
في رثاء داعية السلام الإسرائيلي أوري أفنيريأفنيري...من بطل قومي إلى رجل مكروه في إسرائيل
كان أوري أفنيري لا يعرف طعم الراحة. فقبل عام واحد فقط - في عمر الثالثة والتسعين - كان ناشط السلام الإسرائيلي مفعمًا بالحيوية والطاقة. وفي حوار معه قال: "نحن بحاجة إلى قوة سياسية جديدة وأنا مستعد تمامًا للمشاركة". وأضاف: يجب أخيرًا أن يكون "واجبنا الرئيسي" هو طرد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو و"زمرته بأكملها". حينها كان لا يزال أوري أفنيري مقاتلًا لا يكل ولا يمل، ولا يخاف من الأقوياء.
لم يعد أوري أفنيري قادرًا على تنفيذ خطته. فقد توفي الإثنين 20 / 08 / 2018 في مستشفى في تل أبيب عن عمر ناهز الرابعة والتسعين عامًا، مثلما أكَّد ناطق باسم المستشفى لوكالة الأنباء الألمانية. أصيب أوري أفنيري في بداية شهر (آب/أغسطس 2018) بسكتة دماغية، ومنذ ذلك الحين دخل في غيبوبة. ولكن حتى وإن كان هذا الهدف الأخير لم يتحقَّق، فقد ترك أوري أفنيري بصماته على تاريخ بلاده - وفجوةً من الصعب جدًا ملؤها.
شارك أوري أفنيري في العمل السياسي نحو سبعين عامًا. وكان يدعو طيلة خمسة عقود إلى التسوية مع الفلسطينيين. وكان طيلة عشر سنين نائبًا في الكنيست الإسرائيلي. وهو ظاهرة استثنائية - مثلما كانت قد وصفته صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" بمناسبة عيد ميلاده التسعين.
هروبه من النظام النازي
بدأت حياة أوري أفنيري الحافلة بالأحداث في عام 1923 في مدينة بيكوم الألمانية الصغيرة الواقعة في ولاية شمال الراين ويستفاليا. حمل اسم هيلموت أوسترمان، وقد نشأ هناك في أسرة علمانية ليبرالية من الطبقة الوسطى. وبعد تولي أدولف هتلر زمام الحكم، هاجرت أسرته إلى فلسطين في عام 1933. لقد وصف ذلك وهو يتذكَّر تلك الأحداث بأنَّه "بداية حياة ثانية" و"خلاص".

تحوَّل هيلموت أوسترمان إلى أوري أفنيري. وفي سنّ مبكِّرة انضم إلى منظمة "أرغون" السرية الإرهابية القومية المتطرِّفة، التي كانت تقوم بتنفيذ هجمات على سلطة الانتداب البريطاني. لم يندم على هذه الخطوة حتى بعد عقود من الزمن. وقد قال في هذا الصدد: "في ذلك الوقت كان هذا هو أفضل شيء يمكنني فعله. (...) كنت أعتقد أنَّ من واجبي أن أقاتل من أجل تحرير البلد". وربَّما لهذا السبب أيضًا اشترك أوري أفنيري في حرب "الاستقلال" الإسرائيلية عام 1948، التي أصيب فيها بجرح كبير.