بأن جدول أعماله أصبح ضاغطا جدا منذ الإعلان عن الزيارة البابوية الأولى للعراق.

وفي كل المدن التي يزورها البابا، الزعيم الروحي لـ 1,3 مليار كاثوليكي في العالم، تقوم جوقات التراتيل وفرق الكشافة بتدريبات منذ أسابيع، وينتظر الجميع لقاء خليفة القديس بطرس والاقتراب منه في كنائسهم.

ويتولى عدد من الكهنة ترجمة صلوات إلى الإيطالية والعربية واللاتينية والسريانية، لأن البابا سيحتفل في العراق بأول قداس له بحسب الطقوس الشرقية.

وشكّلت لجان حكومية وأخرى في محافظات مختلفة لمتابعة الاستعدادات اللوجستية ومراسم الزيارة.

ويرى ميخائيل (65 عاما) أن المهمة التي يقوم بها مع محيطه حساسة جداً خصوصا لأن أي مسؤول أجنبي حكومي لم يزر الموصل منذ أكثر من خمس سنوات.

ويقول رجل الدين الذي يضع قبعة بنفسجية ويرتدي ثوبا أسود بأطراف حمراء "نواجه ضغطا هائلا... الأب الأقدس ليس كأي شخصية، إنه يمثل دولة وكاثوليك العالم".

ويتنقل البابا (85 عاما) بسيارة في بلد لم يستقر فيه الأمن منذ سنوات.

ويصف ميخائيل التحضيرات بـ"المهمة صعبة. الكل سيحاول الاقتراب من البابا... ويجب الاهتمام بالتنقلات والزي الرسمي وكتابة البيانات بدقة تامة والدعوات...".

ويشير إلى عدم وجود ملعب رياضي مناسب أو كاتدرائية لإقامة قداس بابوي في محافظة نينوى التي ولد فيها، مشيرا الى أن هناك "14 كنيسة مدمرة، سبع منها تعود للقرون الخامس والسادس والسابع".

بين هذه الكنائس، كاتدرائية مسكنته، وهو اسم مسيحية شهيدة في القرون الأولى، وكان رئيس أساقفة الموصل يرتادها برفقة أهله في صغره... تغطيها اليوم حجارة وركام. أما كنيسة القديس شمعون الصفا (القديس بطرس) فمليئة بأكياس قمامة.

وفي بلد لا تزال فيه خلايا جهادية مجهول مكانها، يرى ميخائيل الذي يحمل شهادة هندسة في التنقيب عن النفط قبل أن يقرر اعتناق الكهنوت، أن "كل مسؤول أمني سيكون بحالة توتر" خلال زيارة البابا.

أما هو، فستكون هذه المرة الثانية التي يلتقي بها البابا فرنسيس، إذ سبق له أن التقاه في روما.

ويؤكد ميخائيل أن زيارة البابا التي من المقرر أن تستمر ثلاثة أيام "مهمة جداً لجميع العراقيين"، مشيرا الى أن "هذا البلد كفسيفساء رائعة متعددة الألوان ومتكاملة، لهذا لا يمكن أن يُجزأ إلى أجزاء طائفية للأسف (كما) يحدث اليوم".

ويؤمن رئيس أساقفة الموصل بأن البابا فرنسيس قادر على إعادة نسج هذه الروابط، خصوصا في شمال البلاد حيث تتواجد عشرات الأقليات، عبر "كلمات قوية" تعبر عن "مباركته" و"دعمه المعنوي"، مؤكدا بأن ذلك ممكن لأن هناك "تغيرا في العقليات" داخل المجتمع حيث لا تزال الخلافات بين المجموعات الدينية والعرقية قائمة.

ومن المقرر أن يزور البابا مدينة أور الأثرية حيث ولد النبي إبراهيم، في جنوب العراق، ليؤدي صلاة مشتركة إلى جانب مسلمين وإيزيديين وصابئة، الديانتين اللتين ظهرتا في العراق قبل المسيحية بزمن طويل.

لكن "الأمر الأهم"، بالنسبة الى رئيس أساقفة الموصل، هو "زرع الفرح في قلوب كل الناس، لأن هذه الزيارة ليست بروتوكولية، إنها روحية".

خمسة أماكن يزورها البابا فرنسيس في رحلته الاستثنائية إلى العراق

يأتي البابا فرنسيس إلى العراق في زيارة غير مسبوقة تتضمن برنامجا حافلا يشمل توجهه إلى مواقع بارزة في البلاد.

فيما يأتي خمسة مواقع رئيسية يزورها:

في أول يوم له في العاصمة العراقية، يلقي البابا فرنسيس كلمة في كنيسة "سيدة النجاة" الكاثوليكية في الحي التجاري الرئيسي في الكرادة.

في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2010، اقتحم متشددون إسلامويون الكنيسة وقتلوا 44 من المصلين وكاهنين وسبعة من قوات الأمن في واحدة من أعنف الهجمات على الطائفة المسيحية في العراق.

وتحمل الآن النوافذ الزجاجية الملونة في الكنيسة أسماء الضحايا فيما كتبت رسالة تحدٍ فوق المذبح تقول، "أين نصرك يا موت؟". لكن أعداد المصلين تضاءل فيما تحيط الجدران الخرسانية بالكنيسة، ما يجعل الوصول إليها صعبا.

وقبيل زيارة البابا، رسم فنان عراقي صورة للبابا على الجدران الخرسانية إلى جانب حمامات بيضاء تمثل السلام وألوان العلم العراقي.

في إطار تواصله مع المسلمين، يزور البابا مدينة النجف العائدة إلى 1230 عامًا والتي تعد العاصمة الروحية لمعظم الشيعة في جميع أنحاء العالم.

ويضم الضريح المهيب ذو القبة الذهبية قبر الإمام علي ابن ابي طالب صهر النبي محمد علي.

لفترة طويلة كانت هذه المدينة تحت الحكم العثماني حتى عام 1915 عندما سقطت في أيدي البريطانيين الذين صمدوا على الرغم من تمرد رجال الدين المحليين.

وكان الرئيس العراقي السابق صدام حسين يقيد الطقوس والزيارات لهذه المدينة المقدسة، لكنها شهدت انتعاشًا بعد الإطاحة به في الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.

في النجف، يلتقي البابا فرنسيس بالمرجع الشيعي الكبير آية الله العظمى علي السيستاني.

ولا يظهر رجل الدين البالغ من العمر 90 عامًا علنًا ونادرًا ما يستقبل الزوار، ما يجعل اللقاء الثنائي أحد أبرز محطات الرحلة البابوية.

ويقام اللقاء في منزل السيستاني المتواضع المكون من طابق واحد مع منع معظم الصحافيين من حضور الاجتماع.

من النجف ينتقل البابا إلى أور الواقعة في الصحراء ويعود تاريخها إلى ما قبل المسيحية. وقد تأسست في القرن السادس والعشرين قبل المسيح، وأصبحت مدينة رئيسية في الإمبراطورية السومرية الآكادية القديمة.

تتميز أور بالزقورة وهو هيكل متعرج يشبه الهرم تم كشفه في ثلاثينيات القرن الماضي. يُعتقد أن أور التي تعني "بلدة" باللغة السومرية، هي المكان الذي ولد فيه النبي إبراهيم، في الألفية الثانية قبل الميلاد.

ويقيم البابا فرنسيس مراسم تجمع الأديان المختلفة مع بعض الأقليات الأصغر في العراق، بما في ذلك الإيزيديون والصابئة.

محافظة نينوى الشمالية هي مركز الطائفة المسيحية في العراق. عاصمتها الموصل هي المكان الذي اختار تنظيم الدولة الإسلامية فيه الإعلان عن إنشاء دولة "الخلافة" في عام 2014.

في الموصل، يزور البابا كنيسة الطاهرة في غرب المدينة التي دمرها تنظيم الدولة الاسلامية قبل أن تهزمه القوات العراقية بعد حرب طاحنة.

وتشير السجلات إلى أن الكنيسة تعود إلى القرن السابع عشر، لكن بعض المؤرخين يعتبرون أنها قد تكون عائدة لألف عام.

خلال القتال في عام 2017، انهار سقف الكنيسة لكن الباب الملكي والأبواب القديمة الجانبية سلمت.

وتعمل اليونسكو حاليًا على إعادة تأهيلها وأجزاء أخرى من تراث الموصل من كنائس ومساجد.

 

المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني.
حدث مفصلي لمسلمي العراق (نسبة الشيعة في العراق 60% ونسبة السُّنَة العراقيين 37%): يعقد البابا فرنسيس خلال زيارته التاريخية إلى العراق، لقاء يرتدي طابعا رمزيا كبيرا السبت 06 / 03 / 2021 مع المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني، في خطوة تتماهى مع هدفه تعميق الحوار الأخوي مع شخصيات إسلامية مهمة. ويزور البابا الأرجنتيني البالغ من العمر 84 عاماً، مدينة النجف الأشرف التي تضم مرقد أول أئمة الشيعة علي بن أبي طالب. ويكون في استقباله في هذه المدينة المقدسة التي تشكل مركزا للحوزة العلمية الشيعية وتعدّ من أبرز المواقع الروحية عند الشيعة في العالم، السيستاني البالغ من العمر تسعين عاما والذي نادرا ما يظهر في العلن رغم أهميته الروحية والدينية. ويشكل اللقاء المباشر الذي يجمع الرجلين حدثا مفصليا بالنسبة للمسلمين في العراق الذين يشكل الشيعة ستين بالمئة منهم والسنة 37 بالمئة.

على بعد حوالي 30 كيلومترًا إلى الجنوب، تقع قرقوش المعروفة أيضًا باسم بغديدة والحمدانية والتي تتمتع بتاريخ طويل سبق المسيحية ولكن سكانها اليوم يتحدثون لهجة حديثة من الآرامية، لغة السيد المسيح.

لحق دمار كبير بقرقوش على يد تنظيم الدولة الإسلامية ولا يزال الوضع الأمني متوتراً مع انتشار الجماعات المسلحة التي ترعاها الدولة بأعداد كبيرة في السهول المحيطة.

في إحدى آخر محطات زيارته، يقيم البابا قداسًا في الهواء الطلق في إربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.

عندما اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية شمال العراق، لجأ مئات الآلاف من المسيحيين والمسلمين والإيزيديين إلى إقليم كردستان العراق الذي كان يستضيف أساسا الأقليات النازحة إثر العنف الطائفي الذي شهده العراق خلال مراحل سابقة تلت الاجتياح.

تضم إربيل آثارا لمستوطنات بشرية تعود إلى القرن الثالث والعشرين، واستمرت لتصبح مركزًا حضريًا رئيسيًا في جميع أنحاء الإمبراطوريتين السومرية والآشورية.

أدرجت قلعتها وهي عبارة عن مجمع ضخم على قمة تل يطل على سوق المدينة، على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو في عام 2014.

وزير عراقي: زيارة بابا الفاتيكان للعراق محطة لحوار الأديان

ووصف وزير الثقافة والسياحة  والآثار العراقي حسن ناظم الزيارة لبابا الفاتيكان فرنسيس للعراق المرتقبة يوم الجمعة 05 / 03 / 2021 المقبل بأنها محطة حوار أديان في مدينة أور التاريخية، مؤكدا أنها ستكون فرصة للقاء الأديان العراقية هناك من مسلمين ومسيحيين وصابئة مندائيين وإيزيديين.

وقال الوزير ناظم، للصحفيين اليوم: "سيحل قداسة البابا فرنسيس في بغداد في الخامس من الشهر الجاري، وستكون له لقاءات مع النخب السياسية والاجتماعية وأرباب الحوار ورجال الدين وناشطي المجتمع المدني، وسيكون له حضور منتظر في مدينة أور الأثرية بمحافظة ذي قار".

وأضاف: "نأمل ارتفاع مستوى الوعي لدى الشباب ، وأن تكون هناك ظروف مناسبة لهذه الزيارة، وألاَّ تتعكر أجواؤها بفعل الأحداث في مدينة الناصرية".

وأكد  أن "هذه الزيارة تصب في مصلحة مدينة الناصرية والحكومة تعلم بأوضاع المدينة باعتبارها محافظة منكوبة وتم تخصيص صندوق لدعم المشاريع فيها".

وذكر أن "المحطة الكبرى الأخرى هي النجف واللقاء التاريخي بالمرجع الديني الأعلى  علي السيستاني بغرض بحث مسائل الحوار الديني، وأن زيارة البابا إلى النجف ذات الثقل الكبير، وهي تتويج حركة عالمية في الحوار الإسلامي المسيحي لتعزيز الأمن والسلام في بلدنا، إذ ما زلنا في مخاض يشوبه نزعات العنف واللاتسامح ".

وأوضح أن "المحطة الأخيرة للبابا خلال زيارته العراق ستكون مدينتي الموصل وإربيل وسيواصل لقاءاته وصلواته من أجل الضحايا الذين سقطوا على يد تنظيم داعش الارهابي".

وقال ناظم إن العراق أمام فرصة للاستفادة من هذه الزيارة اجتماعياً وأثرها على السلم والوئام المجتمعي، معربا عن أمله أن تنعش هذه الزيارة السياحة حيث شرعت هيئة السياحة بإقامة مشاريع في هذا الصدد.

 وأضاف أن "مجلس الوزراء أوصى بمراعاة طلبات الإعلاميين العرب والأجانب لتغطية أحداث الزيارة، وقد وصلنا حوالي ألف  طلب، وهذا يضع أمامنا تحدياً كبيراً لتسهيل مهمتهم". أ ف ب ، رويترز ، د ب أ (01 وَ 02 وَ 03 / 03 / 2021).

 

 

ar.Qantara.de

 

 

[embed:render:embedded:node:38254]