وهذا بالذات يجعل قصة رياض سطوف أكثر أهمية في حياة هذا الزمن اليومية. وبما أنَّه يدع شباب رسوماته يُعبِّرون مرارًا وتكرارًا عن هذه الأحكام المسبقة والقوالب النمطية، فهذا يُظهر مدى أهمية العمل التعليمي على نطاق عالمي في يومنا هذا. والتعليم مفيد أيضًا هنا في موضوع الوصاية الذكورية.
تمثِّل العلاقة بين والديّ رياض سطوف النواة المتفجرة في هذا الجزء الرابع. فالوضع بين الاثنين أقلّ ما يُقال فيه إنَّه مُتوتِّر - وهذا ليس جديدًا على قرَّاء أجزاء كتابه السابقة. كان الزوجان يتناوبان دائمًا بين الحبّ والكراهية. لكن يبدو هذه المرة أنَّ هناك تغييرًا جذريًا.
ربما يعود السبب إلى أنَّ الأبّ كان لفترات طويلة غائبًا عن الأسرة، وربما يعود السبب أيضًا إلى كونه بات يتطوَّر بشكل متزايد إلى شخصية مرهقة وغير محبوبة. من المؤكَّد أنَّ السبب يعود إلى أنَّه صار يحاول الآن أن يكون مسلمًا متدينًا.
صحيح أنَّه لا يُحاول أبدًا أن يفرض تديّنه على أسرته، ولكنه مع ذلك لا يسمح بانتقاد الإسلام حتى لو بكلمة واحدة. وبعد استفزاز من قِبَل الأمّ، يصل الأمر إلى لحظةِ غضبٍ غير مقبولة وتجاوزٍ للحد لا يُغْتَفَر.
الاهتمام بالجنس الآخر
إلى جانب النزاع الرئيسي بين والده ووالدته، يوجد في هذا الجزء الرابع جانبٌ مهم آخر هو الحياة الجنسية الخاصة برياض سطوف.
يبلغ سنّ المراهقة، ويبدأ لديه الاهتمام بالجنس الآخر - سواء كان هذا الاهتمام بابنة عمّه في قريته السورية "تير معلة"، أو بمعلمته ذات الشعر الأسود الطويل التي تعطيه دروسًا إضافية، أو بواحدة من زميلاته الكثيرات في المدرسة من معشوقات أصدقائه (وهو لا يريد بالطبع أن يبدو خارج هذا الإطار).
وبصرف النظر عما إن كان يجد هؤلاء الفتيات جذَّابات أم لا، فإنَّ روح الفكاهة لدى رياض سطوف تبرز تمامًا في هذه اللحظات، وذلك لأنَّ "أجمل فتاة في المدرسة" لديها، على سبيل المثال، نظرة تتطلب التعوُّد عليها.
يتمكَّن رياض سطوف في موضوع الحبّ من إخراج فكرة جميلة بشكل خاص: فكلما فكِّر في امرأة صوِّر نفسه في صورة مُصغَّرة، وحبيبته كعملاق. هكذا كما لو كانت المرأة مستحيلة المنال.
ولكن ربما يعتبر هذا أيضًا رمزًا للأمن؟ في حلقة جديرة جدًا بالذكر من حلقات خياله، يتوحَّد حتى مع امرأة. يُفكِّر في هوسه الأخير، الأرملة جولييت: الشخصية الرئيسية في سلسلة الرسوم الكاريكاتورية. يلاحظ أنَّه يتوحَّد معها: ساقاه تخرجان من صدرها، ويصبح فجأة جزءًا من جسدها.
قد يبدو الأمر مزعجًا في بعض الأحيان، ولكن رياض سطوف يتعامل بحبّ مع كلِّ هذا في عالم صوره، بحيث أنَّ القارئ لا يستطيع إلَّا أن يؤمن ببراءته الطفولية. ورياض سطوف هنا هو "عربي المستقبل" الصغير والمهووس والخائف.
شايان رياض
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: موقع قنطرة 2020