
"طبل الدموع: أول رواية موريتانية عالمية" - للموريتاني مبارك ولد بيروك "طبل الدموع"...امرأة يريد معظم الرجال منها شيئاً
يصعب العثور على الروايات الموريتانية بأي لغة كانت خارج البلاد. كما أن القليلين قد حصلوا على الجوائز الأدبية الدولية التي تؤدي غالباً إلى جمهور قرّاء أوسع. ولم تُدرِج الجائزة العالمية للرواية العربية بتاتًا أي مؤلف موريتاني على قائمتها الطويلة، في حين أدرجت جائزة الشيخ زايد للكتاب أول رواية موريتانية على قائمتها الطويلة في عام 2017. بينما لم يفز أي مؤلف موريتاني إلى الآن بالجائزة الأدبية الكبرى لأفريقيا السوداء أو بجائزة القارات الخمس.
وبيروك –الذي يُشار إليه أحياناً باللقب فقط- هو صحفي بارز في موريتانيا، نشر روايته الأولى في عام 2006. بيد أنه لم يفز بجائزة أحمدو كوروما (يمنحها المعرض الدولي للكتاب والصحافة في جينيف) إلا بعد روايته الثالثة "طبل الدموع" (2015)، وفاز معها بمنبر أوسع.
تتطور هذه الرواية في تيارين زمنيين. يتتبع الأول ريحانة في الوقت الحالي، بينما يتتبع الثاني ريحانة قبل سنوات قليلة مضت، حين كانت لا تزال مراهقة ساذجة. فتقفز الرواية بين الأزمنة – من أجل خلق جو من التشويق وأيضاً من أجل تنظيم ماضي موريتانيا وحاضرها، ومشاهدها الريفية والحضرية.
تبدأ الرواية أثناء هروب ريحانة من قريتها. سيراً على قدميها عبر الصحراء، وهي تحمل طبلاً مسروقاً كما لو أنه طفلها. لتتمكن من وصول مدينة صغيرة مجاورة، وهي لا تزال متشبثة بالطبل، لكن ليس قبل أن يحاول رجل اغتصابها.
أما الخط الزمني الآخر فيبدأ سنوات قبل الآن، حين كانت ريحانة لا تزال مراهقة بريئة طيبة. تظهر شاحنات عملاقة، مليئة بمهندسين أجانب نصبوا معداتهم بالقرب من قريتها. وبعد ذلك، "بدا الأمر وكأن عدة درجات انكسرت من سلم روتيننا".
وصول نكاراس

حين نصب النكاراس، أو الأوروبيون، مخيماً بالقرب من قرية ريحانة، لم يفرضوا أنفسهم على القرويين. ومع ذلك يغيّر ضجيجهم ووجودهم إيقاع حياة القرية. إنه يحاكي سرديات أخرى حول وصول الأوروبيين، مثل رواية تشينوا آتشيبي الصادرة في عام 1958 "الأشياء تتداعى"، بيد أنها تحدث اليوم، كما لو أن التاريخ يدور في حلقة.
والوحيد بين الغرباء الذي نتعرف عليه هو يحيى، موريتاني يعمل مع النكاراس والذي يبدأ بالمجيء للتسكع مع شباب القرية. يحتجّ معلم القرية الذي تربّى في المدينة ضد هذه الاجتماعات المختلطة، بيد أن القرويين غير مبالين. كما استهزأت الأمهات به: "حين تكون لديك ابنة، يمكنك أن تدفنها حيّة إن كان هذا ما تريده!".
ومع ذلك فإن المعلم محقٌ في أمر واحد: يحيى هناك من أجل إغواء ريحانة. في البداية، يقدّم قصائد ومغازلات فقط. ثم، فجأة، يظهر في خيمتها ليلاً. لا يطلب الإذن، بيد أنها تستسلم لوجوده ورغبتها الخاصة. يستمر هذا لعدة أسابيع، وريحانة تتوقع عرض زواج. بيد أنه حين يختفي المهندسون الأجانب ليلاً، يختفي يحيى معهم أيضاً.
تتمكن والدة ريحانة من إخفاء ابنتها لمدة عام تقريباً. وحين يعودون، من دون الطفل، تزوّج ابنتها لأحد أفضل رجال القبيلة تأهيلاً. في الواقع، هو رجل محترم يعرض مساعدة ريحانة بالعثور على طفلها. لكن حتى هو ينظر إلى ريحانة ليس لما هي عليه، بل لما يريده منها. فتهرب ريحانة لتجد الطفل بنفسها، سارقة بطريقها أكثر رموز القرية أهمية، طبل القرية.
الحرية (واللطف) في الهوامش
تقريباً، كل الرجال الذين تلتقيهم ريحانة يريدون منها شيئاً. البعض، مثل يحيى، يستغل سذاجتها. في حين يحاول آخرون إقحامها في توقعاتهم ورغباتهم الخاصة. أما الشخص الوحيد الذي يعاملها بسخاء واحترام تام، فهو رجل مثلي الجنس، حمّا. والشخصيات مثل حمّا، والتي تتواجد في الهوامش، هي التي ترى ريحانة حقاً – حتى إن كانوا غير قادرين على إنقاذها في نهاية المطاف.