ماذا بعد تصنيف أمريكا للحرس الثوري منظمة إرهابية وتصنيف إيران للنظام الأمريكي كداعم الإرهاب؟

صنف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الإثنين 08 / 04 / 2019 الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، في خطوة لم يسبق لها مثيل أثارت ردا من إيران في الشرق الأوسط الذي يزداد اضطرابا.

وهذه هي المرة الأولى التي تصنف فيها واشنطن رسميا جيش دولة أخرى جماعة إرهابية. وقال ترامب في بيان "الحرس الثوري هو أداة الحكومة الرئيسية لتوجيه وتنفيذ حملتها الإرهابية العالمية".

وأدانت إيران القرار على الفور وقالت إنه إجراء غير قانوني ناجم عن نفوذ إيران الإقليمي و"نجاحها في قتال تنظيم الدولة الإسلامية"، بحسب التلفزيون الرسمي الإيراني.

وتصاعدت التوترات بين البلدين منذ أن قرر ترامب في مايو / أيار 2018 انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع طهران وأعاد فرض العقوبات التي أصابت الاقتصاد الإيراني بالشلل.

وقال ترامب إن الاتفاق لم يعالج نشاط إيران المرتبط بالصواريخ الباليستية أو ما يراه نفوذها الخبيث في المنطقة.

تأسس الحرس الثوري عام 1979 لحماية النظام الديني الحاكم، وهو أقوى منظمة أمنية إيرانية ويسيطر على قطاعات كبيرة من اقتصاد الجمهورية الإسلامية والقوات المسلحة ولديه تأثير هائل على نظامها السياسي.

وقد تؤدي مشاركة الحرس الثوري في النظام المصرفي الإيراني وصناعة الشحن البحري إلى تعقيد الأوضاع مع حلفاء الولايات المتحدة بما في ذلك الاتحاد الأوروبي الذي أقام آلية جديدة لتسهيل المدفوعات مقابل الصادرات الإيرانية. ولم يتضح على الفور كيف ستؤثر خطوة يوم الإثنين على علاقات أوروبا التجارية مع إيران.

وقد يواجه من يقوم بالأعمال مع الحرس الثوري السجن لمدة تصل إلى 20 عاما بالإضافة إلى منعه من دخول الولايات المتحدة أو ممارسة الأعمال هناك.

وقال ترامب إن التصنيف "يوضح بجلاء مخاطر الدخول في معاملات مالية مع الحرس الثوري أو تقديم الدعم له... إذا تعاملت ماليا مع الحرس الثوري فإنك بذلك تمول الإرهاب".

وذكر التلفزيون الرسمي أن إيران حذرت يوم الإثنين من أن تصنيف الولايات المتحدة الحرس الثوري منظمة إرهابية قد يعرض السلم والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم للخطر.

وأقدمت طهران أيضا على إجراء مماثل بإعلان القيادة المركزية الأمريكية منظمة إرهابية والحكومة الأمريكية راعية للإرهاب.

وقال مجلس الأمن القومي الأعلى في بيان: "هذا الإجراء الأحمق وغير القانوني إنما هو تهديد خطير للاستقرار والسلم إقليميا ودوليا... إيران تصنف النظام الأمريكي داعما للإرهاب".

وقالت السلطات الإيرانية إن القرار الأمريكي خطأ كبير سيعرض المصالح الأمريكية في المنطقة للخطر، حيث تخوض إيران حروبا بالوكالة من سوريا إلى لبنان.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر إن الخطوة تستهدف تأمين انتخاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لفترة جديدة في اقتراع الثلاثاء. وغرد ظريف قائلا: "هدية أخرى لنتنياهو عشية الانتخابات تنطوي على سوء تقدير.. وحماقة خطيرة أخرى ترتكبها الولايات المتحدة في المنطقة".

وكرر قادة الحرس الثوري الإيراني القول إن القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط وحاملات الطائرات الأمريكية في الخليج في مرمى نيران الصواريخ الإيرانية. وهددت إيران بتعطيل شحنات النفط في مضيق هرمز بالخليج إذا حاولت الولايات المتحدة خنق الاقتصاد الإيراني بوقف صادرات النفط.

ويحذر منتقدون من أن تلك الخطوة قد تجعل مسؤولي الجيش والمخابرات الأمريكيين عرضة لإجراءات مماثلة من جانب حكومات غير صديقة. وسبق أن أدرجت الولايات المتحدة بالفعل عشرات الكيانات والأشخاص على قوائم سوداء لانتمائهم للحرس الثوري، لكنها لم تدرج القوة بأكملها على تلك القوائم.

"نظام خارج على القانون"

وضغط وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، وهو منتقد شديد لإيران، من أجل تغيير السياسة الأمريكية في إطار موقف إدارة ترامب المتشدد تجاه طهران.

وتمت مناقشة الإجراء الأمريكي ضد الحرس الثوري الإيراني بأكمله داخل إدارة ترامب لعدة أشهر، إذ سعت واشنطن إلى سبل إضافية للضغط على إيران والحد من نفوذها المتزايد في سوريا والعراق واليمن.

وقال بومبيو: "هذا التصنيف رد مباشر على نظام خارج على القانون ويجب ألا يثير دهشة أحد". ويدخل التصنيف حيز التنفيذ يوم الإثنين المقبل.

وفي عام 2017، حذر محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري من أن ترامب إذا مضى في تصنيف الحرس جماعة إرهابية "فحينها سيعتبر الحرس الثوري الجيش الأمريكي مثل تنظيم الدولة الإسلامية في مختلف أنحاء العالم".

وتنذر مثل هذه التهديدات بالخطر بشكل خاص بالنسبة للقوات الأمريكية في مناطق مثل العراق، حيث تتمركز ميليشيات شيعية متحالفة مع إيران على مقربة من القوات الأمريكية.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الاثنين إن الحرس الثوري انخرط في نشاط إرهابي منذ نشأته، بما في ذلك تفجير أبراج الخبر عام 1996 في السعودية والذي أسفر عن مقتل 19 أمريكيا وخطة فاشلة لمهاجمة السفير السعودي لدى الولايات المتحدة على الأراضي الأمريكية.

واستشهدت بما قالت إنها مخططات إرهابية للحرس الثوري تكشفت في أوروبا وأفريقيا. ويقول بعض المنتقدين إن إدارة ترامب اختارت هذا التوقيت لاتخاذ الخطوة قبيل الانتخابات الإسرائيلية التي أجريت الثلاثاء.

وشكر نتنياهو ترامب على اتخاذ الخطوة في تغريدة على تويتر. وثمة عداء متزايد بين إيران وإسرائيل لا سيما في سوريا، حيث ساعد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الرئيس بشار الأسد لتصبح له الغلبة في الحرب الأهلية.

شبكة الحرس الثوري الواسعة

الحرس الثوري مسؤول عن برامج إيران النووية والمتعلقة بالصواريخ الباليستية. وتحذر طهران من أن لديها صواريخ يصل مداها لألفي كيلومتر، مما يضع إسرائيل والقواعد العسكرية الأمريكية في نطاق تلك الصواريخ.

وزادت سطوة الحرس الثوري الاقتصادية في عهد الرئيس الإيراني السابق والعضو السابق في الحرس محمود أحمدي نجاد منذ عام 2005.

وبعد أن فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عقوبات على قطاعي النفط والمالية الإيرانيين في عام 2012، تولى الحرس الثوري الإيراني أعمال شركات النفط الأوروبية التي اضطرت إلى المغادرة.

وكافأ الحكام الدينيون الإيرانيون الحرس على خرقه للعقوبات فضلا عن قمع المعارضة في الداخل ومساعدة حلفاء طهران في الخارج، لا سيما الأسد.

بيد أن معظم أعمال الحرس الثوري في السنوات الأخيرة جرت عبر شركات واجهة، كثير منها غير مملوكة رسميا للحرس لكن لأشخاص ومؤسسات مرتبطة به.

ودرست الإدارات الأمريكية المتعاقبة توسيع التصنيف ليشمل الحرس بأكمله لكنها قررت أن الخطر على القوات الأمريكية في الخارج كبير للغاية، وذلك بحسب مسؤولين أمريكيين سابقين.

ورفضت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مناقشة ما يقوم به الجيش الأمريكي لحماية قواته من أي رد للحرس الثوري أو أي ميليشيا موالية لإيران في مناطق مثل العراق. وأكد مسؤولون أمريكيون طلبوا عدم نشر أسمائهم أن الجيش الأمريكي يتخذ كل الخطوات اللازمة ونبه القادة العسكريين الأمريكيين قبيل صدور الإعلان. رويترز