فيلم "جريمة غير متقنة" للمخرج الإيراني شهرام مكري
حادثة من شرارات ثورة إيران التي أطاحت بالشاه

عام 1978 في إيران أُحرِقَت سينما فتُوفِيَ فيها 470 شخصا في حادثة يُقال إنها إحدى شرارات الثورة على الشاه. وبعد 40 عاما منها يصور فيلمٌ المشهدَ ذاته ولكن في إيران المعاصرة حيث تطارد أشباح الماضي المجتمع الحالي. فماذا تغير؟ وما الفرق بين جيل الثورة والجيل التالي؟ شايان رياض حاور المخرج لموقع قنطرة.

في آب/أغسطس من عام 1978، أضرمَ أربعة رجال النار في سينما رِكس في مدينة عبادان الإيرانية، مما أدى لمقتل أكثر من 400 شخص كانوا في داخلها. يُقال إنّ هذه الحادثة كانت شرارة الثورة الإيرانيةِ التي أدت إلى الإطاحة بنظام الشاه.

وبعد أربعين عاماً، يصوّرُ فيلم "جريمة غير متقنة" للمخرج الإيراني شهرام مُكري أربعة رجال يخطّطون لإحراقِ سينما في إيران المعاصرة حيث تطاردُ أشباحُ الماضي المجتمع الحالي.

***************

ينبغي أن أعترف أنني لم أكن على علم بجريمةِ سينما ركس، على الرغم من أنه حدث موثّق بشكل جيد ويُعتبر أحد الشرارات التي أدت إلى الثورة الإيرانية. هل تعتقد أنّ السبب في ذلك هو أنّ المآسي التي تحدث في الشرق الأوسط ليست حاضرة في وعي الناس في الغرب؟

شهرام مكري: لا يفاجئني أنّ جريمة سينما ركس قد أصبحت طي النسيان، وذلك بسبب وتيرة توارد الأخبار من الشرق الأوسط -ولا سيما من إيران- على مدى السنوات الأربعين الأخيرة.

فقد شهدنا الثورة، واقتحام السفارة الأميركية، والاغتيالات السياسية، والحرب العراقية الإيرانية، ووفاة العديد من الرؤساء ورؤساء الوزراء والإطاحة بالعديد من الحكومات. لم يعد هناك مكان للأخبار التي سبقت هذه الحوادث. بيد أنني اتّفق معك في أنّ كيفية النظرِ إلى التاريخ والأحداث تختلفُ بين إيران والغرب.

هل كان فيلم "جريمة غير متقنة" طريقتك لتوعيةِ المزيد من الناس حول ما حدث في أواخر السبعينيات من القرن الماضي؟

مكري: ليس بالنسبةِ للجمهور الإيراني، فحادثة سينما ركس مألوفة لهم، وهي معروفة للجميع حتى بالنسبة لجيل الشباب الذي وُلد بعد عام 2000. وفي كل عام، مع اقتراب الذكرى السنوية للجريمة، تبقى النقاشات مستمرة حول مَن أمر بإحراق سينما ركس.

فالطبيعة السياسية للحادثةِ لم تسمح بتصويرِ أي فيلم حولها لسنوات طويلة. وفيلم "جريمة غير متقنة" أول فيلم طويل يتناول هذه الحادثة. بيد أنّ هذا الفيلم لا يهدفُ إلى تذكير الناس بالحادثةِ. هناك تحاليل كافية للحادثة بالفعلِ.

 

 
 

وفقاً للفيلمِ لم يكن هدف الجريمة إلحاق الأذى بأي أحد، لم يكن الدافع التسبّب بوفيات. كيف تفسّر الآن، لا سيما بعد فهمِ الحادثةِ وإدراكها، جريمة سينما ركس، التي فقد فيها حوالي 470 شخصاً حياتهم في نهاية المطاف؟

مكري: هناك مقولة مشهورة في إيران - تُقال على سبيلِ المزاح، بيد أنّها صحيحة في واقعِ الأمرِ: "لحسن الحظ أننا مازلنا على قيد الحياة إلى اليوم". أعتقد أنّ للبقاء على قيد الحياة في الشرق الأوسط علاقة كبيرة بالحظِ السعيد. بطبيعةِ الحال، من المحتمل أن يكون الأمر نفسه في كل مكان، بيد أنّ هذه المقولة تحمل معنى آخر في الشرق الأوسط.

انظر مثلاً إلى انفجار مرفأ بيروت في عام 2020. ما حدث في لبنان يشبه جريمة سينما ركس، من حيث أنّ لا أحد يعرف حقاً من المسؤول عن إهمالٍ كهذا. ربما لم يكن أحد يريد تدمير نصف بيروت، بيد أنّنا إذا فحصنا القضية عن كثب نرى كيف أنّ الجميع مسؤول إلى حدّ ما عما حدث.

يلعبُ الوقتُ دوراً مهماً في فيلمك. أو موضوع "الجيل الأكبر في مقابل جيل الشباب"، والذي نشهده خلال سردية الفيلم بأكملها. لماذا هذا الأمر مهم بالنسبة لك؟

مكري: لعب الجيل الأصغر دوراً رئيسياً خلال سنوات الثورةِ الإيرانية. والآن بدأ أفراد هذا الجيل بالاقترابِ من منتصف العمرِ ويخضعون للاستجوابِ من قبل جيل الشباب. يُسأَلون لماذا نزلتم إلى الشوارعِ؟ لماذا لم تقبلوا بالإصلاحات التي قدمها نظام الشاه؟

وقد خلقت هذه الأسئلة صداماً بين الأجيال في إيران. إذ يقول جيل الشباب الحالي إنهم لا يملكون القوة لإصلاح المجتمع اليوم، لأنّ الثورة خرّبت كل شيء بالنسبة لهم. بينما يقول الجيل الأكبر بأنّهم فعلوا ما كان الأفضل لهم. وهذا النزاع هو واحد من النقاشات الاجتماعية الرئيسية في إيران وأردتُ استكشاف ذلك في فيلمي.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة