مبارزة شعر زجل في سوريا عابرة للخلافات لتعزيز السلام وقبول الآخر في مجتمع أصيب بشرخ الحرب

تحت سماء مدينة شهدت على مبارزة بالمدافع الحية على مدى نحو ثماني سنوات نظم اثنان من أبرز شعراء الزجل في سوريا حفلا عابرا للخلافات بهدف التقريب بين أبناء المجتمع السوري الذي أصيب بشرخ الحرب.

وخاض الدمشقيون الأحد 18 / 11 / 2018 مبارزة جديدة بسيوف الزجل الشعبي رفعت تعزيز السلام وقبول الآخر شعارا لها بعد الانقسام المذهبي والطائفي الذي أفرزته الحرب في سوريا.

والزجل هو فن من فنون الأدب الشعبي ويعود أصله إلى جزيرة العرب قبل الإسلام، ولكن بعض الباحثين يعتبرون أن أصوله ترجع إلى الأندلس.

وينتشر الزجل بشكل كبير في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، وهو شكل تقليدي وارتجالي من أشكال الشعر العربي. وخلال الحفل كانت المبارزة الزجلية محتدمة وسط حضور شعبي فاق التوقعات، وقد تناول الزجالون موضوعات الحب والحرب وياسمين الشام ولم ينسوا أن يعرجوا على قذائف الهاون التي أدمت الدمشقيين.

وتقول إحدى الرديات الزجلية "نحنا اللي مرقنا بظرف قاسي / ولولا نعمة الصبر انتهينا / شبعنا حروب وشبعنا مآسي وبدنا سوريا ترجع قوية وسلام الرب يتحنن علينا".

ثم يرد شاعر آخر "حرب الطبيعة حرب مشروعة / بتدبير راعي الكون موضوعة / حرب البشر إجرام واستبداد بالدين والأخلاق ممنوعة / شوف السلام بليلة الميلاد طاف الفرح ع أرض موجوعة / ويا ريت ما كبرنا بقينا ولاد وشموعنا بالعيد مزروعة / شوف السلم قديش عنده عياد / إيده غصن زيتون مرفوعة / وشوف الحرب شو دمرت البلاد وخلت سوريا أم مفجوعة / نار الحرب لازم تصير رماد وتظل بنت السلم دلوعة / وإن شاء الله الفرح ع بلادنا ينعاد وشمس السلام تعم كل الكون وجفن الظلام ينام ما يوعى".

سوريا - دمشق - سوق الحميدية

وقال شادي سروة قائد فرقة مار أفرام البطريركية التي نظمت الحفل إن هذا الحفل الشعري جزء من مبادرة نحو السلام التي بدأت في شهر سبتمبر / أيلول 2018 بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وأضاف لرويترز أن المبارزة الشعرية محورها هو السلام الذي يشكل مبدأً توافقياً "ورح تودينا أن نفهم أكثر مبدأ السلام وقبول الآخر". ويرى الشاعر الزجلي شادي موسى أن إحدى رسالات الزجل تكمن في تسليط الضوء على القضايا التي تهم الشعب وتلمس هموم الناس.

وقال لرويترز: "يعني أنا إذا ما بدي أحكي موضوع يهم الناس ويتفاعلوا معه فأنا شو بكون عملت، بكون أجيت حكيت ورحت، فالسلام يلمس الكل إضافة إلى الحرب والغلا، وأحيانا الشعر بيوصل لدرجة النقد. الشاعر بيشوف وين فيه أخطاء، ومن واجب الشاعر أن يسلط عليها الضوء".

وجمعية شعراء الزجل في سوريا مرخصة وتابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية لكن وزارة الثقافة لم تعترف بها ويقول موسى: "نحاول الدخول وكتير عم نبذل جهود ما عم نقدر، الأبواب مسكرة وفوق هيك طلع قرار من وزارة الثقافة منع الشعر الزجلي والأمسيات الزجلية في المراكز الثقافية وهذا الأمر غير مبرر".

وقال الشاعر الزجلي سمير هلال إن أهمية الصيغة الزجلية هي في كونها صيغة الشعر المحكي. وأضاف: "نحنا عم نغنيها عن طريق المنبر الزجلي أو من خلال الأغاني الوطنية الفيروزية، أو وديع الصافي أو أي أغنية باللغة المحكية، عم تلمس الشعب مباشرة دون استئذان".

سوريا

ويعتبر هلال أن شاعر الزجل يتمتع بموهبة فطرية قائلا: "هي قريحة، فهناك كثير من الشعراء يكونون أميين لكن بيقولوا حكي موزون وحكي مقفى، فهذه ترجع لموهبته. عندنا شعراء غير متعلمين أبدا، وأنا منهم، وفي شعراء متعلمين، يعني العلم ما بيضيف عليها شيء بس المطلوب من الشاعر إنه يكون مثقف".

ويقول مروان البحري رئيس جمعية شعراء الزجل في سوريا إن الجمعية حاولت وستبقى تحاول أن يظل الزجل لسان حال الناس للحفاظ على الألفة داخل المجتمع السوري وبين شريحة الشباب. رويترز