مشجعون عرب في الدوحة قبيل انطلاق مونديال 2022 في قطر.

ما يعنيه مونديال قطر للعرب
أول كأس عالم على أرض عربية فخر للعالم العربي

في العاصمة القطرية تحتفل جماهير العالم العربي بأول بطولة كأس عالم على أرض عربية معتبرةً الانتقادات الأوروبية شديدة المبالغة، فكل إنسان مرحب به هناك. دنيا رمضان التقت ببعضهم في الدوحة وتنقل لنا آراءهم.

يجلس المصريون على مقهى صغير في وسط سوق "واقف" في الدوحة، المقام على ساحة السوق القديمة. لا تزال درجات الحرارة هنا ثلاثين درجة في المساء أيضا. يشرب الرجال شاي الكرك، الشاي الأسود، في الهواء الطلق، وتنبعث منه في الجو رائحة الهيل، والأجواء تعمها البهجة والمرح. كيف تعرف المصريين من بين الموجودين؟ من خلال "النمس الفرعوني" -غطاء الرأس الملكي في مصر القديمة- الذي يُسَلَّم من شخص لآخر يحل عليه الدور للكلام بين أفراد المجموعة.

"رغم أن مصر ليست مشاركة (في كأس العالم) إلا أنني موجود هنا لأشجع الدول العربية الأخرى"، يقول أحمد حسين (65 عاما)، الذي وصل بالطائرة من القاهرة مؤخرا:

لقد نجح المغرب وتونس وقطر والمملكة العربية السعودية في الوصول إلى نهائيات كأس العالم، وواحدة من تلك الدول ستفوز باللقب، بحسب ما يتمنى المشجعون العرب المتواجدون في قطر. ويتساءل حسين، الذي كان متواجدا بكأس العالم الماضية في روسيا عام 2018، "لقد قدّمت قطر الكثير من التنازلات، فالكحوليات مسموح بها، ويمكن لغير المتزوجين المبيت في الفنادق، والمثليون أيضًا مرحب بهم. فما الذي يمكن أن تطلبه أكثر من ذلك؟"

ثم خلع أحدهم غطاء الرأس الفرعونى، إنه محمد صبري، المصري البالغ من العمر 48 عامًا والذي يعيش في قطر منذ 15 عامًا، ويريد أيضًا أن يعبر عن شيء بداخله قائلا: "قطر مستعدة 100 بالمائة لكأس العالم هذه. إنه أول كأس عالم على أرض عربية، نحن سعداء جدًا بقطر، وكلنا إخوة".

بدت على وجوه بعض الأشخاص في المجموعة ابتسامة ساخرة، إثر سماعهم لهذا المديح. قبل سنوات قليلة فقط، لم تكن قطر محبوبة بالنسبة للمصريين. ففي عام 2017، فرضت مصر، ومعها السعودية والإمارات العربية والبحرين، حصارًا اقتصاديًا على الإمارة. واتُهمت الدوحة آنذاك بأنها مقربة جدًا من جماعة الإخوان المسلمين وتركيا وإيران.

وعلى كال حال، فإن عرب الخليج كانوا كثيرا ما يُقال عنهم من وراء ظهورهم إنهم لديهم الكثير من الأموال ولكن ليس لهم تاريخ، كما يحب أن يقول مصريون أو عراقيون أو سوريون.

"الأجواء هنا رائعة"

على بعد أمتار قليلة، تتجول رجاء البالغة من العمر 24 عامًا وأمينة البالغة من العمر 25 عامًا عبر الشوارع الضيقة. الشاباتان المغربيتان من الدار البيضاء تعملان في القطاع المالي، وهما في الدوحة لأول مرة لمدة ثلاثة أسابيع. وتقول رجاء، التي ترغب في ذكر اسمها الأول فقط: "بصفتنا عربيتين، فنحن فخورتان بأن قطر تستضيف أكبر حدث رياضي في العالم بمستوى عالمي والأجواء هنا رائعة".

 

 

مشجعون عرب في الدوحة قبل انطلاق مونديال قطر 2022: Arabische Fans in Doha vor Beginn der Fußballweltmeisterschaft 2022; Foto: Dunja Ramadan
المشجعون العرب في الدوحة يتطلعون للمونديال بسعادة: فماذا عن الانتقادات من أوروبا وحقوق العمال الوافدين والتصريحات حول المثلية الجنسية؟ تقول رجاء، وهي شابة مغربية من الدار البيضاء تعمل في القطاع المالي وقد جاءت إلى الدوحة للتشجيع في بطولة كأس العالم: "بشكل عام، دائمًا ما يجد الأوروبيون عيبا فينا نحن العرب. ومن الصعب عليهم أن يروا التقدم لدينا". وتضيف رجاء: "ما أنجزته قطر هو بمستوى عالمي، لكن الأوروبيين يريدون دائمًا التقليل منا".

 

وماذا عن الانتقادات، القادمة من أوروبا، بشأن حقوق العمال الوافدين، والتصريحات حول المثلية الجنسية؟ تتنقل رجاء في حديثها بين العربية والفرنسية فتقول: "بشكل عام، دائمًا ما يجد الأوروبيون عيبا فينا نحن العرب. ومن الصعب عليهم أن يروا التقدم لدينا. ما أنجزته قطر هو تنظيم على مستوى عالمي، لكن الأوروبيين يريدون دائمًا التقليل منا". كلتا الشابتين زارتا فرنسا من قبل وتفضلان الحديث عن العنصرية ضد العرب.

سماح من تونس، تعيش في الدوحة منذ 14 عامًا، وهي أيضا لا تحبذ كثيرًا انتقاد قطر. ترتدي مدرسة التربية الرياضية الطربوش الأحمر (التونسي) وتقضم من خبز من نوع الشاباتي وتعلق قائلة: "يجب على الغربيين أن يأتوا إلى هنا وأن يروا الصورة بأنفسهم بدلاً من التشبث بأفكارهم النمطية".

ويتفق صديقاها سلومة وصفوان مع ما تقول: "أخيرًا، يمكننا نحن العرب أن نجتمع ونحتفل. لدينا مشاكل كافية، والله أعلم، لذا دعونا نعيش بعض الأيام الجميلة"، بحسب ما يقول سلومة، الذي يعمل كفرد أمن في الدوحة وقد ترقرقت الدموع في عينيه وهو ينطق بهذه الكلمات، لدرجة أن صفوان، الذي يعمل في صالة الألعاب الرياضية، يتابع كلام صديقه قائلا: "أخيرًا، يمكننا إظهار وجهنا الحقيقي: ستكون هذه أفضل كأس عالم على الإطلاق".

ثم تستشهد سماح بمثل عربي يقول: "ما لقوش في الورد عيب، قالوا له يا أحمر الخدين". ويقابل ذلك مثل في اللغة الألمانية معناه: سيجدون شعرة في كل حساء.

لكن، دعنا من هذا الآن، هل قطر مثل الوردة؟ يعيش محمد الهنداوي في الدوحة منذ ثماني سنوات وينظر إلى أناشيد الثناء والمديح من وجهة نظر براغماتية: "الناس هنا فرحون بشكل خاص بأنه أخيرًا أصبحت هناك حياة في مدينة الأشباح هذه". ويشير المصري إلى الشوارع المزدحمة بالجماهير التي تغني وترقص وبحر الأعلام الملونة ويقول: "هذا ببساطة لم يكن موجودًا من قبل، لم يكن هناك شيء مثير للاهتمام يحدث هنا. وهذا الافتقار إلى الشعور بالحياة كان ثقيلا على الروح"، يقول الشاب البالغ من العمر 31 عامًا، والذي تعين عليه قطع حديثه معنا عدة مرات لتحية معارفه.

"بطولة كأس العالم حدث تاريخي لهذا البلد"

وبعدها (جاء) كل هؤلاء الناس، الذين يمشون على أقدامهم في الشوارع، وهذا خيال حقا، يعتقد الهنداوي. ولكن ماذا يقصد بهذا؟ يقول موظف البنك: "كانت الدوحة مدينة سيارات، واليوم يقفز الكثير من الناس في الحافلات، أو مترو الأنفاق أو يسيرون ببساطة في نزهة على الأقدام. إنه شعور حياتي مختلف تماما".

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة