"عاصفة الحزم"...إنقاذ لليمن أم تدخل ينذر ببداية حرب إقليمية؟

بمباركة أمريكية ومشاركة وتأييد من عدة دول عربية شنت السعودية غارات جوية على الحوثيين في اليمن دون الاستناد إلى أي قرار أممي الأمر، الذي يثير التساؤلات حول مدى شرعية هذه العملية وتداعياتها على المنطقة. الصحافية سهام أشطو ناقشت هذا الأمر مع خبيرين عربيين.

الكاتبة ، الكاتب: سهام أشطو

تثير العملية العسكرية، التي تخوضها السعودية بدعم من حلفائها على جماعة الحوثيين في اليمن جدلا كبيراً، فبينما تصر السعودية على أن الهجوم العسكري يتمتع بدعم عربي ودولي، يتهمها البعض هي وحلفاؤها بشن هجوم يفتقد للشرعية الدولية ومن شأنه أن يحول الصراع في اليمن إلى صراع طائفي، فهل تعني مشاركة دول عربية عديدة في هذه العملية توحدا عربيا ضد "الخطر الإيراني" وماذا يعني بالمقابل تحفظ دول أخرى عن المشاركة إلى جانب السعودية؟

وتهدف هذه العملية بحسب الرياض إلى "الدفاع عن الحكومة الشرعية ومنع حركة الحوثيين من السيطرة على البلاد". وفي هذا الإطار قالت قناة "العربية" التلفزيونية إن السعودية تشارك بمئة طائرة حربية في اليمن وإن مصر والأردن والسودان وباكستان أبدت استعدادها للمشاركة في هجوم بري.

لكن المتحدث بإسم عملية "عاصفة الحزم" أحمد عسيري قال: "حاليا لا تخطيط لعمليات برية لكن أن استدعى الأمر فإن القوات البرية السعودية والدول الصديقة والشقيقة جاهزة وسترد على أي عدوان من أي نوع".

اليمن:السعودية وحلفاؤها يشنون هجوما على الحوثيين
أعلنت السعودية يوم الخميس(26آذار/مارس2015) أنها بدأت عمليات عسكرية في اليمن بشن ضربات جوية بالتنسيق مع تحالف يضم عشر دول بهدف التصدي للمقاتلين الحوثيين الذين يحاصرون مدينة عدن الجنوبية التي لجأ إليها رئيس البلاد.

شرعية التدخل في الشؤون اليمنية

ومن جانبه يعتقد عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد أبو ظبي والخبير في الشؤون الخليجية، أن انضمام عدة دول عربية واستجابتها لنداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي "دليل على أن هذه الحرب محقة خاصة أنها تأتي بعد استنفاذ الوسائل الأخرى السلمية ومساعي الحوار لإيجاد حل للأزمة اليمنية". كما يعتبر عبد الله أن هذا الهجوم ليس تدخلاً في الشأن اليمني كما يحاول أن يروج البعض وإنما محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في اليمن وحماية الشرعية.

لكن هشام جابر، المحلل العسكري اللبناني، يرى في حديثه معناً أن هذه العملية تتم دون شرعية دولية، ويتساءل: "هل مجرد مشاركة الولايات المتحدة الأميركية في هذه الحرب يعني أنها تحظى بالشرعية الدولية؟ هذا ما يجيب أن تجيب عليه هذه الدول العربية".

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أعلن عن تأييد الجامعة للضربة الجوية التي وجهتها السعودية للحوثيين في اليمن بمشاركة عدد من الدول العربية، وذلك رغم أن هناك دولا عربية لا تشارك في هذه القوة. ويعلق الخبير الإماراتي على موقف الجامعة العربية قائلاً: "الأكيد أن العربي يتحدث باسم 22 دولة عربية لديها إجماع على القرار السعودي باستثناء العراق".

وكانت دول خليجية على رأسها السعودية عبرت أكثر من مرة عن استيائها من التدخل الإيراني في اليمن عبر دعم الحوثيين. ويعلق جابر على ذلك بالقول: "السعودية معها حق في مخاوفها من الحوثيين. لكن ذلك لا يبرر التدخل عسكريا في دولة أخرى فهذا لن يزيد الأمور إلا تعقيدا، خاصة أن إيران لم تتدخل حتى الآن بشكل مباشر عسكريا، لأنها أذكى من أن تفعل ذلك".

توسيع نطاق الحرب مرتبط برد الفعل الإيراني
يعتبر جون مكارثي، رئيس معهد استراليا للشؤون الدولية، أن "السعودية تخشى من أن يصبح اليمن وكيلا لايران وهي تراقب ما تحققه طهران من تقدم في العراق، وأنها تجد نفسها تحت ضغط من دولة تعتبرها منافسها الرئيسي على الهيمنة الاقليمية. ولن أندهش إذا شهدنا دعما بريا سعوديا في مرحلة ما. ففي غياب الأمريكيين الذين تركوا الساحة بصفة مؤقتة سيحسب السعوديون أنه ليس أمامهم خيار سوى الدخول بقوة. وسنشهد إعادة رسم للمنطقة".

تخوفات من حرب طائفية

لكن تحفظ بعض الدول العربية عن المشاركة في الهجوم السعودي فسره مراقبون على أنه يعود إلى تخوفها من التورط في حرب قد تعطي للصراع في اليمن بعداً طائفياً. وبينما لم تعلق دول عربية مثل تونس عن عدم مشاركتها، صرحت الجزائر مثلا على لسان وزير خارجيتها بخصوص عدم مشاركتها في الهجوم، لأنها لا ترى بديلاً عن الحوار والحل السلمي وبأن الدستور الجزائري لا يسمح بإرسال قوات من الجيش خارج الوطن وأنه يمكنها بالمقابل المشاركة بمساهمات لوجستية.

ويخشى المحلل العسكري اللبناني من أن الصراع في اليمن قد يصبح طائفياً ويقول: "هذه الحرب قد تدخل اليمن في حرب مذهبية خاصة أن الرئيس عبد ربه منصور هادي استخدم للأسف شعارات طائفية وهو أمر مستغرب لدى اليمنيين، لأنهم لا يعيشون مشاكل طائفية في الأساس".

لكن عبد الله يستبعد ذلك ويشير إلى أنه "من بدأ هذه المعركة هم الحوثيون ومن أرادها حربا طائفية هم أيضا. المسؤولية فيما يحدث لليمن تقع عليهم (أي الحوثيون) وعلى من يساندهم من جهات تنتعش في الحروب الطائفية"، في إشارة منه إلى إيران.

ويضيف الخبير الإماراتي عبدالله: "حتى الموقف العراقي الرافض للهجوم – وهو الموقف العربي الوحيد الرافض- هو بسبب كون العراق محتلا من إيران". كما يشير إلى أن باقي الدول التي لم تشارك ليست رافضة بالضرورة للهجوم، "فقد يكون بعضها منشغلا بأوضاعه الداخلية أو أنها لا تتوفر على إمكانيات عسكرية كافية للمشاركة".

أما عُمان التي لا تشارك أيضا فيعلق عبد الله على موقفها بالقول: "عمان تنأى عادة بنفسها في الحروب بسبب موقعها الجغرافي الحساس ولكن ربما ينتظر منها دور في الحوار في المستقبل".

 

سهام أشطو

حقوق النشر: دويتشه فيله 2013