غياب حوار إيران والسعودية - تأجيج لصراع الخليج من استهداف سفن ومنشآت نفطية إلى حروب بالوكالة

 

- "في غياب الحوار تندلع الحروب"

يرى محللون أن التوتر في منطقة الخليج الذي يغذيه الصراع السعودي الإيراني والأعمال العدائية من استهداف سفن ومنشآت نفطية إلى حروب بالوكالة، لن يتراجع ما لم يقرّر البلدان بدء حوار ثنائي بينهما.

وطغت على مؤتمر "قمة بيروت أنستيتيوت" في نسختها الثالثة (نقاش حول قضايا المنطقة شارك فيه باحثون وسياسيون) الذي عقد في أبو ظبي (أكتوبر / تشرين الأول 2019) تحذيرات من تصاعد العنف في المنطقة الاستراتيجية التي تريدها كل من الرياض وطهران، مرآة لسياساتها وأفكارها.

وتساءل السفير الأمريكي السابق روبرت بلاكويل في إحدى الجلسات الحوارية: "كيف يمكن أن تصل (السعودية) (...) وإيران (...) إلى حافة المواجهة العسكرية، ولا يتحدثا إلى بعضهما تلقائيا بعد ذلك؟".

وحذر الدبلوماسي المخضرم من أنه "في غياب الحوار، تندلع الحروب". وأشار الى أن هناك "أقلية تريد الدفع باتجاه الدبلوماسية مع إيران". واستبعد الرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل في الجلسة ذاتها أي حوار قريب.

وقال الأمير النافذ الذي شغل أيضا منصب سفير المملكة في بريطانيا والولايات المتحدة "كيف نتحاور مع نظام يعلن صراحة أنّه عدونا؟. كيف تتواصل مع شخص ينوي لك الزوال؟".

والعداء بين القوتين الاقليميتين نتاج عقود من التنافس. فمنذ ثورة العام 1979، بدأت الخصومة بين إيران والسعودية، أكبر اقتصادين في المنطقة، بعدما اعتبرت المملكة الثرية التي تحكمها أسرة آل سعود السنية منذ تأسيسها، أن الجمهورية الجديدة تسعى لتصدير العقيدة الإسلامية الشيعية إلى محيطها.

والعلاقات مقطوعة بين البلدين منذ مهاجمة السفارة السعودية في طهران بداية 2016 إثر تنفيذ الرياض حكم الإعدام بحق رجل الدين الشيعي نمر النمر.

ودخل الصراع الثنائي خلال الأشهر الخمسة الأخيرة مرحلة جديدة، إذ بدا البلدان على وشك الانخراط في مواجهة عسكرية مباشرة، مع استهداف ناقلات نفط في مياه الخليج والبحر الاحمر، وصولا إلى مهاجمة منشآت نفطية سعودية قبل شهر.

وعلى الرغم من خطورة هذه الأعمال العدائية الغامضة في مصدرها وتفاصيلها، لم تنخرط السعودية وإيران في أي حوار دبلوماسي علني. 

واتّهمت السعودية خصمها اللدود بالوقوف خلف هجمات أرامكو منتصف شهر أيلول / سبتمبر 2019. وتبنى المتمردون الحوثيون في اليمن المتهمون بتلقي دعم إيراني بالمال والسلاح، عملية الاستهداف بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

إلا أنّ المملكة، أحد أكبر مشتري السلاح في العالم، لم تتبنَّ الموقف الأمريكي القائل بأنّ الهجمات انطلقت من الأراضي الإيرانية، وليس من اليمن، واعدة بالكشف عن نتائج تحقيق تجريه بمشاركة دول غربية، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

ويوحي التحفظ السعودي بأن المملكة تتجنّب اتهام إيران مباشرة كونه قد يتوجب على ذلك الرد عسكريا على إيران التي هددت بحرب شاملة في حال تعرضت لأي ضربة عسكرية سعودية أم أمريكية.

وبدت طهران مترددة في توجيه أصابع الاتهام لأي جهة نهاية الأسبوع السابق عندما تعرّضت ناقلة نفط إيرانية لهجوم غامض قبالة جدة. وتعهدت طهران بالرد على الضربة، مكتفية بالقول إن "دولة أجنبية" تقف وراءها.

وبينما تفضل الرياض تفادي مواجهة عسكرية مع جارتها، يبدو أن طهران تخشى أن يؤدي أي حوار مع المملكة إلى تفاوض حول حجم نفوذها في المنطقة حيث تتمتع بثقل سياسي وعسكري كبيرين بفضل الجماعات المسلحة الموالية لها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي السابق أندريه فيديروف خلال مؤتمر أبوظبي: "لن تقبل إيران أبدا بأن تحاصر داخل حدودها. إيران تحاول استغلال الوضع الحالي لتعزيز نفوذها".

وفي وقت يواجه الحوار طريقا مسدودا، دعا بلاكويل الولايات المتحدة وروسيا والدول الكبرى الأخرى للتدخل والتوسط بين إيران والسعودية من أجل الجلوس على طاولة واحدة وتفادي "سنوات من النزاعات".

وحدها باكستان تعمل حاليا على تقريب وجهات النظر بين الغريمين. وأعلنت وزارة الخارجية الباكستانية الثلاثاء 15 / 10 / 2019 أنّ المباحثات التي أجراها رئيس الوزراء عمران خان في طهران والرياض هذا الأسبوع كانت "مشجعة".

لكن أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شهيد بهشتي الإيرانية محمود سريع القلم لا يرى "أي فرصة لحل النزاع بين إيران وجاراتها". واقترح الأكاديمي الإيراني خلال مؤتمر أبوظبي "التركيز على إدارة الصراع" للحد من تداعياته. أ ف ب 17 / 10 / 2019