السودان: ما مصلحة "السعودية وأخواتها" في التصعيد الجديد؟

تكشير الجيش السوداني عن أنيابه أسفر عن يوم دام سقط فيه عشرات القتلى والجرحى. ما حدث ذكّر البعض بما حصل قبل ست سنوات في مصر. ما علاقة القاهرة والرياض وأبوظبي بما يحدث، وكيف يؤثر ما يجري في السودان على ذلك المحور الإقليمي؟

"حدوث تغير ديمقراطي في السودان في مصلحة السودان فقط. ولكن ليس في مصلحة مصر أو دول الخليج". بهذه الكلمات عبر عن رأيه خالد الشكراوي، مدير مركز أفريقيا والشرق الأوسط في الرباط، فيما يتعلق بالتصعيد العسكري الأخير في السودان.

وافادت يوم أمس الثلاثاء (الرابع من حزيران/يونيو 2019) "لجنة أطباء السودان المركزية"، المرتبطة بحركة الاحتجاجات، بارتفاع عدد ضحايا عملية "فض الاعتصام" إلى 35 قتيلاً وأكثر من مائة مصاب، وذلك في أعنف يوم شهدته الاحتجاجات منذ الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع عمر البشير في أبريل/نيسان.

الشكراوي اعتبر أن هذا التغير المفاجئ جاء خصوصاً بعد زيارة رئيس المجلس العسكري السوداني الفريق أوّل عبد الفتّاح البرهان لمصر. الرأي هذا تتفق معه أنيته فيبر، من "المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن" حيث تقول في تصريح لدويتشه فيله: "يمكن افتراض أن رحلة نائب رئيس المجلس العسكري، الأسبوع الماضي إلى المملكة العربية السعودية والمحادثات مع المصريين قد أعطتهم إشارة ليحققوا ذلك. هذا تطور مقلق للغاية".

"السعودية ومصر حريصتان على عدم التدخل"

يتمتع السودان بموقع جغرافي بالغ الأهمية، من خلال ارتباطه بشرق إفريقيا وحوض البحر الأحمر، الأمر الذي يزيد من المصالح الاقتصادية والجيوسياسية للسعودية والإمارات في هذا البلد. ويرى الكاتب والباحث السياسي، الدكتور محمد القواص، أن سبب اهتمام السعودية الواضح بالسودان يعود لاختلاف أجندات النظام السابق في الخرطوم التي لطالما أقلقت الرياض خصوصاً لجهة انتماء نظام البشير إلى الإسلام السياسي وتحالفه مع قطر وتركيا.

ويضيف القواص: "السعودية كما المحيط العربي والإقليمي لديهم مصلحة في قيام نظام سياسي في السودان غير مرتبط بأجندات خارجية ملتبسة ومنسجم مع المجتمع الدولي وقواعد العلاقات الدولية. والملاحظ أن كافة دول المنطقة، بما في ذلك السعودية ومصر، حريصة على عدم التدخل في شؤون السودان".

ويذكر أن السودان مشارك في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وفي حين لا يزال عدد الجنود السودانيين المنتشرين في اليمن غير واضح، أثارت صور الجنود القتلى والمصابين على وسائل التواصل الاجتماعي مطالب متكررة بسحبهم.

 

 

الجيش السوداني ودول الخليج

صحيفة الغارديان البريطانية نشرت مقالاً بعنوان "المستبدون العرب يتآمرون لإحباط آمال الإصلاحيين في السودان" حيث يوضح سايمون تيسدال، كاتب المقال، أن حكام مصر والسعودية والإمارات حاولوا دعم نظام عمر البشير، ومنذ الإطاحة به في أبريل/نيسان الماضي، يعملون بجد لإحباط آمال حركة الإصلاح السودانية. ويلفت كاتب المقال النظر إلى أن الجيش السوداني لديه بالفعل علاقات قوية مع دول الخليج. 

وتعتبر الإمارات والسعودية من أبرز المانحين للسودان، وقد أودعتا 500 مليون دولار مبدئياً في المصرف المركزي منذ إطاحة الرئيس السابق عمر البشير، ضمن حزمة مساعدات قيمتها 3 مليارات دولار، بحسب وكالة فرانس برس. 

وفي تغريدة له، حث "تجمع المهنيين السودانيين"، أبرز جماعات الاحتجاج، اليوم "بعض الدول العربية" على عدم التدخل في الشؤون السودانية والتوقف عن دعم المجلس العسكري الحاكم. ورغم أن التحالف لم يحدد أسماء هذه الدول، إلا أنه يعتقد على نطاق واسع أنه يقصد السعودية والإمارات ومصر، التي يقول محللون إنها تحاول تعزيز نفوذها في السودان في أعقاب الإطاحة بالرئيس عمر البشير.

 

ونطلب من بعض الدول العربية كذلك أن تكف يدها عن السودان وعن مناصرة ودعم المجلس العسكري وتوطيد دعائم حكمه بغرض حفظه وحمايته لمصالحها الخاصة الضارة بالدولة السودانية ومواطنيها، لأن في ذلك مسٌّ بعلاقات الشعوب الأزلية والمصالح المشتركة وتدخلٌ جائر في الشئون الداخلية.

— تجمع المهنيين السودانيين (@AssociationSd) June 4, 2019

 

"ارتدادات" إقليمية

بالإضافة للمشاكل السياسية الداخلية والاقتصادية الهشة هناك أيضاً مشكلة الأقاليم (دارفور والنوبة وكردفان) التي يمكن لها أن تنفصل على غرار ما حدث مع جنوب السودان، بحسب رأي الشكراوي، الذي يضيف: "قد يؤدي الأمر إلى كارثة عظمى إذا لم يتم الاستحواذ على الأمر في الخرطوم واستمرار النقاش". وكانت المعارضة قد اتفقت مع المجلس العسكري أن تتولى حكومة مؤقتة حل مسألة الأقاليم بغضون ستة أشهر.

ويختم الشكراوي  حديثه بالتحذير من تصعيد محتملعلى الصعيد الإقليمي أيضاً فيما يتعلق بمشاكل الحدود مع كل من جنوب السودان ومصر.

 

أ.د.و& دويتشه فيله 2019

 

السودان - قوات دعم سريع جنجويدية ضد احتجاحات مدنية

 

[embed:render:embedded:node:35934]