
غضب شعبي من الأنظمة العربية القدس بين الحكومات والشعوب العربية - شعرة لم تقصم ظهر البعير
يرى الباحث جيمس دورسي في تحليله التالي أن المظاهرات الشعبية الغاضبة -المعترضة على اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل- هي في الواقع غضب من موقف الحكومات العربية من القدس، وأن هذا الغضب يأتي بعد أكثر من ست سنوات من فشل الأنظمة العربية في تحقيق مطالب اقتصادية واجتماعية، وفي خضم دعم السعودية والإمارات لقوى الثورة المضادة، التي أجهضت إنجازات الثورات العربية في كل مكان ما عدا تونس.
لا يخفى على أحد أن المظاهرات الغاضبة التي شهدتها عواصم الدول العربية اعتراضا علي قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، هو في الحقيقة غضب موجه لموقف الحكومات العربية من الموضوع.
فهذا الغضب المستتر يعكس توازنا دقيقا بين غضب الشباب العربي تجاه حكوماتهم غير القادرة على -أو غير الراغبة في- الدفاع عن الحقوق العربية، وموقف الزعماء العرب الذين تدفعهم غريزة البقاء إلى المحافظة على سياسات فاشلة.
إن هذا الغضب مدفوع بعدم قدرة العرب على تغيير واقع احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية منذ عام 1967، واستعداد بعض الأنظمة العربية للتعاون مع إسرائيل في العلن أو في السر في غياب اتفاق سلام إسرائيلي-فلسطيني. وما زاد الأمر سوءاً هو التقارير التي تتحدث عن دعم بعض الدول الخليجية لخطة أمريكية لتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فيما أصبح يعرف بصفقة القرن والتي فشلت في تحقيق الحد الأدنى من المتطلبات الفلسطينية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

شهادة فقر للنخب السياسية: "ردود الفعل الرسمية العربية لم تخرج عن كونها مجرد كلمات في غياب أي إجراءات دبلوماسية واضحة. عملياً لم تقم أي حكومة عربية باستدعاء السفير الأمريكي أو القائم بالأعمال للاعتراض على هذا القرار، ولم يحاول أي من الزعماء العرب حتى تحذير ترامب من خطورة ما يتضمنه إعلانه على مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط. ويبدو أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو الوحيد الذي اعتبر هذا القرار تجاوزاً للخطوط الحمراء حين أعلن رفضة لقاء نائب الرئيس الأمريكي مايكل بينس خلال زيارته للشرق الأوسط"، كما يرى جيمس دورسي.
يأتي غضب الشارع بعد أكثر من ست سنوات من فشل الأنظمة العربية في تحقيق المطالب الاقتصادية والاجتماعية، وفي خضم دعم السعودية والإمارات لقوى الثورة المضادة التي نجحت في إجهاض إنجازات الثوارات العربية في كل مكان ما عدا تونس.
هذا المزيج المتفجر يظهر بوضوح في ضعف الرد العربي والإسلامي على ما أعلنه ترامب، حيث أن ردود الفعل الرسمية لم تخرج عن كونها مجرد كلمات في غياب أي إجراءات دبلوماسية واضحة. عملياً لم تقم أي حكومة عربية باستدعاء السفير الأمريكي أو القائم بالأعمال للاعتراض على هذا القرار، ولم يحاول أي من الزعماء العرب حتى تحذير ترامب من خطورة ما يتضمنه إعلانه على مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط.
الصفحات
اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة
ما فشل ترامب في فهمه حول القدس - الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل تقويض للسلام يعارضه العالمترامب يُحضِّر القدس لمعركة آخر الزمان - اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل - لمصلحة الأصولية الإنجيليةالمزيد من مقالات مشرق بوليتكس / إم پي سي جورنال إشكالية الترويج الأميركي للديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط
ملفات خاصة من موقع قنطرة