عشر سنوات على انتفاضة سوريا المطالبة بالديمقراطية
ـ"التغريبة" السوريةـ مسلسل بلا نهاية؟

قلما يوجد بلد بالعالم لم تطأه أقدام اللاجئين واللاجئات السوريين. كيف لا وهم باتوا من أبرز تجليات صراع سوريا بل وعنوانه الأعرض. فأما زالوا يمنون النفس بالعودة لبلدهم حيث لا خبز ولا سلام؟ خالد سلامة والتفاصيل.

"أتمنى أن أعيش في أي بلد غير سوريا، بلد فيه أمان ومدارس وألعاب". حلم للطفلة لارا البالغة السابعة من العمر والنازحة في إدلب في شمال غرب سوريا، عبرت عنه في تقرير لمنظمة "أنقذوا الأطفال" (سيف ذي تشيلدرن) نشر الثلاثاء (التاسع من آذار/مارس 2021).

وخلص التقرير إلى هذه النتيجة: "86 في المئة من الأطفال اللاجئين .. لا يريدون العودة إلى سوريا"، بينما طفل واحد من كل ثلاثة من النازحين داخلها يفضل العيش في بلد آخر.

أرقام وحقائق

لم تبقِ نار الحرب في سوريا ولم تذر وأكلت الأخضر قبل اليابس والبشر والحجر. قضى حوالي 400 ألف شخص، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يواصل احتساب عدد القتلى بعد توقّف المنظمات الدولية عن ذلك منذ فترة طويلة. وأجبر النزاع الدامي نصف عدد سكان سوريا البالغ قرابة 22 مليون إلى مغادرة منازلهم، في أكبر موجة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية.

وفرّ أكثر من خمسة ملايين ونصف مليون سوري خارج البلاد، معظمهم إلى دول الجوار لا سيما تركيا ولبنان والأردن. ثلثهم تقريباً من الأطفال من عمر 11 عاماً وما دون، بحسب إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ونزح في داخل البلد أكثر من 6 ملايين إنسان.

تتضارب الأرقام بين تلك التي تقدمها المفوضية السامية وما تتحدث عنه الحكومات المضيفة. ومرد ذلك إلى سعي بعض الدول إلى الحصول على مساعدات أكبر من الأمم المتحدة ومحاولة أخرى توظيف ملف اللاجئين في سياساتها الداخلية أو الخارجية.

تستضيف تركيا القسم الأكبر من اللاجئين السوريين المسجلين وبواقع ثلاثة ملايين و600 ألف سوري، بحسب المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين. في حين ذكر معهد DeZim الألماني في 30 أيلول/ سبتمبر 2020 أنه "من الواقعية" اعتبار أن عدد اللاجئين يقترب من ثلاثة ملايين سوري.

ولجأ إلى لبنان أكثر من مليون، وفق التقديرات الأممية، بينما تقول الحكومة إن العدد "الفعلي" أكثر من مليون ونصف.

ويعيش نحو 663 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة في الأردن، بينما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى المملكة منذ اندلاع النزاع في سوريا بأكثر من مليون سوري. ويعيش 246 ألف لاجئ سوري في العراق غالبيتهم في كردستان.

وفي مصر يعيش حوالي 130 ألف لاجئ مسجل لدى الأمم المتحدة، بيد أن مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، المندوب الدائم بجامعة الدول العربية، محمد البدري، قال في أواخر أيار/مايو 2019 إن "العدد الحقيقي يقدر بـ 550 ألف شخص".

أما في ألمانيا فتحدث المكتب الاتحادي للإحصاء في حزيران/يونيو من عام 2020 عن وجود 790 ألف سوري في نهاية عام 2019، بعد أن كان يعيش في ألمانيا 30 ألف سوري فقط قبل الحرب. ووصل إلى السويد 100 ألف على الأقل.

 

إحصائيات - أعداد اللاجئات السوريات واللاجئين السوريين حول العالم.
إحصائيات - أعداد اللاجئات السوريات واللاجئين السوريين حول العالم.

 

"شروط" العودة

"من العلامات الكبرى للثورة السورية هي التغريبة التي لم يشهد التاريخ مثيلاً لها. تعرض السوريون لتهجير ممنهج وتغيير ديمغرافي دفع ببعضهم إلى القُطب [الشمالي] في أقاصي الأرض"، كما يرى الباحث والمحلل السياسي خطار أبو دياب في حوار مع دويتشه فيله. وقد دأبت أطراف من المعارضة السورية على الحديث عن "تغيير ديمغرافي" تقوده إيران وحلفاؤها في سوريا، لكن لم يتم تأكيد ذلك من مصادر مستقلة.

ويذهب المحلل السياسي خطار أبو دياب إلى أن العودة تتطلب ثلاثة شروط: "حل سياسي حقيقي بإشراف وضمانات دولية، وإعادة إعمار تقود إلى وضع اقتصادي يؤمن الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم، وأن تكون تلك العودة طوعية وآمنة".

استطاع نظام الرئيس السوري بشار الأسد إعادة بسط سيطرته على أقل من ثلثي مساحة البلاد، لكن المشهد ليس برَّاقاً بالنسبة إليه لدى معاينة خارطة السيادة على حدود البلاد.

ويوضح الباحث المتخصص في الجغرافيا السورية، فابريس بالانش، في تقرير أن قوات النظام "تسيطر على 15 في المئة فقط من حدود سوريا"، مشيراً إلى أن "الحدود هي رمز السيادة بامتياز". ويعتبر بالانش أن القوى الخارجية "تقسّم البلاد بشكل غير رسمي إلى مناطق نفوذ متعددة، وتسيطر بشكل أحادي على معظم حدودها".

الجغرافيا السورية ممزقة بين مناطق يسيطر عليها النظام وأخرى تحت سيطرة الإدارة الذاتية، المتحالفة مع الولايات المتحدة والمسيطر عليها عملياً من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في شرق الفرات حيث يقطن حوالي 2.5 مليون شخص، وثالثة تحت النفوذ التركي في غرب الفرات وفي إدلب في شمال غرب البلاد حيث يعيش ما يزيد عن 3 ملايين شخص. وحتى في منطقة سيطرة النظام هناك مناطق تخضع للنفوذ الإيراني وأخرى للروسي.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة