عبد الرزاق قرنح الفائز بجائزة نوبل في الأدب.

عبد الرزاق قرنح صاحب نوبل للأدب
بلا مساومة حول الاستعمار واللاجئين

يتحدث الروائي المولود في تنزانيا عن رحيله من زنجبار إلى إنكلترا والكتابة بالإنكليزية وصعود الكُتاب الأفارقة في حقبة ما بعد الاستعمار. حاورته آنابيل ستيفس هالمر.

وُلِد عبد الرزاق قرنح في زنجبار في تنزانيا، وتنعكس حياته الانعطافية في رواياته، في قصص مليئة بالشوق والشعر والرغبة في التغيير الذي يمتدُّ بين البلدان والقارات والهويات.

تحكي رواياته التي تشبه السيرة الذاتية عن نضال تنزانيا من أجل الاستقلال وعن صعود الرئيس التنزاني يوليوس نيريري، وهو اشتراكي، وعن أول رئيس لزنجبار، عبيد كرومي، الذي استهدف السكّان المنحدرين من أصول عربية في السلطنة السابقة (سلطنة زنجبار). وقرنح من أصول عربية، هرب إلى المنفى في إنكلترا في عام 1968 ومن ثم حصل على شهادة جامعية من جامعة لندن. ومؤخراً، درَّس الأدب الإنكليزي وأدب ما بعد الاستعماري في جامعة كنت.

في الوقت ذاته، فإنّ روايات عبد الرزاق قرنح العَشْر جعلته من بين أكثر كتاب أفريقيا شهرة، واكسبته جائزة نوبل في الأدب لعام 2021. وقد فاز بالجائزة "لسرده المتعاطف والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات".

***

 

يوليوس نيريري (في الوسط) كان أول رئيس لتنزانيا ذا توجه اشتراكي. Julius Nyere (Mitte) wird der erste Präsident nach der Unabhängigkeit Tansanias 1961; Foto: United Archives International
كان أول رئيس لتنزانيا يوليوس نيريري (في الوسط) ذا توجه اشتراكي. بيد أنّ الحكام المحليين كانوا يلعبون لعبتهم الخاصة. قام رئيس زنجبار عبيد كرومي بعملية أفرقة قاسية للجزيرة، مستهدفاً بشكل أساسي السكان المنحدرين من أصل عربي. يقول عبد الرزاق قرنح، الحائز على جائزة نوبل في الأدب، "كانت زنجبار مكاناً مرعباً للكثير من الناس. كانت حكومتنا، سلطاتنا في حالة من الغضب العقابي ضد جميع السكان. دفعت الظروف العديد من الناس بعيداً، فقد اضطهد أو سجن أهلهم، أو قتلوا في بعض الحالات، وأحياناً أخرى رحلوا لمجرّد أنهم أخافوا الجميع". في عام 1968، غادر قرنح بلده إلى المنفى في لندن، مُتعباً من الضغط ومقتنعاً بأنّ بإمكانه تحقيق حياة أفضل لنفسه في مكان آخر. "لكن ما لا تدركه في هذه المواقف هو ما تتخلى عنه... ما تتركه وراءك. لذلك كان الذهاب إلى إنكلترا عبارة عن مغامرة في بعض النواحي، بيد أنّه كان كذلك عبارة عن خسارة كبيرة".

 

"لا تعرف ما الذي تتخلّى عنه"

في بداية روايتك التي صدرت في العام 2001، "عبر البحر"، نلتقي ببطل الرواية صالح عمر في مطار غاتويك، بينما يسعى للجوء في بريطانيا العظمى. لقد فعلتَ الشيء ذاته قبل أكثر من 50 عاماً. ما الذي واجهته في ذلك الوقت؟

عبد الرزاق قرنح: كنت شاباً في الثامنة عشرة من عمري يغادر زنجبار، أما زنجبار في عام 1967، فقد كانت مكاناً مرعباً بالنسبة للعديد من الناس. إذ كانت حكومتنا وسلطاتنا لا تزال تمارس غضباً بجميع أشكاله ضد جميع السكان. دفعت الظروف بالعديد من الناس بعيداً إذ تعرض أهلهم للاضطهاد أو السجن، أو للقتل في بعض الحالات، وفي أحيان أخرى رحل الناس لأنّ السلطات أفزعت الجميع بكل بساطة.

حين تكون شاباً فإنك تفكّر هكذا: "لا يمكنني تحمّل هذا. يمكنني القيام بما هو أفضل. لا أريد أن أبقى عالقاً هنا مع هؤلاء المتنمرين". إنه نوع من التحدي. ولكن ما لا تدركه في تلك المواقف هو ما تستغني عنه... وما تتركه وراءك. لقد كان الذهاب إلى إنكلترا بمثابة مغامرة من بعض النواحي، بيد أنه كان عبارة عن خسارة كبيرة كذلك.

 

تعيش في بريطانيا منذ خمسة عقود. هل تشعر أنك كاتب أفريقي أم بريطاني؟

عبد الرزاق قرنح: تتمثّلُ هويتي في أنني رجل من زنجبار يعيش في المملكة المتحدة وأكتب. لا أقول، أنني كاتب أفريقي أو كاتب بريطاني. فأنا من زنجبار وأعيش في المملكة المتحدة. وأنا من هذين المكانين بأي طريقة تخطر لك. إن أراد الناس استخدام تعبير أو وصف أكثر تحديداً، فلا بأس بذلك. وإن كانت الهوية وسيلة لاختزال كيان الشخص في شيء مبسّط، فلا يعنيني ذلك، بيد أنني لن أحرم الآخرين من متعة القيام بذلك.

 

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة