فيلسوف "الآخر" ليفيناس في حوار نقدي مع الفلسفة الألمانية

يعتبر كتاب "نقد الحرية: مدخل إلى فلسفة إمانويل ليفيناس" للباحث رشيد بوطيب والصادر عن دار الاختلاف الجزائرية 2018، أول كتاب نسقي حول الفيلسوف اليهودي الفرنسي تعرفه المكتبة العربية.

يقدم كتاب "نقد الحرية: مدخل إلى فلسفة إمانويل ليفيناس" للباحث رشيد بوطيب والصادر عن دار الاختلاف الجزائرية 2018 في فصله الأول، علاقة ليفيناس بالفلسفة اليهودية ـ الألمانية ورموزها الكبار: هرمان كوهين، فرانس روزنتسفايغ ومارتين بوبر، الذين يعتبرون من رموز الفلسفة الحوارية في ألمانيا، وكان لهم تأثير كبير على الفلسفة الأخلاقية التي أسسها ليفيناس، والتي يمكن قراءتها مثل ردة فعل على مركزية الذات في الفلسفة الغربية.

في الفصول الأخرى للكتاب، سيدخل الفيلسوف اليهودي الفرنسي ليفيناس في حوار نقدي مع النظرة إلى الآخر (سؤال الغيرية) عند كل من عمالقة الفلاسفة إدموند هوسرل ومارتين هايدغر وجان بول سارتر، مؤكدا بأن الآخر، أو وجه الآخر، يظل أصل المعنى ومآله في آن.

وللتعريف بفيلسوف الغيرية ليفيناس كتب الباحث رشيد بوطيب: "المكتبة العربية تجهل ليفيناس، فيلسوف الغيرية بامتياز. ليفيناس، صوت الآخر في الفلسفة الغربية، الذي فقد كل أسرته خلال الحكم النازي لشرق أوروبا، وبالضبط لبلده الأصلي ليتوانيا، صوت مختلف ومغاير. جاءت كتاباته لتندد بالعقل كسياسة توسعية وبالحرية كنزعة ارهابية ترفض غيرية الآخر المطلقة، تختزله في معنى، تشكله بحسب نموذجها، تسيطر عليه."

ويتابع بوطيب: "من منا يذكر كلمات ليفيناس عقب مذبحة صبرا وشاتيلا "الإنسان أكثر قداسة من كل أرض مقدسة". جاءت فلسفة ليفيناس أو أخلاقه كفلسفة أولى - أخلاق الأخلاق كما يسميها لأنها لا تبغي بناء قواعد أخلاقية - تفكيكاً للتقليد الأنوي للفلسفة الظاهراتية من جهة، ولأنطولوجيا هايدغر بعمائها الأخلاقي من جهة ثانية".

فيلسوف الأخلاق والإنسانوية

قدم للكتاب الفيلسوف الألماني آكسيل هونيث، الذي يعتبر من الوجوه الفلسفية البارزة، سواء على الصعيد الألماني أو العالمي؛ فهو مدير معهد فرانكفورت الذائع الصيت، كما أنه مهتم بتحديد الآليات الرأسمالية التي تمنع الذات من تحقيق نفسها.

في مقدمة آكسيل هونيث نقرأ: "لقد كان أمراً حذقا للغاية أن يُتبع المؤلف الفصل حول هايدغر بفصل حول ليفيناس ونقده لسارتر، لأنه عبر ذلك يكشف النتائج السياسية للايتيقيا التي تم تحديد معالمها سابقا. ويحاول المؤلف توضيح  النتائج السياسية لنقد "الإنسانوية المدمرة" لهذا التمحور الوجودي حول الذات، من خلال تأكيده على أن دولة ديمقراطية غير ممكنة إلا فيما وراء الذات الديكارتية المتيقنة من نفسها.

وبالنظر إلى ذلك، فإن الحرية، التي تمثل شرط كل كيان ديمقراطي، ليست بالحرية الفردية، المتمركزة على ذاتها، حرية الذات الأنوية، ولكنها تلك الحرية الاجتماعية التي تؤكد على اعتراف الذوات بارتباطها ببعضها البعض.

إن رؤية الأمر بشكل مختلف، واعتبار أنه من حق الفرد أن يبحث عن تحقيق مصالحه على حساب الجماعة التي يتوجب أن يدخل في علاقة اعتراف تبادلية مع ذواتها، يعني بالنسبة للمؤلف، وعن حق،  خطأً في فهم جوهر الديمقراطية..."

 

 

إقرأ أيضا:

حوار مع الفيلسوف الألماني أكسيل هونيث: الصراع مع القيم العالمية مغامرة ناقصة

نقد الحاجة إلى فيلسوف الغيرية ليفيناس

 

المصدر: قنطرة 2018