عبدالجبار الرفاعي يكتب: محمد إقبال مُفكِّر الهوية الدينية للدولة

 تنوّعت مرجعياتُ التفكير الفلسفي والكلامي عند محمد إقبال (1877-1938م)، فهو تارة يستلهم مقولاتِ الفلاسفة، وأخرى يتعاطى مع خبرةِ اللاهوت المسيحي الجديد، وثالثة يستعين بعلمِ النفس، أو الاجتماع، ورابعة ينهل من العرفان. وهو بذلك يتخلّص من حالة الوجل والخوف حيال معطيات اللاهوت الجديد، والعلوم الإنسانية الحديثة، هذا الخوف الذي استبدَّ بتفكير معظم الإسلاميين.

 كثيرًا ما يتعاطى إقبال مع الفلسفة وعلوم الإنسان والمجتمع الحديثة بمجرد إشارات عاجلة، إذ لم تنعكس في آثاره بوضوح بيانات تشـي بتكوين معمّق فيها، ولا نجده يوظفها بشكل تظهر فيه براعته وقناعته بضـرورة استعمال مناهجها وأدواتها في فهم التراث وتحليله ونقده، وإعادة بناء التفكير الديني في الإسلام في ضوئها. غير أنّه عندما ينتقل إلى آثار العرفاء كجلال الدين الرومي، نجده يغوص في الأعماق، وكأنّ الرومي تجلّى فيه، كما يلمح لذلك، مثلما تجلّى ابنُ عربي بالرومي، فتسامت روحُه في عوالم المعنى، إلى الحدّ الذي يصف إقبال أثرَ جلال الدين فيه بقوله:

صيّرَ الروميّ طيني جوهرًا      من غباري شاد كونًا آخرا

كتب محمد إقبال “تجديد التفكير الديني في الإسلام“، وهو أولُ نصّ في فلسفة الدين وعلم الكلام الجديد في الإسلام الحديث، لكن حضورَه وتأثيرَه ما زال هامشيًا في الدراسات الدينية بالعربية. في كتابه هذا خصّص إقبال فصلا عالج فيه “التجربة الدينية”، وصاغ مفهومًا للوحي يتمحور حول هذه التجربة، وميّز بين تجربة الأنبياء وتجربة العرفاء، ذلك أن الثانيةَ يبقى صاحبُها حبيسًا فيها ولا يخرج من فضائها، فيما يتخطى النبيُّ تجربتَه الشخصية، لأنها تمنح شخصيتَه إرادة تغيير العالم. جعل إقبالُ الحاجةَ لوحي الرسالة الإلهية تختصّ بمرحلة من مراحل الوعي البشـري، فإذا بلغ العقلُ رشدَه اعتمد على نفسه، ولم يعدْ بحاجة إلى ما هو خارج عنه كي يتطوّر ويتكامل، بل يعتمد عقلَه ووعيَه وتجاربَه وخبراتِه المتراكمة. ذلك ما لخصه محمد إقبال بقوله: “إنّ النبوة في الإسلام لتبلغ كمالها الأخير في إدراك الحاجة إلى إلغاء النبوة نفسها. وهو أمر ينطوي على إدراكها العميق لاستحالة بقاء الوجود معتمدًا إلى الأبد على مقود يقاد منه، وأن الإنسان، لكي يحصل كمال معرفته لنفسه، ينبغي أن يُترَك ليعتمد في النهاية على وسائله هو”. 

 

تابعوا قراءة المقال كاملا من موقع المحطة 

محمد إقبال مُفكِّر الهوية الدينية للدولة

 

المزيد من المقالات حول معضلة الإصلاح في الإسلام

نقد الذات التراثية استفادة إسلامية من الكنيسة اللوثرية

هل كان المفكر نصر حامد أبو زيد مصلحاً لوثراً إسلامياً؟

الإصلاح الديني في المسيحية والإسلام

معضلة الإصلاح في الإسلام 

الإسلام لا يحتاج مصلحاً دينياً مثل مارتن لوثر!