في ذكرى الربيع العربي الـ10 أخت بوعزيزي مع مواصلة النضال ووزير إماراتي يصفه بعقد دموي ضائع

ليلى البوعزيزي -شقيقة الشاب الذي أضرم النار في جسده محمد البوعزيزي في تونس في 2011 لتنتشر إثر ذلك احتجاجات عمت المنطقة في ما عرف "بالربيع العربي"- تدعو الشباب  (17 / 12 / 2020) إلى مواصلة "التظاهر" والمطالبة "بحقوقهم"، إزاء الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد.

وتتحدّر ليلى من عائلة فقيرة، وقد غادرت سيدي بوزيد المهمشة (وسط غرب)، مهد ثورات "الربيع العربي"، في العام 2013 عندما كانت طالبة، واستقرت في كندا. في كيبيك، تحدثت لوكالة فرانس برس عن نظرتها لبلادها والتحول الحاصل فيها خلال العقد الفائت.

وتقول ليلى وهي تتذكر يوم وفاة شقيقها، إن الثورة لم تستجب لتطلعاتها لا سيما منها "الاقتصادية". وتعبّر في الوقت نفسه عن أمل "في أن يتغير" الوضع.

وعلى الرغم من أن تونس هي البلد الوحيد من دول الربيع العربي التي وضعت نفسها على المسار الديمقراطي، إلا أن الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي يطالب بها الشعب لم تتحقق بعد.

وأضرم شقيقها محمد البوعزيزي (26 عاما)، البائع المتجول، النار في جسده صبيحة يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 2010 بالقرب من مقرّ ولاية سيدي بوزيد، إثر خلاف حاد نشب بينه وبين أعوان الشرطة حول بضاعة كان يبيعها. وكان البوعزيزي يكسب مورد رزقه كالعديد من الشباب الذين لم يجدوا عملا، من بيع الغلال والخضر على عربة في الشارع الرئيسي في سيدي بوزيد.

يومها، سمعت ليلى التي كانت طالبة في ولاية مجاورة، أن شقيقها تعرض للصفع على يد شرطية. وحين طلب التوصل الى حلّ مع السلطات المحلية لاسترجاع بضاعته المصادرة، "لم يحصل على إجابة".

وتقول ليلى إن محمد كان "غاضبا جدا... لذلك جلب البنزين وأقدم على فعل ذلك".

وتؤكد ليلى (34 عاما) أن عامل "التراكم هو الذي دفع الى الانفجار".

توفي محمد مطلع كانون الثاني/يناير 2011 متأثرا بحروق بليغة، في مستشفى في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس.

وأجج احتجاج البوعزيزي التظاهرات التي اتسعت وشملت الولايات القريبة ووصلت إلى العاصمة ودفعت بعد شهر الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي الى الهروب في 14 كانون الثاني/يناير 2011، بعد 23 عاما على رأس السلطة.

وتروي ليلى "عندما قام أخي بحركته، تفجرت احتجاجات ضد النظام"، مشيرة الى أن شقيقها كان يعاني من "الظروف نفسها" التي يعيشها العديد من الشباب. "لم يكن أخي الوحيد، هناك العديد من الذين لقوا حتفهم" وهم يطالبون بحياة أفضل.

على مواقع التواصل الاجتماعي، تلقت عائلة البوعزيزي "تهديدات عدة" بما فيها القتل، وتعرض أفرادها لمضايقات في الطريق من جانب معارضي الثورة، كما اتهموا بالاستفادة من وفاة محمد لتكوين ثروة.

وتقول ليلى "كان الوضع خطيرا". فانتقلت العائلة كلها إلى كندا حيث "اندمجوا جيّدا". وتعمل ليلى في شركة لصناعة مكونات الطائرات في كندا ولا تزال تتابع أخبار تونس من بعيد والتحولات التي تشهدها.

وتقرّ ليلى بأن بلدها حقّق إنجازات وخطا خطوات هامة على غرار إرساء دستور جديد في العام 2014 وإنجاز انتخابات ديمقراطية.

وتضيف "يمكننا التحدث والتظاهر. لم يكن النقاش ولا التعبير مسموحين في السابق"، بالإضافة الى أن "الانتخاب مهم جدا".

غير أن الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من إيجاد حلول للوضع الاقتصادي الصعب. وتقول ليلى البوعزيزي "في كل مرة ننتخب يقولون إننا سنغير، ولكن حال تمكنهم من السلطة لا شيء يتغيّر".

 

 

وتنتقد ليلى غياب الإصلاحات الضرورية التي لم تقم بها الحكومات، سواء في قطاع الصحة الذي يواجه مشاكل كثيرة، أو إصلاح الطرق وقنوات المياه لتفادي الفيضانات التي تودي بحياة أشخاص كل سنة.

وترتفع نسبة البطالة في الولايات الداخلية في البلاد وتتضاعف مقارنة بالمعدل الوطني الذي يبلغ 16 في المئة تقريبا.

وتعلّق ليلى "ربما الوضع أسوأ حاليا"، لا سيما في ما يتعلق بمستوى العيش الذي تراجع بشكل ملحوظ لدى الموظفين.

وتؤكد أن العشرات من الشباب يحتجون بإضرام النار في أجسادهم سنويا في تونس، أو عبر هجرة غير نظامية.

وتتابع "عندما ينهي شاب دراسته لا يجد شيئا (...) وحتى براتب متوسط لا يستطيع العيش بشكل جيد".

لذلك، تتمنى ليلى أن يبقى "هناك من لا يتوقف عن التظاهر والتعبير من أجل التغيير"، مشيرة الى أن محمد منح الشباب التونسي "قوة كبيرة لتغيير النظام".

وتخلص "من المحتمل أن يستغرق ذلك أكثر من عشر سنوات. على الشباب أن يواصلوا التظاهر والتعبير ليتمكنوا من حقوقهم".

قرقاش وزير الشؤون الخارجية الإماراتي في الذكرى العاشرة للربيع العربي: عقد دموي ضائع

من جانبه قال وزير الشؤون الخارجية الإماراتي، الدكتور أنور قرقاش، بمناسبة الذكرى العاشرة لما يعرف بالربيع العربي، أنه "عقد دموي ضائع".

وأضاف قرقاش في تغريدة يوم الجمعة 18 / 12 / 2020: "بينما تمر على العالم العربي الذكرى العاشرة لما يعرف بالربيع العربي، من الواضح أن الرؤية العربية الغالبة لمآلات العقد الدموي تختلف عن التقييم الغربي. فالحروب الأهلية والأرواح التي أزهقت خلال سنوات الضياع هذه وغياب المشروع التنموي هو ما ارتسم في ذاكرتنا العربية".

وتابع: "سيُكتب الكثير حول ما يعرف بالربيع العربي، وفي تقديري، فإن الأهم هو تقييمنا العربي لهذا العقد الصعب وإخفاقاته على أرض الواقع للشعوب، وسيكون حكم التاريخ عسيرا وبالغ القسوة من حيث خسائرنا البشرية والمعنوية والمادية والاقتتال الدموي الممتد في أكثر من دولة عربية".

وقال: "كان هناك نوع من التعامل الساذج مع الربيع العربي في بداياته، وسرعان ما انكشف غول الآيديولوجيا والعنف وغياب المشروع التنموي.

وبانقضاء العام الأول أدركنا حجم التهديد تجاه الدولة الوطنية ومؤسساتها ونسيج العديد من مجتمعاتنا العربية. ثمنٌ عسير لا يبرر الآراء المنافية لهذا الواقع".

وأضاف: "وفي المحصلة، لا توجد وصفة سحرية لعلاج تراكم الأزمات التي شهدتها بعض الدول. وغني عن البيان أن مسار الربيع العربي فاقم الأزمات والتحديات وبلا رؤية أو علاج، والعبرة، بعد العقد الدموي الضائع، الرهان على دولة المؤسسات والقانون الراسخة والرؤية التنموية التي تضع المواطن نصب عينيها". أ ف ب ، د ب أ

 

[embed:render:embedded:node:42545]