
هكذا يلاحق محققون ألمان مجرمي "داعش"
يجلس كلاوس تسوغن في مكتبه المتواجد داخل مبنى شديد الحراسة في منطقة ميكنهايم الهادئة القريبة من بون، والواقعة في جنوب ولاية شمال الراين-فيستفاليا، الأكثر اكتظاظًا بالسكان. وبهذه المنطقة يوجد فرع للمكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية، الذي أسس أواخر السبعينيات، حين كانت ألمانيا لا تزال دولة مقسمة. وكانت الشرطة الاتحادية تعتقل الإرهابيين اليساريين من الجيش الأحمر (RAF).
الإبادة الجماعية
الجرائم، التي يتحرى عنها تسوغن وزملاؤه، وقعت قبل خمس سنوات في شمال العراق، على بعد حوالي 3200 كيلومتر من منطقة مكنهايم. في بداية أغسطس/ آب عام 2014، هاجم مقاتلو داعش الأقلية العرقية الدينية للإيزيديين. وقبل هجوم داعش عليهم، كان يعيش حوالي 500 ألف إيزيدي حول جبل سنجار المقدس، الذي يقع بين مدينة الموصل والحدود السورية. وينعت داعش الإيزيديين، الذين شن مقاتلوه هجوماً ممنهجاُ ضدهم، بـ "الكفار" و "عبدة الشيطان".
وقُتل خلال هذا الهجوم ما يقرب من 10 آلاف شخص، أغلبهم من الرجال والأطفال، الذين تجاوز سنهم 12عاماً. كما تم اكتشاف أكثر من 70 مقبرة جماعية في المنطقة. وتعرض حوالي 7 آلاف امرأة إيزيدية وطفل للاختطاف والبيع والاغتصاب. تمكن مئات الآلاف من الإيزيدين من الفرار، فيما يقدم بعضهم على العودة إلى ديارهم من حين لآخر. ويعاني العديد من الناجين منهم من آثار الصدمة، بالأخص النساء والأطفال، الذين يبلغ عددهم حوالي 3500. لقد تمكنوا من الفرار من عبودية داعش واليوم هم الشهود الأهم على هذه الإبادة.
بالنسبة للمحامي المعروف والمختص بالقضايا الجنائية، لارس بيرستر، من جامعة كولونيا، فإن ما ارتكبه عناصر داعش يرقى إلى جريمة الإبادة الجماعية. والعامل الحاسم في تصنيفها، هو هدف الجناة، وقال بيرستر:"يجب أن يكون هدف الجناة هو تصفية جماعة قومية أوعرقية أو دينية معينة، بشكل كلي أو جزئي. وهذه النية للإبادة كانت موجودة بشكل واضح لدى داعش".

في ألمانيا، دخل القانون الجنائي الدولي حيز التنفيذ في يونيو/ حزيران عام 2002. والذي يرسخ مبدأ الولاية القضائية العالمية، إذ يسمح للقضاء الألماني بمقاضاة جرائم القانون الجنائي الدولي، كالتي ارتكبها داعش ، حتى لو لم تكن قد ارتكبت داخل ألمانيا ولم يكن الجناة أو الضحايا من المواطنين الألمان.
الشاهدة نادية مراد
يعيش العديد من ضحايا داعش، والشهود المحتملين على جريمة الإبادة المرتكبة بحق الإيزيديين في ألمانيا. ومنذ عام 2015، طلب أكثر من 85 ألف إيزيدي من العراق وسوريا الحماية في ألمانيا. كما تم إحضار حوالي ألف امرأة إيزيدية وطفل إلى ألمانيا منذ بداية عام 2015 بواسطة برنامج إنساني خاص لحكومة ولاية بادن- فورتمبيرغ. شهادة هذه الفئة بالذات مهمة بالنسبة للتحقيقات الجنائية. إحدى هذه النساء، نادية مراد الحائزة على جائزة نوبل للسلام.
النساء المختطفات من قبل داعش تعرضن للبيع مقابل مبالغ تتراوح بين 200 دولار و 1500 دولار، وغالبا ما كان يتكرر بيعهن عدة مرات في أسواق النخاسة ومزادات البيع على الانترنت. الاغتصاب والضرب كان يرافقهن طيلة اليوم. وحتى الفتيات الصغيرات في السن تعرضن للاغتصاب بشكل ممنهج. ومن أجل إخضاع الأمهات المستعبدات، كان يتعرض أطفالهن للاعتداء الجنسي والتعذيب. كما أفادت إحدى النساء من خلال شهادتها بأن مقاتلاً من داعش قتل العديد من أطفالها كعقاب لها على محاولتها الهرب.
جلسات الاستماع
تم الاستماع إلى أكثر من 100 امرأة خلال جلسات الاستماع الخاصة في ولاية بادن- فورتمبيرغ من قبل مسؤولي "وحدة جرائم الحرب" التابعة للمكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية. وحوالي 100 من النساء الأخريات ما زلن يرغبن في الإدلاء بشهادتهن. ويؤكد كلاوس غوتسن أن "فريقاً من النساء هو المسؤول عن الاستماع لشهادات النساء الإيزيديات".
تعليقات القراء على مقال : هكذا يلاحق محققون ألمان مجرمي "داعش"
حواراسلامي
Jawabhassan13.08.2019 | 12:59 Uhr