تناقضات الأتاتوركية تصب معا في المشهد الرمزي: حين قامت صبيحة غوكتشن -ابنة أتاتورك بالتبني من أصل أرمني وأول امرأة تحمل لقب طيارة في سلاح الجو التركي- بإلقاء القنابل عام 1937على المتمردين الأكراد في منطقة درسيم في شرق الأناضول، والمعروفة الآن بـ "تونغلي"، أو حين قام جنرالات الانقلاب الأتاتوركي بإعدام رئيس الوزراء عام 1960، وبإعلانهم دستور عام 1961 بدأوا المرحلة الأكثر ليبرالية في تاريخ تركيا، والتي وأدها جنرالات آخرون بوحشية في الانقلاب الثالث عام 1980 على أبعد تقدير.

بدراية وتمايز يتجول راينكوفسكي في كتابه عبر غموض التعددية السياسية وداخلها بعد عام 1960. وفي الفصل الأطول من الكتاب -والذي لم يأتِ طوله بالتأكيد مصادفةً عن "وعود التيار الإسلامي المحافظ"- نجح راينكوفسكي في تقديم تصنيف متقن للقوى السياسية المتصارعة والمتناحرة فيما بينها بعنف وكذلك للطيف الإسلامي اليميني المحافظ، الذي برز منه أشخاص مثل إردوغان وحزب العدالة والتنمية، الذي يتولى السلطة منذ عام 2002. وهنا يصبح من المفهوم سبب تصفية اليسار السياسي بعد انقلاب 1980. وهيمنت "التوليفة التركية الإسلامية" منذ ذلك الحين وتمكن إردوغان من إقامة نظام رئاسي سلطوي. ومنذ إدخال نظام التعددية الحزبية في عام 1950 صوّت حوالي 60 بالمائة من الناخبين للأحزاب المحافظة والدينية.
يختم الكتاب بفكرة متفائلة محبوبة حول القدرات الكامنة التي يمكن لتركيا أن إبرازها إذا تخلت عن التيار الإسلامي المحافظ والنزعة القومية. راينكوفسكي يفهم تركيا ويعرف كيف يشرحها ببراعة للقارئ.
شتيفان بلاغينبورغ
ترجمة: صلاح شرارة
حقوق النشر: فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ / موقع قنطرة 2022
ماوروس راينكوفسكي: "تاريخ تركيا". من أتاتورك إلى الوقت الحاضر. الناشر سي. هـ. بيك C.H. Beck، عدد الصفحات 496، ميونخ عام 2021، السعر: 32 يورو.