مسيحيون عراقيون في كردستان يخشون الرجوع إلى الموصل حتى بعد عام من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية

مع استمرار استحواذ ذكريات الدمار والعنف بالموصل، تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية، على أذهانهم تتحدى عائلات مسيحية ما زالت تعيش في مخيم للنازحين بمدينة أربيل أمرا لكنيسة تدير المخيم لهم بمغادرته.

وعلى أمل أن تُتاح لهم فرصة في الهجرة ينتظر زهاء 100 شخص إلى ما لا نهاية في مساكن ضيقة لأن بيوتهم في الموصل أو في سهل نينوى دُمرت بالكامل تقريبا في معركة طرد مسلحي التنظيم المتشدد.

ويشكو مسيحيون في المخيم من أن كنيسة عنكاوا أوقفت إمداد المخيم بالكهرباء كما قلصت إمدادات المياه أيضا. ولم يتسن الوصول لإدارة المخيم للتعليق. ومع ذلك رفضت كل العائلات المسيحية المقيمة إخلاء المخيم.

وقال مسيحي من بطانيا في الموصل بمحافظة نينوى يدعى رائد أبلحد كوركيس "أنا بالنسبة لي ما أرجع للموصل لأن أنا شفت الضيم قدامي. شفت الضيم قدامي، القتل، والدموم، وشفت الخطف، وشفت كثير أشياء شفتها أني بالموصل".

وأضاف كوركيس "تقريبا من 1500 عائلة، نصفها طلعت ع الخارج، والنصف الآخر راح رجع لمناطقهم، بقوا مناطق الموصل وقسم من مناطق سهل نينوى الذي لا يوجد بها معيشة لا كهرباء بها ولا ماء بها، بيوتها كلها خراب ومشعولة، يعني معاناة النازحين فرد نوب هنا، رجال الدين ... المفروض يوفرون للفقير ويساعدوه".

ومثل كثير من المسيحيين أُحرق بيت كوركيس ونُهب بعد سقوط بلديته في قبضة تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014.

ووجهت الدولة الاسلامية، التي استهدفت أتباع ومواقع دينية لطوائف الاقليات في العراق وسوريا، إنذارا إلى المسيحيين: ادفعوا الجزية أو ادخلوا في الاسلام أو فلتموتوا بالسيف. وفر معظمهم باتجاه المنطقة الكردية المتمتعة بحكم ذاتي.

وبدون دخل وزوج مريض وولدان تلتزم بإطعامهم تقول مسيحية من الموصل تدعى رجينا الياس شعيا (57 عاما) إنه لا يمكنها العودة للموصل طالما لا تأمن على ولديها.

وأوضحت رجينا، التي تعيش مع ابنيها وزوجها في مسكن ضيق من غرفتين ويتناولون حساء العدس. وأضافت رجينا: "هذا بيتي، هذا قصر وإحنا قاعدين. عندي ثلاث غرف بالموصل، إيش أعمل. أخاف للموصل أروح، أربع مرات هددونا بالموصل، قتلوا أختي 2006 ونزحنا ورجعنا للمرة الثانية. 25 سنة عمرها، من نفس سوق النبي قتلوها، ليش؟ مسيحية وتبيع ملابس وتبيع أشياء منها شجرة عيد الميلاد".

لكن مسيحية أخرى تدعى حنان بهنام (45 عاماً) عادت إلى بلدتها قرقوش بعد أن تعبت من العيش مع عائلتها المكونة من سبعة أفراد في منزل مستأجر في مدينة أربيل القريبة بإقليم كردستان، وفتحت في بلدتها متجراً صغيراً لكسب العيش وإعادة بناء منزلها الذي أحرقه ودمره مقاتلو الدولة الإسلامية.

وقالت حنان بهنام: "منه يضمن لنا أمان، راجعين إحنا بنفسنا لقرقوش، ما عندنا غير مكان نروح، يعني شكد (إلى متى) نظل نازحين. ما كو غير مكان، لازم نرجع على منطقتنا، بس يعني أمان ماكو، الناس لهسة (للآن) قاعدة تهجر، قسم من عندها، كلها ودها تطلع، أكو هواي ودها تطلع، تسافر، تروح الأردن، تروح لبنان، تروح لفرنسا".

ونهب المسلحون قرقوش وسرقوا كل شيء ذي قيمة من أجهزة تلفزيون وغسالات وبرادات (ثلاجات)، لتوزيعها غنائم على أتباعهم أو بيعها من أجل الربح.

وبعد مرور أكثر من عام على استعادة الموصل من المتشددين لا تزال معظم بيوت المسيحيين في قرقوش مدمرة ومحروقة كما لا تزال كتابات التنظيم المتشدد على جدران الكثير من المباني بالبلدة.

وأُحرقت بعض المنازل سواء لعمل سحابة دخان تحجب الرؤية عن طائرات التحالف التي كانت تقصف التنظيم دعما للقوات العراقية أو نكاية في السكان فيما يبدو.

ويعود تاريخ المسيحية في شمال العراق إلى القرن الأول الميلادي. وقد انخفض عدد المسيحيين بشكل حاد خلال أعمال العنف التي تلت الإطاحة بصدام حسين عام 2003، واستيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل في 2014 من أجل تطهير المدينة من المسيحيين لأول مرة منذ ألفي عام. وترك معظم المسيحيين منازلهم وفروا لإقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي، متخلين عن أحد أقدم المراكز المسيحية. رويترز