غضب العرب الدروز المندمجين في إسرائيل من قانون قومية "تمييزي" يمنح اليهود وحدهم تقرير المصير

تجمع عشرات الآلاف في تل أبيب السبت (4 أغسطس / آب 2018) للاحتجاج على قانون جديد يعلن إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي مما أثار غضبا بين الدروز، وهم الأقلية الأكثر اندماجا في المجتمع الإسرائيلي.

وفي مواجهة انتقادات شديدة في الداخل والخارج، دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن القانون الذي ينص على أن اليهود وحدهم لهم الحق في تقرير المصير وينزع عن اللغة العربية صفة اللغة الرسمية.

لكن حكومته اليمينية صُدمت فيما يبدو برد فعل الدروز الذين عبروا عن إحساس عميق بالخديعة بسبب قانون جعل كثيرين يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.

والدروز عرب ديانتهم منبثقة عن الإسلام لكنها تتضمن عناصر من عقائد أخرى، وأكبر تجمعاتهم في لبنان وسوريا.

ويصل عدد الدروز في إسرائيل إلى حوالي 120 ألفا وهو ما يمثل أقل من اثنين في المئة من المواطنين. لكن على النقيض من عرب إسرائيل الآخرين، الذين يتم إعفاؤهم من الخدمة العسكرية، يخدم الدروز في الجيش ويبرز بعضهم على الساحة السياسية وفي وسائل الإعلام.

وكان المحتجون الذين احتشدوا في ميدان رابين في تل أبيب يلوحون بأعلام إسرائيلية ودرزية ويرفعون لافتات تطالب بإلغاء القانون.

وأثار قانون "الدولة القومية للشعب اليهودي" الجديد في إسرائيل غضبا بين الأقلية الدرزية مما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للسعي إلى سن تشريع تصحيحي.

ودافع نتنياهو عن القانون، الذي ينص على أن اليهود وحدهم لهم الحق في تقرير المصير في البلاد، في مواجهة انتقادات عنيفة في الداخل والخارج.

لكن حكومته المحافظة صدمت فيما يبدو برد فعل الدروز رغم أن البرلمان أقر القانون يوم 19 يوليو / تموز 2018 بعد جدل محتدم استمر سنوات في الكنيست.

وشجب قادة الأقلية العربية في إسرائيل القانون ووصفته تركيا بالعنصرية وأبدى الاتحاد الأوروبي قلقه. ورد نتنياهو على ذلك قائلا إنه يتعين التصدي للتحديات الفلسطينية لحق اليهود في تقرير المصير.

لكن انتقادات الدروز، وهم عرب كذلك ينتمون لطائفة منبثقة عن الإسلام، كان له أثر أكبر رغم أنهم لا يمثلون سوى 1.3 بالمئة من مواطني إسرائيل.

وقال رفيق حلبي أحد أعضاء وفد من قادة الدروز الذين اجتمعوا مع نتنياهو: "نعتبره قانونا تمييزيا لا يعبر عن حقنا في المواطنة".

وقال بعد أن اجتمع الوفد كذلك مع الرئيس ريئوفين ريفلين "أبلغنا رئيس الوزراء بشكل قاطع... أننا لن نتمكن من العيش في دولة يشعر قطاع من شعبها، خاصة هذا القطاع الذي يدين بالولاء، أنه مُبْعَد".

والدروز متناثرون في المنطقة بما في ذلك في سوريا ولبنان. وفي إسرائيل يجند الرجال الدروز في الجيش على عكس رجال الأقلية العربية المسلمة الذين يعرفون عادة بأنهم فلسطينيون. والدروز نشطاء كذلك في التيار الرئيسي للحكم والإعلام في إسرائيل.

والقانون الذي يخفض اللغة العربية من لغة رسمية ثانية في إسرائيل إلى جانب العبرية ويولي أولوية وطنية للمستوطنات اليهودية وحدها، أثار تصريحات من بعض الدروز بأنهم لن يخدموا في الجيش. ورد جادي أيزنكوت رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي بدعوة لعدم تسييس الجيش.

شكل نتنياهو على وجه السرعة لجنة تضم وزراء ومسؤولين وزعماء من الدروز لاقتراح تشريع جديد سيتطرق إلى مظالمهم ويخفف التوترات.

ويبدو أن هذه التغييرات مصممة لاستيعاب الدروز بشكل أساسي وليس الأقلية العربية الإسرائيلية الأكبر حجما.

وقال المستشار الإعلامي لنتنياهو في بيان "توصل الفريق إلى ملخص تاريخي يمثل ثورة في الوضع القانوني لأفراد الأقلية الذين يخدمون في القوات الأمنية لا سيما الدروز".

وقال أكرم حسون وهو عضو درزي في حزب كولانو إن العمل سيستغرق وقتا. وأضاف لراديو إسرائيل "هناك طريق طويل". 

وهناك انقسامات بين زعماء الدروز بشأن إن كانت المقترحات ستساعد في تهدئة التوترات. وقال وزير السياحة ياريف ليفين أحد أعضاء اللجنة إن التشريع سيعرض عندما يعود البرلمان لجلسته الشتوية في منتصف أكتوبر / تشرين الأول.

وقال لموقع (واي نت) الإخباري على الإنترنت "سررت عندما وافق الدروز على الملخص. اتفقنا على العمل على التفاصيل وتقديم مقترح للتصويت".

وسيرسخ هذا وضع الدروز الخاص داخل المجتمع الإسرائيلي وسيعترف بخدماتهم للدولة وسيعزز التمويل لبلداتهم وقراهم ومؤسساتهم.

وأشاد وزير التعليم نفتالي بينيت من حزب البيت اليهودي المتطرف بالدروز. وكتب على فيسبوك "الدروز ليسوا بحاجة لأن يثبتوا لأي أحد ولائهم لدولة إسرائيل ولا قوة الصلة بيننا. سبعون عاما من الحكم أثبتت ذلك بما لا يدع مجالا للشك".

وقال نائب المعارضة الدرزي صلاح سعد من الاتحاد الصهيوني إنه ليس متأكدا من أنه تم تفادي وقوع أزمة. وقال: "قرأت المقترح الجديد وأستطيع التعايش معه. لكن المشكلة هي أنني لا أصدق رئيس الوزراء". ويخشى من أن إسرائيل قد تواجه انتخابات مبكرة قبل الانتهاء من التشريع. ومن المقرر أن تجرى الانتخابات في نوفمبر / تشرين الثاني 2019. وقال إن نتنياهو "يلعب بنا. لن نصبح لعبة في أيدي هذه الحكومة". رويترز