مسلمة من ميانمار تواجه بالحجاب والجمال التمييز ضد المسلمين...تعليم لزينة المرأة واعتزاز بالهوية

تجلس أمام هاتف محمول مثبت على حامل، مع أدوات زينة وتحت تصرفها مرآة ومجموعة متنوعة من الفرش.. وبذلك تكون المدونة المهتمة بالجمال في ميانمار وين لاي فيو سن في عملها.

وعادة ما ينأى المسلمون في ميانمار، ذات الأغلبية البوذية، بأنفسهم عن الأضواء خوفا من الترهيب، لكن ذلك لم يحل بين وين لاي (19 عاما)، وهي واحدة من مدوني الجمال والعناية بالبشرة النادرين في المجتمع، وبين الأضواء. فهي تسجل دروسا توضيحية لتزيين المرأة خطوة بخطوة وهي ترتدي الحجاب، وتنشرها على صفحتها على فيسبوك.

وقالت المدونة المسلمة الشابة: "لا أندم على التزامي بالحجاب. فتح ربنا سبلا كثيرة أمامي. الحجاب مثل المفتاح بالنسبة لي. بوسعي أن أستخدمه لأذهب حيث أريد أن أذهب وأن أفعل ما أريد". ويقول المسلمون إنهم لا يُتاح لهم بناء مساجد جديدة منذ عشرات السنين ويكافحون لتأجير شقق سكنية من بوذيين يملكون عقارات.

وفيما يتعلق بمسألة وين لاي فيو سن فإن شهرتها جعلتها عرضة للانتقاد وحتى التمييز، وقد انسحبت امرأة بوذية سجلت في دروسها عندما اكتشفت أنها مسلمة.

ويسيء بعض المعلقين على فيسبوك لها بسبب ارتدائها الحجاب. كما يهاجمها بعض المتشددين المسلمين لكونها سافرة، من وجهة نظرهم، وتستخدم أدوات زينة يرونها من المحرمات.

لكن المدونة، التي لا يزعجها ذلك، قالت إنها لن تتوقف عن ممارسة عملها الذي تحبه. وتقول تلميذاتها إن دروسها لا تتعلق فقط بعمل ظل الجفون والمسائل الأخرى المتعلقة بتزيين المرأة لكنها تتناول أيضا بناء الثقة والاعتزاز بالهوية التي يشكك فيها بوذيون.

ويجذب جهد وين لاي فيو سن، الذي يمنح أجواء رائعة وأناقة لصورة مسلمي ميانمار، الكثير من المعجبين لها. كما أنه قاد إلى نشر ملابس عصرية تلائم حجابها وأدوات الزينة والألوان الجريئة.

ولـِـ وين لاي 4000 متابع على موقع فيسبوك وحضر نحو 600 طالب أكثر من 150 درسا لها. وتبلغ تكلفة الجلسات أو الدروس التي تستمر ست ساعات أقل من 25 دولارا. وتقول وين لاي إنها تستهدف "فتيات مثلي".

عادة ما يتجنب المسلمون الظهور في ميانمار ذات الأغلبية البوذية خشية الترهيب، لكن وين لاي فيو سين، وهي من بين قلة قليلة من المدونين المسلمين المختصين بالعناية بالجمال اختارت الاتجاه الآخر.

فقد كانت الشابة البالغة من العمر 19 عاما محط الانتباه خلال إطلاق منتجات تجميل في يانجون في الآونة الأخيرة، حيث كانت مساحيق التجميل اللافتة والمتعددة الألوان التي تضعها تتعارض مع ملابس طويلة الأكمام باللونين الأخضر والأبيض وحجاب متناسق عبارة عن غطاء رأس تضعه بعض المسلمات.

وقالت المدونة: "لست نادمة على قراري بارتداء الحجاب. الله يفتح أمامي الكثير من الأبواب. الحجاب هو مفتاح بالنسبة لي. يمكنني استخدامه للذهاب حيثما أردت، وفعل ما يحلو لي".

ويقول المسلمون الذين يشكلون حوالي 5 بالمئة (بحسب الإحصاءات الحكومية الرسمية) من سكان البلد البالغ عددهم نحو 50 مليونا إنهم غير قادرين على فتح مساجد جديدة منذ عقود ويواجهون مصاعب في استئجار شقق من أصحابها البوذيين.

وتقول منظمات حقوقية إن الاضطهاد المنهجي للمسلمين في ميانمار في تزايد، برغم أن اهتمام العالم يتركز على الروهينغا المسلمين الذين لا يحملون جنسية، حيث تقول الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة إن أكثر من 700 ألف منهم طردوا إلى بنغلادش المجاورة بعد حملة قام بها الجيش عام 2017.

لكن شبكة حقوق الإنسان في بورما قالت في تقرير عام 2017 إن كثيرا من المسلمين من جميع الأعراق مُنعوا من الحصول على وثائق هوية وطنية وحُرموا من الوصول إلى بعض أماكن العبادة.

وبالنسبة لبعض تلاميذ وين لاي فيو سين فإن دروسها لا تتعلق فقط بوضع ظل الجفون أو استخدام أقلام التحديد، وإنما تهدف أيضا إلى بناء الثقة والاعتزاز بهوية دائما ما يشكك فيها المواطنون البوذيون.

وقالت هاي مان أونج (20 عاما): "رأيتها تضع مساحيق التجميل وترتدي الحجاب وهو رائع الجمال". وأضافت "أردت أن أكون جميلة مثلها". 

واجتذبت وين لاي فيو سين إعجاب الكثيرين لمساعيها لإضفاء روح أنيقة وراقية على صورة مسلمي ميانمار، من خلال ارتداء ملابس على أحدث خطوط الموضة تتناسق مع حجابها والمسكرة الدقيقة وظلال الجفون الموضوعة بألوان جريئة.

ولديها قرابة 4000 متابع على فيسبوك كما حضرت 600 طالبة أكثر من 150 فصلا تعليميا بشأن استخدام مستحضرات التجميل.

لكن ظهور وين لاي فيو سين سبب لها انتقادات بل وعرضها للتمييز: فقد تراجعت امرأة بوذية بعدما سجلت في فصل تعليمي لها عندما اكتشفت أنها مسلمة.

وهاجمها بعض المعلقين على فيسبوك بسبب استخدامها اللافت لمساحيق التجميل الذي يعتبره المتدينون المسلمون محظورا، غير أن المدونة ترفض أن تضيع تلك الانتقادات وقتها.

وقالت: "عندما يهاجمني الناس وينتقدونني في الخارج وعلى الإنترنت، أفضل تجاهلهم. لدي الكثير من العمل".

وحققت شهرة متنامية، دعمتها عشرات الدروس عبر الإنترنت حول التجميل والفعاليات في مراكز تجارية، مما أتاح لها القيام برحلات إلى ماندالاي ثاني كبرى مدن ميانمار، كما تخطط أيضا لزيارة العاصمة الماليزية كوالالمبور. رويترز