محمد مرسي أول رئيس مصري مدني "تحدث بالمحكمة 20 دقيقة وانفعل فأغشي عليه ونُقل للمستشفى وتوفي"

يعد الإسلامي محمد مرسي، الذي توفى يوم الإثنين 17 / 06 / 2019 عن عمر 67 عاما، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر، لكنه قضى عاما واحدا في سدة الحكم قبل أن يطيح به الجيش في عام 2013 ويموت خلال محاكمته.

وأطلقت عملية الإطاحة بمرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، الذي انتخب رئيسا في حزيران/يونيو 2012 بعد الثورة على نظام حسني مبارك، حملة قمع واسعة قتل فيها مئات من أنصاره ومثلت ضربة موجعة لتيار الإسلام السياسي في مصر.

وصدرت أحكام بالإعدام والمؤبد ضد مرسي الذي واجه خمس محاكمات منذ إطاحة الجيش به في 3 تموز/يوليو 2013 إثر تظاهرات حاشدة احتجاجا على فترة حكمه التي اتسمت باضطرابات سياسية واقتصادية كبيرة. 

وألغت محكمة النقض في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 حكمين بالإعدام والمؤبد ضده في قضيتي "الهروب من السجن" و"التخابر مع قوى أجنبية" على التوالي وقررت إعادة محاكمته، فيما أيدت نفس المحكمة حكما نهائيا بسجنه 20 عاما في أحداث عنف أخرى.

وتوفي مرسي يوم الإثنين أثناء حضوره جلسة إعادة محاكمته -في قضية "التخابر"- المعقودة في أكاديمية للشرطة في جنوب القاهرة.

وقالت مصادر أمنية وطبية إنّ "مرسي تحدث أمام المحكمة لمدة 20 دقيقة وانفعل ثم أغشي عليه ونقل إلى المستشفى حيث توفي".

ولمرسي أستاذ الهندسة وعضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين، تاريخ سياسي حافل قبل الإطاحة بمبارك في شباط/فبراير 2011.

في العام 2000، أصبح مرسي نائبا في مجلس الشعب ثم اعيد انتخابه في 2005 قبل سجنه سبعة أشهر سبب مشاركته في تظاهرة مؤيدة لحركة القضاة التي طالبت آنذاك باستقلالية القضاء.

وفي 2010 أصبح مرسي متحدثا باسم جماعة الإوان المسلمين وعضوا في مكتب الإشاد (المكتب السياسي للجماعة).

واعتُقِلَ مرسي مجددا لفترة قصيرة في 28 كانون الثاني/يناير 2011 بعد ثلاثة أيام من اندلاع الانتفاضة التي أسقطت مبارك.

ومع إطلاق الجماعة لحزبها السياسي بعد الثورة، أصبح مرسي أول رئيس لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين. 

ورغم ذلك، لم يكن مرسي مرشح الإخوان الرئيسي في انتخابات 2012 الرئاسية بل كان مرشحا احتياطيا دفعت به الجماعة بعد استبعاد مرشحها الأساسي ورجلها القوي خيرت الشاطر. واستخدم معارضو الإخوان آنذاك لفظ "الإستبن" (الإطار الاحتياطي للسيارة) للسخرية من مرسي. وفي الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، اضطر كثير من الناخبين لاختيار مرسي كتصويت احتجاجي ضد منافسه أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.

وفاز مرسي بالمنصب الرفيع في مصر بفارق ضئيل عن شفيق، ليصبح أول رئيس إسلامي للبلاد. وبعيد انتخابه، أقسم مرسي، صاحب اللحية الخفيفة والنظارات الطبية، في ميدان التحرير أنه "سيكون رئيسا لكل المصريين".

لكن الميدان ذاته وشوارع أخرى عبر البلاد فاضت بمعارضيه المطالبين برحيله بعد عام واحد فقط من توليه الحكم.  وفقد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست قبل نحو 90 عاما الحكم بشكل دراماتيكي وسريع.

فالاخوان المسلمون، القوة السياسية الأكثر تنظيما في مصر والتي اكتسحت كافة الاستحقاقات الانتخابية بعد الإطاحة بمبارك، فشلت في الاحتفاظ بالحكم رغم سيطرة كوادرها على مئات المناصب التنفيذية في مختلف مفاصل الدولة.

والجماعة الآن محظورة وصنفتها السلطة "تنظيما إرهابيا" في كانون الأول/ديسمبر 2013. وخلال 12 شهرا، شهدت مصر اضطرابات سياسية متواصلة على خلفية اتهام معارضي مرسي بتكريسه السلطة في أيدي الإخوان المسلمين وبالعجز عن إنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي.

وفشل مرسي الذي اشتهر بخطاباته السياسية الطويلة في احتواء هذا الغضب الشعبي، قبل أن يطيحه الجيش من الحكم بقياده وزير الدفاع الرئيس آنذاك عبد الفتاح السيسي.

واعتبر مرسي إطاحته "انقلابا" وأصر أنصاره على أنه يبقى الرئيس الشرعي للبلاد. ومنذ عزل مرسي، تشن السلطات حملة قمع في حق أنصاره خلفت مئات القتلى وآلاف المحبوسين.

وفي 14 آب/أغسطس 2013، قتل المئات في أحداث عنف نشبت بعد فض قوات الأمن بالقوة اعتصامين لأنصار مرسي في القاهرة. وصدرت أحكام بالإعدام على مئات من أنصار مرسي في محاكمات جماعية سريعة وصفتها الأمم المتحدة بانها "غير مسبوقة في التاريخ الحديث". وألغيت أحكام كثيرة لاحقا بسبب "ثغرات قانونية".

وشهدت مصر منذ إطاحة مرسي موجة من التفجيرات والهجمات التي استهدفت قوات الأمن خصوصا في شمال سيناء، التي تعد معقلا للفرع المصري لتنظيم الدولة الإسلامية. ويقول بعض الجهاديين إن هجماتهم تهدف للثأر من حملة القمع ضد الإسلاميين. 

وبعيد الإطاحة به، ظل مرسي محتجزا في قاعدة عسكرية في مكان مجهول حتى ظهر علنا للمرة الأولى مع بدء محاكمته في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2013. 

ولم يعترف مرسي، أول رئيس من خارج الجيش في مصر، بهيئة المحكمة التي حاكمته كما لم يعين فريقا للدفاع عنه، إنما تولى الدفاع محامون يتابعون الإجراءات القانونية فقط.

 وفي أولى جلسات محاكمته في خريف عام 2013، قال مرسي بتحدٍ لقاضيه: "أنا الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية ... لقد كان انقلابا عسكريا. ينبغي محاكمة قادة الانقلاب أمام هذه المحكمة". ولاحقا جرى وضع مرسي في قفص زجاجي عازل للصوت لمنعه من مقاطعة القضاة.

وفي نيسان/أبريل 2015، صدر أول حكم ضد مرسي بالسجن 20 سنة بتهم "استعراض القوة والعنف واحتجاز وتعذيب" معارضين في أحداث عنف وقعت بين أنصاره ومعارضيه أمام قصر الاتحادية الرئاسي في عام 2012. وتم تثبيت هذا الحكم نهائيا في تشرين الأول/أكتوبر 2016. 

وصدر ضده حكم بالإعدام في قضية "الهروب من السجن" إبان الثورة على مبارك وحكم بالمؤبد في قضية "التخابر مع قوى أجنبية"، في إشارة إلى حركة حماس ودولة إيران. لكن جرى نقض الحكمين لاحقا. 

ومرسي المولود في 8 آب/أغسطس 1951 في قرية العدوة في الشرقية بدلتا النيل، أستاذ جامعي حصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة القاهرة عام 1975 ثم حصل عام 1982 على درجة الدكتوراه من جامعة جنوب كارولاينا في الولايات المتحدة.

ومرسي متزوج واب لخمسة ابناء. وأسامة ابنه محبوس منذ كانون الأول/ديسمبر 2016 على ذمة اتهامات بـ "التحريض على العنف" في قضية تتعلق بفض قوات الأمن لاعتصامي الإسلاميين في عام 2013. أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:20328]