سوريا...مَن لم يمُت جوعًا فسيموت بالألغام أو برصاص القناصة

"الجوع أو الركوع" هكذا كان شعار النظام السوري وحلفاؤه. بين صرخات الأطفال الجياع واستغاثة الشعب المحاصر وبين مشاهد الهياكل البشرية، جعل الموت من سوريا موطناً له. هذا ما آلت إليه الأمور في سوريا حين اختلفت أساليب القمع والتعذيب كثيراً إلى أن وصلت إلى سياسة الحصار التي تقوم بها الأطراف المتصارعة في سوريا. فتنزل العواقب الوحشية على رؤوس المدنيين والأطفال كما يحدث في مضايا بمحافظة ريف دمشق. ريم ضوّا تسلط الضوء لموقع قنطرة على كارثة بلدة مضايا السورية، مع توارد أخبار حول وصول أولى المساعدات الأممية الإنسانية الغذائية والطبية لمناطق مضايا والفوعة وكفريا في سوريا.

الكاتبة ، الكاتب: ريم ضوّا

تحاصر قوات النظام السوري وحلفاؤه بلدة مضايا، التابعة لمدينة الزبداني بمحافظة ريف دمشق، التي تسيطر عليها كتائب المعارضة السورية المسلحة منذ حوالي السبعة أشهر، تم خلالها منع أي شخص من الخروج لإحضار مواد غذائية أو طبية. الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حالات الوفاة خاصة بين الأطفال. وبحسب تقرير أطباء بلا حدود وصل عدد الوفيات إلى 23 شخصاً قضوا جوعاً بسبب نقص الغذاء والمواد الطبية.

تطورات الحصار

 وعن حصار مضايا البلدة المتاخمة للحدود اللبنانية ،قالت الناشطة السورية ل.ح :" مضايا محاصرة منذ ما يقارب السبعة أشهر وازداد الحصار شدة في الشهرين الأخيرين. وبالرغم من بعض المساعدات التي دخلت خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015، إلا أنها لم تغير من الوضع المأساوي وخصوصاً أن عدد سكان مضايا قد بلغ الـ40 ألف شخاصاً بعد نزوح 20 ألف من الزبداني". وتتابع ل.ح التي تعمل لدى إحدى المنظمات الإنسانية التي اتخذت من بيروت مقراً لها: "في شهر أيلول/سبتمبر2015، تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية وكتائب المعارضة المسلحة، ينص على وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإغاثية في كل من مضايا، وبلدتي الفوعة وكفريا بمحافظة إدلب، المحاصرتين من قبل كتائب المعارضة المسلحة المقاتلة.

إلا أن هذا الاتفاق قد تم كسره من قبل كلا الطرفين". وتتابع قولها: " كنا نطالب بالمساعدات منذ بداية الحصار لتجنب هذه المأساة إلا أننا لم نوفق بالحصول على أي رد إلا بعد أن حصلت الكارثة وانتشرت صور الأجساد المتآكلة من الجوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. كان من الممكن تجنب ذلك".

#ضد_حصار_الجوع‬  ‎#break_hunger_siege
بانتظار دخول المساعدات وفك الحصار يتغذى سكان مضايا على الحشائش وأوراق الشجر، التي يندر توفرها أيضاً بسبب برودة الطقس، وقد وصل الجوع بهم حد قتل القطط وأكلها للبقاء على قيد الحياة. حصار قوات النظام السوري وحلفاؤه لبلدة مضايا مَنَعَ أي شخص من الخروج لإحضار مواد غذائية أو طبية.

تصل أسعار الطعام وحليب الأطفال إذا توفرت إلى أرقام خيالية تفوق الـمئة ألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، ما يعادل 300 دولارٍ أمريكي. ومن لم يمُت جوعًا ويحاول أن يكسر الحصار، فسيموت بالألغام أو برصاص القناصة. "الجوع أو الركوع" هكذا كان شعار النظام وحلفاؤه .

وتستدرك ل.م: "إن المساعدات لن تكون كافية فهي ليست سوى حل مؤقت، المطلوب حقاً هو رفع الحصار كلياً عن مضايا".

السماح بوصول مساعدات..

الصحفي والناشط السوري صخر إدريس
الصحفي والناشط السوري صخر إدريس: " إن المساعدات وإن دخلت فهي حل آني جداً، ولا أجد جدوى من التبرعات التي تُجمع. فهي تقوم بشكل غير مباشر بتمويل "عصابات" حزب الله والنظام السوري وبالتالي تشديد الخناق على أهالي البلدة الأبرياء". ويتابع موضحاً قوله: "إن دخول المواد الغذائية يتم عبر حواجز النظام وحلفاؤه، فيقومون باستغلال حاجة الناس ويفرضون الأسعار التي يريدونها بالتعاون مع تجار الحرب شركائهم، حيث يصل ثمن كيلو غرام الرز الواحد لـ 300 دولاراً ما يعني أن ثمن طن الرز 300 ألف دولاراً !! وكم يكفي ذلك ؟؟".

سمح النظام السوري بدخول المساعدات الغذائية والطبية اللازمة من الأمم المتحدة يوم الخميس 07/ 01 /2016 إلا أن شيئاً من تلك المساعدات لم يدخل (حتى لحظة كتابة هذا التقرير) إلى مضايا بحسب ما أفاده الصحفي والناشط السوري صخر إدريس الذي أضاف: " إن المساعدات وإن دخلت فهي حل آني جداً، ولا أجد جدوى من التبرعات التي تُجمع. فهي تقوم بشكل غير مباشر بتمويل "عصابات" حزب الله والنظام السوري وبالتالي تشديد الخناق على أهالي البلدة الأبرياء".

ويتابع موضحاً قوله: "إن دخول المواد الغذائية يتم عبر حواجز النظام وحلفاؤه، فيقومون باستغلال حاجة الناس ويفرضون الأسعار التي يريدونها بالتعاون مع تجار الحرب شركائهم، حيث يصل ثمن كيلو غرام الرز الواحد لـ 300 دولاراً ما يعني أن ثمن طن الرز 300 ألف دولاراً !! وكم يكفي ذلك ؟؟". ثم قال مستدركاً: " لذلك يجب على الهيئات والجمعيات الضغط على الأمم المتحدة وتذكيرها بنص قرار مجلس الأمن رقم 2139 الذي صدر عام 2014، والذي نص صراحة على رفع ‏الحصارعن المناطق ‏المأهولة واعتبر فيه "تجويع المدنيين ‏تكتيك حربي تحظره القوانين الإنسانية الدولية".

بانتظار دخول المساعدات وفك الحصار يتغذى سكان مضايا على الحشائش وأوراق الشجر، التي يندر توفرها أيضاً بسبب برودة الطقس، وقد وصل الجوع بهم حد قتل القطط وأكلها للبقاء على قيد الحياة.

يضيف صخر إدريس من باريس :" الملفت للانتباه أن المناطق التي تحاصرها الفصائل المسلحة لا تعاني من هذه الأوضاع الكارثية التي تعاني منها مضايا، ويدل ذلك بالإضافة إلى وجود العديد من الأدلة القاطعة، بدءاً من سلسلة الهدنات المتفق عليها من قبل الطرفين، وصولاً إلى (العرس الجماعي) الذي حدث مؤخراً بإحدى المناطق التي يُقال أنها محاصرة!.. كل ذلك يدل على التنسيق اللوجيستي بين الفصائل المسلحة والنظام السوري و"عصابات" حزب الله، الذي يعود بالمكاسب عليهم .وأنا أعني ما أقول".

#ضد_حصار_الجوع‬  ‎#break_hunger_siege
نقص المواد الغذائية جعل الأمهات في مضايا غير قادرات على إرضاع صغارهن، كما أنه لا يوجد حليب من مصادر أخرى لإرضاع الصغار. وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن 23 شخصا قضوا جوعا، بينهم ستة لا تتجاوز أعمارهم عاما واحدا، وخمسة تجاوزت اعمارهم الستين من العمر.

حملات تضامنية

انطلقت العديد من الحملات التضامنية مع مضايا في المدن الألمانية يوم السبت 09 / 01 / 2016 قام بتنظيمها مجموعة من النشطاء وشارك فيها هيئات وأحزاب سياسية وشخصيات حقوقية وجمعيات. بالإضافة إلى تنظيم حملة "اليوم العالمي لرفع الحصار عن سوريا" التي أطلقها عدة ناشطون من داخل سوريا وخارجها، بغية تسليط الضوء على الحصار الخانق وسياسة التجويع، الممارسة من قبل قوات النظام وحلفائه على العديد من المدن والبلدات السورية، وفي مقدمتهم مضايا والزبداني والغوطة الشرقية. وناشد الناشطون في الحملة، التي حُددت في 16 كانون الثاني/يناير 2016، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وحقوق الإنسان التدخل العاجل لإنقاذ حياة عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين. حيث قالوا في بيانهم: "حان الوقت لنقف ونقول كفى. في سوريا اليوم هناك من يموت جوعاً!".

  #ضد_حصار_الجوع  ‎#break_hunger_siege

 

 

ريم ضوّا

حقوق النشر: قنطرة ar.qantara.de 2016