فرنسا - ماكرون يمد البساط الأحمر للرئيس السيسي في باريس وحقوقيون يأملون إفراج مصر عن سجناء أكثر

ماكرون يستقبل عبد الفتاح السيسي في إطار زيارة دولة إلى فرنسا (الإليزيه): غادر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القاهرة صباح يوم الأحد 06 / 12 / 2020 متوجها، على رأس وفد، إلى فرنسا في زيارة يستقبله خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وتهدف الزيارة لبحث دعم التعاون بين مصر وفرنسا وآخر التطورات الإقليمية والدولية. وكانت الرئاسة الفرنسية قد أعلنت مؤخرا أن الزيارة ستستمر يومين، وسوف يبحث السيسي وماكرون خلالها التعاون الثنائي بين البلدين وقضايا المنطقة. وكان ماكرون زار مصر في كانون الثاني/يناير 2019.

المدافعون عن حقوق الإنسان ينددون بمد "البساط الأحمر" للسيسي في فرنسا

وعبّر مدافعون عن حقوق الإنسان عن "ذهولهم لرؤية البساط الأحمر ممدودا" للرئيس المصري في فرنسا، مطالبين باريس بـ "الانتقال من الأقوال إلى الأفعال" خلال زيارة عبد الفتاح السيسي، واشتراط الإفراج عن المعتقلين السياسيين لتقديم دعم عسكري لمصر.

وتنظم تظاهرة الثلاثاء الساعة 18,00 (17,00 ت غ) أمام الجمعية الوطنية الفرنسية بدعوة من حوالي عشرين منظمة غير حكومية للتنديد بـ"الشراكة الاستراتيجية" بين مصر وفرنسا تحت شعار "مكافحة الإرهاب".

وقال أنطوان مادلين، المسؤول في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، إحدى المنظمات الداعية إلى التظاهرة، لوكالة فرانس برس، "إننا مذهولون لرؤية فرنسا تمد البساط الأحمر لدكتاتور، في حين هناك اليوم أكثر من ستين ألف معتقل رأي في مصر".

وتتخلّل "زيارة الدولة" التي يقوم بها السيسي من الأحد 06 / 12 / 2020 إلى الثلاثاء 08 / 12 / 2020، مسيرة عسكرية من مجمع ليزانفاليد إلى قصر الإليزيه تمر تحت قوس النصر، ولقاءات على أعلى المستويات السياسية.

ونددت المنظمات بالسلطات المصرية لـ "استخدامها المسرف لتشريعات مكافحة الإرهاب للقضاء على العمل المشروع من أجل حقوق الإنسان وإلغاء أي معارضة سلمية".

ولفت مادلين إلى أنه بعدما طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من نظيره المصري خلال زيارة إلى القاهرة في مطلع 2019 "حماية حقوق الإنسان"، حصل منذ ذلك الحين "تصعيد في القمع" أفضى إلى "أخطر وضع في تاريخ مصر الحديث".

وقال إن "محامين وصحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان يتعرضون لملاحقات ومضايقات وقمع" في البلاد.

وأوضح أن "الانتقال من الأقوال إلى الأفعال" يعني "وقف صفقات بيع الأسلحة ومعدات المراقبة الإلكترونية من شركات فرنسية في الظروف الحالية، وإلا فستكون متواطئة في القمع".

وأبدى الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ارتياحه لإعلان مصر الخميس 03 / 12 / 2020 إطلاق سراح ثلاثة مسؤولين في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، استجابة لدعوة 17 منظمة غير حكومية دولية وشخصيات بينهما الممثلتان سكارليت يوهانسون وإيما تومسون.

لكنه أكد أن "مصر تبقى دكتاتورية، وإن تم الإفراج اليوم عن شخصين أو ثلاثة أشخاص، فسيتم توقيف غيرهم الأسبوع المقبل".

ويشير المدافعون عن حقوق الإنسان إلى أن فرنسا تخطت الولايات المتحدة من حيث مبيعات الأسلحة لمصر، مع وصول قيمة صفقاتها إلى 1,4 مليار يورو عام 2017.

وتحدثت سيلين لوبرون عن زوجها الناشط المصري الفلسطيني رامي شعث، أحد وجوه الربيع العربي في القاهرة عام 2011، الموقوف "احترازيا" منذ اعتقاله في الخامس من تموز/يوليو 2019.

وقالت لوبرون التي تُدرِّس العلوم السياسية لوكالة فرانس برس "ملفه فارغ تماما، الاتهامات (بإثارة +اضطرابات ضد الدولة+) خالية من أي عناصر أدلة" ضد الناشط الذي تم تجديد توقيفه الاحترازي 19 مرة خلال 17 شهرا، ولم تتمكن زوجته من التحدث إليه هاتفيا سوى مرتين في أيار/مايو وآب/أغسطس 2020.

وأوضحت أن زوجها موقوف مع 13 سجينا آخرين في زنزانة مساحتها 25 مترا مربعا و"ينام أرضا على أغطية"، في حين يعاني من وضع صحي هشّ.

ولا تكتفي لوبرون بالدفاع عن زوجها بل تشير إلى "آلاف الأشخاص الموقوفين بدون أدلة أو بموجب اتهامات متعلقة بالإرهاب، في حين انتقدت الأمم المتحدة استخدام مصر هذه التشريعات".

وتنتظر لوبرون من ماكرون والمسؤولين السياسيين الذين سيلتقيهم السيسي في باريس توجيه "رسالة قوية ومتماسكة" تحمل مصر على الإفراج عن "زوجها ومعتقلي الرأي المصريين الآخرين".

وتؤكد لوبرون أن فرنسا والاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية "تملك وسائل كفيلة بحمل مصر على تغليب المنطق".

ويوصي المدافعون عن حقوق الإنسان بربط أي مساعدة لمصر بوجوب تحقيق تقدم على صعيد حقوق الإنسان، وهو ما وعد باعتماده الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن.

وينقض الناشطون الحقوقيون تأكيدات فرنسا بأن مصر تشكل "عامل استقرار في المنطقة".

وتقول سيلين لوبرون "يتهيأ لي أن مصر تشبه أكثر فأكثر طنجرة ضغط على وشك الانفجار"، في حين أن ناشطي المجتمع المدني مثل زوجها يمكنهم تجسيد "معارضة سلمية وديموقراطية".

مدير منظمة حقوقية في مصر يأمل أن تؤدي حملة الإفراج عنه لإطلاق سراح سجناء آخرين

ويوم السبت 05 / 12 / 2020 قال المدير التنفيذي لجماعة حقوقية في مصر احتجزته السلطات أسبوعين في تهم تتصل بالإرهاب إنه يأمل أن تساعد الحملة -التي أفضت إلى إخلاء سبيله- على الإفراج عن آخرين ما زالوا خلف القضبان في اتهامات مماثلة.

واعتبر نشطاء أن احتجاز جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية واثنين آخرين من أعضاء المنظمة هو أحدث تصعيد لحملة موسعة على المعارضين السياسيين في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعمل بصورة غير قانونية وهو ما تنفيه المنظمة. ولم يصدر بيان رسمي من النائب العام منذ إخلاء سبيل عبد الرازق، ولم يتسنَّ الاتصال بمسؤولين للتعليق.

وأثار قرار اعتقال الثلاثة، الذي جاء بعد تقديم المنظمة إفادة عن حقوق الإنسان لثلاثة عشر دبلوماسيا كبيرا في القاهرة في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني 2020، موجة انتقادات علنية نادرة من الدول الغربية وأطلق شرارة حملة دولية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال عبد الرازق إن من غير الواضح لماذا احتجزته السلطات بناء على اتهامات رسمية بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وهي اتهامات وجهت في السابق لأشخاص من مختلف جوانب الطيف السياسي.

وأضاف أن الأمر بالنسبة للمنظمة هو "العمل كالمعتاد". وقال عبد الرازق في مقابلة جرت بمنزله في القاهرة "نحن في مطلع العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين. العمل في مجال حقوق الإنسان سيستمر في مصر وفي كل مكان".

وأضاف "يحدونا أمل أن يكون للإفراج السريع عنا قدر من التأثير على مئات الأشخاص الذي يتعرضون لنفس الوضع".

وعلى الرغم أن العدد الإجمالي للسجناء غير معروف، إلا أن جماعات حقوقية تقول إن عشرات الآلاف احتجزوا في حملة على المعارضة السياسية منذ إبعاد جماعة الإخوان المسلمين عن السلطة عام 2013.

وقال السيسي إنه لا يوجد سجناء سياسيون في مصر وإن للاستقرار والأمن أولوية قصوى، وإن الحكومة تعزز حقوق الانسان من خلال العمل على توفير الاحتياجات الأساسية مثل الوظائف والسكن. ويقول الرئيس ومؤيدوه إن عمليات الاحتجاز خلال السنوات الماضية ضرورية لتحقيق الاستقرار في مصر.

وتم إخلاء سبيل القياديين الثلاثة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية يوم الخميس 03 / 12 / 2020. وما زال باتريك زكي الباحث في المنظمة والذي تخرج من جامعة إيطالية قبل اعتقاله في فبراير شباط 2020 محتجزا حتى اليوم.

وقال عبد الرازق إنه عانى من شدة البرد أثناء لياليه الأولى التي أمضاها في الحبس الانفرادي في سجن طره بالقاهرة لكنه لم يتعرض لأي سوء معاملة بدنية.

ومضى يقول "شعور رائع أن أكون وسط أطفالي وزوجتي وأصدقائي لكن من المؤلم للغاية أن تترك آخرين خلفك، لذا دعونا نأمل أن يكون بإمكاننا الضغط لإخراجهم جميعا".

باريس تستقبل السيسي وعلى جدول الأعمال أزمات الشرق الأوسط من دون تغييب حقوق الإنسان

وتوجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى باريس الأحد 06 / 12 / 2020 في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام وتهدف إلى تعزيز التعاون الفرنسي المصري في مواجهة الأزمات في الشرق الأوسط، من دون تجاهل المسألة الحساسة لحقوق الإنسان.

ويفترض أن تبلغ هذه الزيارة ذروتها بلقاء الإثنين بين السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد سنتين تقريبا على اجتماعهما على انفراد في القاهرة الذي كشف خلافات حول مسألة حقوق الإنسان.

وكان ماكرون عبر في 27 كانون الثاني/يناير 2019 عن أسفه لأن الوضع لا يتقدم "في الاتجاه الصحيح" في مصر بسبب سجن "مدونين وصحافيين وناشطين".

وردّ السيسي الذي يتولى رئاسة مصر منذ عام 2014 بعدما أزاح الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي عن السلطة "لا تنسوا أننا في منطقة مضطربة".

ويعقد اللقاء بين رئيسي الدولتين في أجواء أفضل بعد الإفراج عن ثلاثة من مسؤولي منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، كان قد أثار اعتقالهم في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 غضبا في فرنسا ودول أخرى. ولم يتمّ الإعلان عن زيارة الرئيس السيسي إلا بعدما أمرت النيابة المصرية الخميس 03 / 12 / 2020 بالإفراج عنهم.

وعلقت الرئاسة الفرنسية على الإفراج عنهم بقولها "نرحب بذلك وهي إشارة إيجابية"، مؤكدة أن ماكرون سيتطرق من جديد إلى قضية حقوق الإنسان في مصر.

وتتابع المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان بدقة هذا الجانب من الزيارة. وقد وجهت نداء إلى الرئيس الفرنسي أدانت فيه "تساهل فرنسا على أعلى مستوى" في مواجهة "القمع العنيف" في مصر.

وقالت هذه المنظمات إن موقف باريس لا يمكن أن يقتصر على "إدانة شفهية"، مشيرة إلى أن لدى فرنسا، مع زيارة السيسي، "فرصة وواجبا لاتخاذ موقف علني قوي".

وتتذكّر المنظمات الحقوقية الزيارة السابقة التي قام بها الرئيس المصري إلى باريس في تشرين الأول/أكتوبر 2017، عندما رفض إيمانويل ماكرون "إعطاءه دروسا" في حقوق الإنسان مفضلا التركيز على "معركتهما المشتركة" ضد الإرهاب.

وتبقى الأولوية بالنسبة لفرنسا تعزيز "الشراكة الاستراتيجية" مع البلد الذي يضم أكبر عدد من السكان في العالم العربي ويعتبر "قطب استقرار" في منطقة "لا تزال متقلبة".

وأثناء الزيارة يستعرض رئيسا البلدين تعاونهما في قضايا الأمن الإقليمي الكبرى من مكافحة الإرهاب إلى الأزمة الليبية بما في ذلك التوتر في شرق البحر المتوسط.

وأشار قصر الإليزيه إلى أن فرنسا تعمل مع مصر من أجل "عودة الاستقرار" في ليبيا، ما يتطلب "خروج القوات الأجنبية وفي مقدمتها المقاتلون الروس والأتراك ومختلف المرتزقة الموجودين".

وتقول باريس -التي يُشتَبَهُ بأنها تدعم مع مصر والإمارات العربية المتحدة الرجل القوي في شرق ليبيا المشير خليفة حفتر- إنه يجب تعزيز "الإشارات الإيجابية" الحالية، من الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار إلى إقامة حوار سياسي بين الليبيين.

ومن محاور المناقشات طموحات الرئيس التركي رجب طيب إدوغان في شرق المتوسط التي تمس مصالحَ العديد من دول المنطقة -بما فيها مصر- المتعلقةَ باستخراج الغاز.

وأكد الإليزيه أن فرنسا ومصر تريدان "جعل البحر الأبيض المتوسط مجالا لتعاون تحترم فيه سيادة الدول المختلفة".

ويتطرق الرئيسان إلى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والأزمة السياسية في لبنان والوضع في العراق والتحديات المتعلقة بإيران.

ولا يتوقع توقيع أي عقود كبيرة خلال الزيارة، لكن ستُمنَح مساعدة فرنسية بقيمة 150 مليون يورو على شكل قرض لمصر من أجل المساعدة في تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي للسكان.

وكما هي الحال في أي زيارة دولة، يلتقي الرئيس المصري خلال زيارته التي تستمر حتى الثلاثاء 08 / 12 / 2020، القادة السياسيين الرئيسيين من رئيس الوزراء جان كاستيكس إلى رئيس الجمعية الوطنية ريتشارد فيران ورئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه ورئيسة بلدية باريس آن إيدالغو.

ويتناول العشاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأحد 06 / 12 / 2020، كما يلتقي وزيرة القوات المسلحة فلورانس بارلي. أ ف ب ، رويترز ، د ب أ

 

[embed:render:embedded:node:41360]