مقاربة بين الحياة في ألمانيا والمغرب

تنقل الكاتبة الألمانية المغربية منى أمزياني في كتابها "على سطح البسيدي" القراء الألمان إلى أجواء المغرب وطبيعة الحياة فيه.

الكاتبة ، الكاتب: علاء جمعة

كتاب جديد أثار اهتمام القراء الألمان، يتعلق بالهوية والمواطنة والاندماج، والتعرف على الوطن والعائلة بمفهوم جديد. الكاتبة الألمانية المغربية، منى أمزياني، تتحدث عن نشأتها بين ثقافتين مختلفتين، تفصل بينهما ما هو أكثر من ثلاث ساعات من السفر بالطائرة، لتنقل أمزياني للقارئ الألماني عبر كتابها  "Auf Basidis Dach" "على سطح البسيدي" بالمغربية الدارجة، والذي تعني على "سطح دار جدي" عن  الجزء المغربي من عائلتها في رحلة تقودها للتعرف على البلد الذي ولد فيه والدها، وركوب سيارات الأجرة والتنقل عبر جبال الأطلس، وعن شرفة بيت جدها وذكريات العائلة.

وهو ما يجعل منها رحلة للتعرف على الذات مجددا بمشاهدات من المغرب وألمانيا وما يعنيه المغرب بالنسبة إليها، ونقل طبيعة الحياة في كل بلد، والاختلافات في التعامل والتصرف والحياة بين الثقافتين.

أمزياني (27 عاما) والتي ولدت في بلدة مارل، بالقرب من دورتموند في ولاية شمال الراين ويستفاليا، لأم ألمانية وأب مغربي، والتي تعمل معدة ومقدمة برامج لقناة WDR نقلت عبر كتابها الأول عن الحياة في المغرب والثقافة التي تختلف عن ألمانيا عبر مشاهدات، عايشتها هناك، أثناء اتمامها سنة دراسية، غيرت من حياتها، وعرفتها على جذورها.

فالكاتبة مصممة على طرح المزيد من الأسئلة. ليس فقط على والدها، ولكن أيضًا على نفسها وعلى المواطنين هناك، لتنقل صورة مختلفة عن بلد، قد يراه معظم الناس في ألمانيا بأنه مجرد وجهة لقضاء العطلة.

غلاف كتاب "على سطح البسيدي" الشيق الذي يقارب بين الحياة في ألمانيا والمغرب.
في كتباها "على سطح البسيدي" تصف الكاتبة الألمانية المغربية منى أمزياني مشاعرها المتناقضة أثناء اقامتها في المغرب، حيث تبدأ رحلة البحث عن الهوية، والاختلاف الثقافي تطفوا على السطح، لتظهر كذلك الصور النمطية المخزنة لدى الناس من حولها حول طبيعة العيش في ألمانيا والمغرب، وعن طريقة حياتها أيضا.

وفي مقابلة تلفزيونية مع محطة NDR الألمانية تتحدث أمزياني أكثر حول كتابها وتجربتها، لتبين كيف أنها حاولت في رحلة البحث عن الجذور، التعرف على بلدها المغرب، ربما بعيون مختلفة، وهو ما أثار اهتمام وتساؤل والدها في البداية عن طبيعة ما ستكتبه، حين أخبرته بعزمها على نقل تجربتها هناك إلى كتاب باللغة الألمانية. ويقودها بحثها في المدن المغربية إلى فاس حيث منزل أجدادها، وإلى أغادير، حيث عاشت هناك فترة مع عائلة فاحشة الثراء، لتنتقل بعدها إلى القرى النائية حيث يهز الناس أكتافهم فقط، حين تحاول أن تشرح لهم عن مكان مولدها وإقامتها ألمانيا.

الكتاب الذي تناول قضايا الدين والاندماج والعادات، ومفهوم الهوية، أثار اهتمام الإعلام الألمان

صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" كتبت عن الكتاب والتجربة للمؤلفة الشابة، وعن قضية الاندماج الذي أثارتها مرارا في الكتاب والبحث عن الهوية. فالمؤلفة شعرت وبالرغم من أصولها المغربية بأنها ضيفة، وتعامل كذلك، بالرغم من محاولتها التعامل عكس ذلك، لتتكلم في الكتاب عن تجربة والدها في الاندماج، فهو مهندس ناجح ويعيش منذ 30 عاما في ألمانيا، ومندمج بنجاح في بيئته ومحيط عمله، فضلا عن كون زوجته ألمانية، إلا أنه لا يزال يشعر بأنه ضيف في هذه البلاد.

وبحسب الصحيفة الألمانية، فإن رحلة البحث عن الذات، والتعرف على الجزء المغربي غير المكتشف في شخصية الكاتبة، شكل جانبا كبيرا ومهما في كتابها. فهي ولدت ودرست في ألمانيا، وتعمل في مؤسسة ألمانية، لتكتشف بعدها أن المغرب، ورغم بعدها عنه لفترة طويلة، هو جزء موجود في شخصيتها، عليها اكتشافه، ومعرفة تأثيرات ذلك على شخصيتها وشعورها بالهوية.

وتصف الكاتبة أمزياني للصحيفة الألمانية، مدى مشاعرها المتناقضة، أثناء اقامتها في المغرب. حيث مشاعر البحث عن الهوية، والاختلاف الثقافي تطفوا على السطح، لتظهر كذلك الصور النمطية المخزنة لدى الناس من حولها حول طبيعة العيش في ألمانيا والمغرب، وعن طريقة حياتها أيضا.

ولأنها تشعر بأنها جزء من هذا الاختلاف الثقافي، لجأت إلى مراقبة الأحداث عن كثب وسؤال من حولها من أجل فهم أفضل لثقافة البلد.

ويصبح الأمر معقدًا ومتناقضا في بعض الأحيان. حيث تنقل الكاتبة وتحلل العديد من الجوانب الثقافية المتعلقة بالحياة في المغرب وعن العادات والتقاليد، وهو ما يقودها إلى المقارنة أيضا مع ألمانيا. وغالبًا ما تكون نقطة البداية هي سطح البسيدي، أي سطح منزل جدها، حيث تراقب من هناك الحياة في فاس القديمة، وتنقل القارئ إلى أجواء المدينة وتكتب عن انطباعاتها ومشاهداتها.

صحيفة " مارلر تسايتونغ"، وهي المدينة التي ولدت ونشأت فيها الكاتبة، كتبت عن نجاح أمزياني في إثارة اهتمام الجمهور الألماني عن الكتاب، حيث احتشد في قاعة مسرح البلدة أكثر من 400 ضيف، ليسمعوا أمزياني وهي تقرأ مقاطع من كتابها. وتقول الصحيفة، التي تدربت فيها أمزاني أثناء دراستها الإعلام في جامعة دورتموند، إن الأمر بدأ وكأن هذا الحفل كان رجوعا للعائلة، الجميع كان مهتما وأراد الحضور، حتى مزين الشعر الخاص بالكاتبة، والميكانيكي، والجيران، والأصدقاء. وقضايا الهوية والاندماج والدين والثقافة التي طرحها الكتاب، أثارت اهتمام البلدة.

 

الكاتب: علاء جمعة

حقوق النشر: دويتشه فيله 2022