"المنتخب الجزائري يمثل كل العرب بأطيافهم وطوائفهم"

"الشعب يريد بلوغ الدور الثاني" في مونديال البرازيل 2014، هذه هي الأمنية التي رددها جزائريون في ألمانيا تحمسوا لأداء منتخبهم رغم خسارته أمام بلجيكا بنتيجة 2-1. علي المخلافي شاهد المباراة معهم في مدينة كولونيا الألمانية وينقل لنا الأجواء.

الكاتبة ، الكاتب: Ali Almakhlafi

هرول عشرات المشجعين، وأغلبهم من الجزائريين، خارجين من أحد المقاهي الشعبية في مدينة كولونيا الألمانية راكضين في الشارع وكأنهم في ملعب كرة قدم يرقصون على إيقاع أصوات الطبول ويلوّحون بالأعلام الجزائرية، وذلك حين سجّل المنتخب الجزائري هدف السبق من ركلة جزاء في الدقيقة 25 من زمن المباراة التي جمعته مساء الثلاثاء 17 يونيو/ حزيران مع المنتخب البلجيكي في إطار مباريات المجموعة الثامنة من بطولة كأس العالم.

وما لبثت الأصوات ترتفع وتهتف: "الشعب يريد لُو دُوزيام تُور" أي: الشعب يريد الصعود إلى الدور الثاني، لمونديال البرازيل 2014. وفي الوقت ذاته تصدُر عالياً من مُسجّل إحدى السيارات، المركونة في الشارع نفسه والمغطاة عن آخرها بالأعلام الجزائرية بألوانها الخضراء والبيضاء والحمراء، نغمات الأغنية الرياضية التشجيعية الشهيرة: "جزائر يا امّاه، وإن شاء الله رابحة، وكل العرب يفرحوا معانا". وتتداخل كلماتها وموسيقاها بصرخات المتحمسين الذين يرددون: "وَن تُو ثْري...فيفا لالجيري"، بمعنى: "واحد اثنين ثلاثة...تحيا الجزائر".

مشجعون من الجزائر والمغرب وتونس في مدينة كولونيا الألمانية
مشجعون من الجزائر والمغرب وتونس

تكهنات وتفاؤل

يعود المشجعون إلى المقهى لمتابعة المباراة على القناة الألمانية الثانية (زد دي إف) ويتداخل صوت المعلق الألماني بهتافات المشجعين الحماسية في المقهى. ويملؤهم التفاؤل بفوز "ساحق" على بلجيكا. فأحدهم يتمنى أن تربح الجزائر بثلاثة أهداف مقابل صفر، مشدداً على "عدم صعوبة" الدور الأول. وآخر يتشكك في ذلك، رغم رجائه بالفوز بنتيجة اثنين إلى واحد، منوهاً إلى نقطة ضعف الدفاع في منتخب بلاده، ويضيف: "لدى منتخبنا خبرة مع بلجيكا لكن المواجهة مع روسيا ستكون الأصعب".

وثالث وهو شاب مغربي (سعيد من طنجة) يقول: "نحن مع جيراننا الجزائريين، فلْتدُم الجزائر". فيما يبدي بعضهم الآخر خشيتهم من "عدم العدل في التحكيم"، ويقولون: "التحكيم يكون قاسيا علينا دائماً". ومع جميع هذه التكهنات تستمر النشوة بالهدف الجزائري ولكن حتى الدقيقة 70 حين سجلت بلجيكا هدف التعادل وألحقته بهدف الفوز في الدقيقة 80.

فرحة بعد تسجيل الهدف الجزائري والعلم الألماني حاضر إلى جانب العلم الجزائري في كولونيا
فرحة بعد تسجيل الهدف الجزائري والعلم الألماني حاضر إلى جانب العلم الجزائري

"لعب منتخبنا جيداً لكنه ربما أصيب بالتعب في النهاية"، هذا ما قاله أحدهم بعد انتهاء المباراة بنتيجة هدفين لهدف لصالح بلجيكا، وهو الجزائري جمال العروسي ( مُطرِب عمره 45 عاماً درس الموسيقى في ألمانيا ويعيش بين ألمانيا وفرنسا والجزائر)، ويضيف: "شعرنا بالفرح في معظم وقت المباراة ثم أحسسنا بالحزن في نهاية المباراة حين هُزمنا، ولكن هذا هو حال كرة القدم، وأملنا في المباريات المقبلة أن نصل على الأقل إلى الدور الثاني". فيما أضاف آخر: "سواءٌ أربحنا أم خسرنا فسنبقى دائماً إلى جانب بلادنا ندعمها دائماً وأبداً".

"حرب سلمية"

يتذكر صادق (عمره 62 عاماً ومقيم في ألمانيا منذ سبعينيات القرن الماضي) مونديال إسبانيا 1982، وتداعب أحلامه ذكريات انتصار المنتخب الجزائري حينذاك على منتخب ألمانيا الغربية. ويقول: "أنا كنتُ هنا في مدينة كولونيا حينها. لقد استهان بنا الألمان لكننا فاجأناهم وهزمناهم بنتيجة 2-1، ورأيتُ أعلام الحزن السوداء في مدينة كولونيا وعلى نوافذ السيارات". ويعزو صادق خروج الجزائر في ذلك الوقت من المونديال إلى ما وصفها بـ "المؤامرة" حين لعبت ألمانيا مع النمسا بنتيجة 1-0 آنذاك. ويتمنى أن تلتقي الجزائر بفرنسا مجدداً وأن تفوز عليها في مثل هذه "الحرب السلمية" متذكراً فصولاً من تاريخ الاحتلال الفرنسي لبلاده.

مشجعون للمنتخب الجزائري في كولونيا
ترقُّب وخيبة أمل بعد دخول هدفَيْ بلجيكا وتفاؤل في المستقبل

أما الجزائري كمال (عمره 45 عاماً ويعيش في ألمانيا منذ 22 عاماً) فيرى أن كرة القدم لا يمكن ضمان نتائجها، مشيراً إلى المجموعة القوية التي تضم الجزائر وبلجيكا وروسيا وكوريا الجنوبية، ويضيف: "الخطر يبقى قائماً على الدوام". ويثني على المدرب البوسني وحيد خليلوزيدش ويقول إنه أفضل من سابقه بكثير. من جانب آخر يشدد كمال على نقطة تمثيل الجزائر لكل العرب قائلاً: "نحن الجزائريين مِنّا الأمازيغ ومنا العرب، ولكن الجزائر تمثل في المونديال ليس الجزائريين فقط بل جميع العرب من المحيط إلى الخليج بكل طوائفهم وأطيافهم". ويؤكد كمال على أن كون اللاعبين في منتخب بلاده مغتربين في فرنسا هو أمر لا يسلب عنهم أصلهم الجزائري وجنسيتهم الجزائرية، مشيراً إلى أن فرنسا نفسها أحرزت لقب البطولة من قبل بجهود جزائريين وأفارقة تجنّسوا بجنسيتها. وتبقى أحلام الجزائريين قائمة بأن تسنح لهم فرصة بلوغ الدور الثاني في بطولة كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخهم.

 

علي المخلافي

تحرير: هبة الله إسماعيل

حقوق النشر: دويتشه فيله 2014