في لبنان بلد المحاصصة الطائفية والأجندات الإقليمية أول انتخابات برلمانية منذ نحو عقد من الزمن

جاء تنظيم لبنان ، البلد الصغير القائم على المحاصصة الطائفية، انتخاباته البرلمانية الأولى الأحد 06 / 05 / 2018 بعد نحو عشر سنوات شهدت أزمات سياسية متلاحقة وتراجعاً اقتصادياً ونزاعاً في سوريا المجاورة عزز الانقسام بين القوى السياسية. على مساحة 10452 كيلومتراً مربعاً، يعيش أكثر من 4,4 ملايين نسمة (وفق صندوق النقد الدولي)، أكثر من نصفهم من المسلمين. وتقدر نسبة المسيحيين بـأقلّ من 35 في المئة مقابل 64 في المئة من المسلمين. ويقوم نظام لبنان، ولغته الرسمية العربية وعاصمته بيروت، على المحاصصة بين طوائفه المتعددة، إذ يضم 18 مذهباً معترفا بها (2012): 12 مجموعة مسيحية وخمس إسلامية وأقلية يهودية لم تعد موجودة. وتتوزع الرئاسات الثلاث الأولى في لبنان على قاعدة مذهبية: رئاسة الجمهورية للمسيحيين الموارنة، ورئاسة المجلس النيابي للمسلمين الشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للمسلمين السنة. كما أن وظائف الفئة الأولى موزعة كذلك طائفيا. لبنان جمهورية برلمانية. في 1990، وبموجب اتفاق الطائف الذي وضع حدا للحرب الأهلية (1975-1990)، تم تعديل الدستور، فأصبح عدد أعضاء المجلس النيابي 128 موزعين مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، بعدما كان عدد المقاعد المسيحية قبل ذلك أكبر. كما تم تعديل صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي وأعطيت صلاحيات أكبر لـ"مجلس الوزراء مجتمعا". خضع لبنان للانتداب الفرنسي اعتبارا من 1920 بعدما كان تحت سيطرة الامبراطورية العثمانية. ونال استقلاله عام 1943. اندلعت حرب أهلية عام 1975 بين المسيحيين من جهة والفلسطينيين الذين كانوا يحتفظون بترسانة ضخمة من السلاح بحجة محاربة إسرائيل انطلاقا من الأراضي اللبنانية، ومدعومين من القوى اليسارية والإسلامية التي كانت تأخذ على المسيحيين هيمنتهم على السلطة.  واستمرت الحرب حتى 1990، ودخل على خطها الإسرائيليون الذين نفذوا اجتياحات مدمرة وصلوا خلال أحدها عام 1982 إلى بيروت. كما تدخل فيها السوريون اعتبارا من سنتها الثانية، وتمركز جنودهم في لبنان، وباتوا في التسعينيات يتحكمون بكل مفاصل الحياة السياسية. وأدت الحرب إلى سقوط 150 ألف قتيل. في 1982، انسحبت منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تتمتع بثقل عسكري وسياسي في الحياة اللبنانية من الجنوب وبيروت إلى طرابلس شمالاً، لتعود فتنسحب من عاصمة الشمال في 1983. في 25 أيار/مايو 2000، انسحبت إسرائيل من الجنوب تحت ضغط العمليات العسكرية التي نفذها خصوصا حزب الله. في عام 2005، انسحبت القوات السورية من لبنان بعد تواجد استمر ثلاثين سنة مارست خلاله نفوذا واسعا على الحياة السياسية. وجاء ذلك تحت ضغط الشارع والمجتمع الدولي إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، والذي وجهت أصابع الاتهام فيه حينها إلى دمشق.  

 واتهمت بعدها المحكمة الدولية الخاصة أعضاء في حزب الله بتنفيذ عملية الاغتيال. وشهد لبنان منذ 2005 أزمات سياسية وأمنية متلاحقة تضمنت عمليات اغتيال طالت بشكل أساسي المعارضين لدمشق.  في صيف 2006، حصل نزاع دامٍ بين حزب الله وإسرائيل أدى إلى مقتل 1200 لبناني. وزاد النزاع في سوريا المجاورة بدءاً من عام 2011 الانقسام بين القوى السياسية ومنها المؤيد للنظام السوري، لا سيما حزب الله وحلفاؤه، وأخرى معارضة له بشدة، لا سيما تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري. وتسبب تدخل حزب الله العسكري عام 2013 إلى جانب قوات النظام في سوريا بجدل كبير وتوتر سياسي. ونتيجة الخلافات الحادة، لم تجرِ أي انتخابات نيابية منذ عام 2009، بل مدد المجلس النيابي لنفسه ثلاث مرات. وشهدت البلاد شللاً مؤسساتياً انعكس فراغا في منصب رئاسة الجمهورية أكثر من عامين، قبل التوصل الى تسوية في عام 2016 أتت بميشال عون، حليف حزب الله، رئيساً للبلاد وبسعد الحريري رئيساً للحكومة. في الفترة ذاتها، استهدفت سلسلة تفجيرات مناطق لبنانية عدة وبينها الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله قرب بيروت، تبنتها تنظيمات جهادية في سوريا.  ويستضيف لبنان نحو مليون لاجئء سوري، ما يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا عليه.  النظام اللبناني ليبرالي حر. وسجل معدل النمو الاقتصادي في لبنان انخفاضاً منذ عام 2011، نحو 1,7 بالمئة خلال الفترة الواقعة بين 2011 و2017. ومن المتوقع أن يبلغ 2 بالمئة في العام الحالي 2018، وفق صندوق النقد الدولي.  وبلغ متوسط معدل النمو نحو 9,1 بالمئة خلال السنوات الثلاث التي سبقت اندلاع النزاع في سوريا المجاورة. وارتفعت نسبة الدين الى الناتج المحلي الإجمالي، إذ بلغت 150 في المئة في نهاية عام 2017 في ثالث أعلى نسبة على الصعيد الدولي بعد اليابان واليونان. وخلال مؤتمر "سيدر" الدولي في السادس من أيار/مايو 2017، تعهدت الأسرة الدولية بتقديم 11 مليار دولار لهذا البلد على شكل قروض وهبات لتعزيز اقتصاده واستقراره المهدّدين. وتراجعت المؤشرات الرئيسية على المستوى الاجتماعي بشكل واضح. وتضاعف معدل البطالة، بحسب صندوق النقد الدولي، بين عامي 2011 و2014 ليبلغ 20 في المئة. وينتشر الفساد في البلاد. وارتفعت نسبة الفساد في لبنان في عام 2005 عندما كان في المرتبة 83 من حوالى 180 بلدا، بحسب ترتيب تجريه منظمة الشفافية الدولية حول الدول الاكثر فسادا، وأصبح حاليا في المرتبة 143. أ ف ب