نزوح عدة مرات مع تغير خطوط المواجهة بحرب اليمن

اضطر نازحون إلى الفرار عدة مرات بأعداد كبيرة بسبب اقتراب القتال منهم في غرب محافظة مأرب اليمنية، منهم مُسِنُّون ومرضى ونساء وأطفال وفقراء، مع تقدم قوات الحوثيين باتجاه هذه المدينة الغنية بالنفط في حرب مستمرة منذ سبع سنين منذ عام 2014. ويُقدر عدد النازحين إلى مأرب بنحو مليون جاؤوا من أنحاء اليمن.

يمنيون مشردون في الحرب يتجمعون بمخيمات مأرب مع تغير خطوط المواجهة: اضطر محمد هادي الحرملي الذي تجاوز الثمانين من العمر للنزوح أربع مرات مع تغيٌر خطوط المواجهة في الحرب الأهلية المستمرة منذ سبع سنين في اليمن.

ونظرا لأنه فقير معدم وعاجز طريح الفراش بسبب مشكلة في العمود الفقري، أصبح الآن حبيس خيمة بمخيم مؤقت خارج مدينة مأرب، وهي آخر معقل في الشمال للقوات الموالية للحكومة. وتتزايد أعداد الفارين إلى مأرب مع كل تقدم لقوات الحوثي.

قال هادي الحرملي لرويترز "إحنا دخل فصل الشتاء ومعنا جهال (أطفال) وأسر كبيرة وأسر فقيرة ويشدوا (يحتاجون) بطانيات ويشتوا فراش ويشتوا متطلبات لإيواء الدفا (بحثا عن الدفء في الشتاء)".

أضاف "أنا تعبان. عندي العمود (الفقري) انزلاق... ولا معي فلوس أتعالج بها... ما عاد به منين تقترض من أي واحد (ليس عندي من أقترض منه".

ويعيش محمد هادي الحرملي في مخيم السويداء شرقي المدينة منذ مايو أيار من العام الماضي 2020، وهو واحد من بين النازحين الذين تُقدرأعدادهم بنحو مليون قدموا من أماكن أخرى في اليمن وأصبحوا الآن يشكلون قسما من سكان مأرب البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة.

قالت مجموعة من وكالات الإغاثة هذا الأسبوع إن النساء والأطفال يمثلون حوالي 80 بالمئة من النازحين، الذين اضطروا للتوجه للمدينة تحت ضغط تقدم قوات الحوثي المتحالفة مع إيران للسيطرة الكاملة على واحدة من المناطق الرئيسية المنتجة للطاقة في البلاد

قالت مجموعة الوكالات، بما فيها كتائب الرحمة والمجلس النرويجي للاجئين ومنظمتا أوكسفام وإنقاذ الطفولة "الاحتياجات الإنسانية في مأرب تفوق بكثير قدرات (المنظمات) الإنسانية على الأرض في الوقت الحالي".

 

سكان في مأرب في اليمن. People of Marib Yemen Jemen  FOTO SHEBA ORGANIZATION
مليون نازح يمني صاروا من سكان مأرب: قالت مجموعة من وكالات الإغاثة (نوفمبر / تشرين الثاني 2021) إن النساء والأطفال يمثلون حوالي 80 بالمئة من النازحين، الذين اضطروا للتوجه للمدينة تحت ضغط تقدم قوات الحوثي المتحالفة مع إيران للسيطرة الكاملة على واحدة من المناطق الرئيسية المنتجة للطاقة في البلاد. تُقدر أعداد النازحين بنحو مليون جاؤوا من أماكن أخرى في اليمن وأصبحوا الآن يشكلون قسما من سكان مأرب البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة. الصورة لسكان في مأرب في اليمن.

 

15 ألفا آخرين

حذر عبد الحميد علي مثنى، وهو طبيب في مستشفى قريب، من تفشي الإنفلونزا وكوفيد-19 في الشتاء، في ظل ظروف وأوضاع غير صحية في المخيمات، وطالب منظمات الإغاثة والدول الأخرى بزيادة الدعم. وقال مثنى في مستشفى الميل بمخيم السويداء في مأرب "هناك إقبال شديد (زيادة في أعداد المترددين) مع ضعف... في الإمكانيات الموجودة بالمستشفى لعلاج المرضى".

يمثل سقوط مأرب، في حالة حدوثه، في ما أصبح الآن المعركة الرئيسية في الحرب، ضربة للتحالف الذي تقوده السعودية لقتال الحوثيين منذ 2014، وأيضا لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

أُقيمت الخنادق ووُضعت أكياس الرمل والألغام الأرضية للدفاع عن مدينة مأرب، رغم أنه لم يتضح بعد ما إذا كان الحوثيون سيشنون هجوما مباشرا أو سيتحركون باتجاه منشآت النفط والغاز القريبة بهدف الاستيلاء عليها ومحاصرة المدينة.

وسواء حدث السيناريو الأول أو الثاني، فمع كل تقدم عسكري للحوثيين، يضطر المزيد من النازحين إلى نزوح جديد.

وقالت سلطة مخيمات النازحين في مأرب الأربعاء 03 / 11 / 2021 إن أكثر من 15 ألف شخص اضطُروا للفرار في غضون أيام قلائل بسبب اقتراب القتال منهم في غرب المحافظة، في موجة ثالثة من النزوح بأعداد كبيرة.

تقع مأرب إلى الشرق من العاصمة صنعاء، التي سيطر عليها الحوثيون مع معظم شمال اليمن في 2014 عندما أطاحوا بالحكومة -التي دعمتها بعد ذلك السعودية- مما دفع التحالف إلى التدخل في الحرب.

وتبذل الأمم المتحدة والولايات المتحدة جهودا مضنية لفرض هدنة ضرورية لإحياء المحادثات الرامية لوضع نهاية للحرب التي تسببت في نقص الغذاء لملايين البشر، كثيرون منهم الآن على حافة المجاعة.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن وقف هجوم الحوثيين في مأرب سيكون محور المحادثات التي يجريها المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم ليندركينج مع الحكومة اليمنية وممثلي المجتمع المدني يوم الخميس 04 / 11 / 2021.

اقتراب المسلحين الحوثيين من مدينة مأرب الغنية بالنفط والمعقل

وأكدت الأحزاب والقوى السياسية في مأرب اليمنية "فشل" الحكومة والتحالف في معركتهم ضد الحوثيين. وقالت الأحزاب والقوى السياسية اليمنية في محافظة مأرب، شرقي البلاد، مساء يوم الإثنين 01 / 11 / 2021، إن الحكومة الشرعية والتحالف الذي تقوده السعودية "فشلا في إدارة المعركة" ضد الحوثيين في المحافظة.

وقالت الأحزاب والقوى السياسية في بيان مشترك لها، اطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، "إن استمرار العدوان والتصعيد الحوثي على مأرب وساكنيها واستهداف المدنيين العزل بالصواريخ الباليستية والطيران

المسير، يجري في ظل فشل قيادة الشرعية والتحالف العربي في إدارة المعركة".

وأضافت الأحزاب والقوى السياسية أن هذا العدوان يأتي في ظل صمت دولي وإقليمي وخذلان مخزي للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمبعوثين الأممي والأمريكي وكذا المفوضية السامية لحقوق الإنسان.

وأكدت الأحزاب والقوى السياسية، أن "قيادة الشرعة قد فشلت فشلا ذريعاً في مسؤولياتها على مختلف الأصعدة سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وإعلاميًا، وعلى كافة الأصعدة محليًا وإقليميًا ودولياً، وهو الفشل الذي انعكس على مشروع المقاومة لإسقاط الانقلاب واستعادة الجمهورية".

وأدانت ما وصفته بـ "خذلان قيادة الشرعية لمأرب" وهي تخوض معركة محلية ووطنية مصيرية، وحملتها المسؤولية الكاملة لكل ما "ينتج عن ذلك الخذلان المخزي".

وعبرت عن استغرابها الشديد إزاء "أداء التحالف العربي الذي تقوده السعودية ولسوء إدارته للمهمة التي أنيطت به".

ودعت الأحزاب والقوى السياسية، أبناء مأرب خاصة وأبناء اليمن عامة إلى استنهاض كافة الطاقات والإمكانيات المحلية والوطنية وتوحيدها وتوجيهها نحو مهمة الدفاع عن مأرب. كما دعت الجميع إلى مزيد من التوحد أمام التحديات المحيطة بالمشروع الوطني. 

ومنذ أشهر، صعد الحوثيون هجماتهم العسكرية ضد محافظة مأرب، وتمكنوا من السيطرة على أجزاء واسعة منها، واستمر التصعيد، لا سيما وقد مسلحو الحوثي من المدينة الغنية بالنفط والمعقل الأخير للحكومة الشرعية، شمالي البلاد.

نحو 3,3 ملايين شخص ما زالوا نازحين في اليمن

ويحاول التحالف منع المتمردين من الوصول إلى مدينة مأرب، آخر معاقل الحكومة المعترف بها دوليا في شمال البلد الغارق في الحرب.

وقد نشر مساء الأربعاء 04 / 11 / 2021 في تغريدات على تويتر، لقطات مصوّرة لما قال إنّها عمليات استهداف للآليات والعناصر في صرواح والجوف.

وصعّد الحوثيون في شباط/فبراير الماضي 2020 عملياتهم العسكرية للسيطرة على مأرب. وأوقعت المعارك منذ ذلك الوقت مئات القتلى من الجانبين وتسببت بنزوح أكثر من 55 ألف شخص من منازلهم منذ مطلع العام الحالي، على ما أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.

وشهدت المناطق المحيطة بمأرب معارك عنيفة وضربات صاروخية في الأيام الأخيرة راح ضحيتها مدنيون.

وبحسب مسؤول عسكري في القوات الحكومية، فإنّ الحوثيين أطلقوا الأربعاء صاروخا بالستيا على مدينة مأرب استهدف أبراجا لشبكات الهاتف مما أدى الى انقطاع خدمة الاتصالات في العديد من المناطق.

واعتبر المسؤول ان العملية تهدف الى "قطع التواصل بين مكونات الجيش والقبائل" التي تقاتل إلى جانب القوات الموالية للحكومة، مضيفا أنّه "اذا انقطعت الاتصالات فهذا سيعجّل من انهيار الجبهات المحيطة بمدينة مأرب".

ويتقدّم الحوثيون تجاه المدينة من جهة الجنوب، بينما يحاصرونها أيضا من جهتي الشمال والشرق، بحسب مسؤولين في القوات الحكومية.

 

مخيم السويداء شرقي مدينة مأرب في اليمن، يعيش في المخيم نازحون تُقدرأعدادهم بنحو مليون جاؤوا من أماكن أخرى في اليمن وأصبحوا يشكلون قسما من سكان مأرب البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة. Jemen As Suwayda Fluechtlingslager FOTO DW
مخيم نازحين في مدينة مأرب التي يحاصرها الحوثيون: أُقيمت الخنادق ووُضعت أكياس الرمل والألغام الأرضية للدفاع عن مدينة مأرب من الحوثيين المسلحين القادمين، وفي حين لم يتضح إنْ كان الحوثيون سيشنون هجوما مباشرا أو سيتحركون باتجاه منشآت النفط والغاز القريبة بهدف الاستيلاء عليها ومحاصرة مدينة مأرب فسواء حدث السيناريو الأول أو الثاني ومع كل تقدم عسكري للحوثيين يضطر المزيد من النازحين إلى نزوح جديد. في الصورة مخيم السويداء شرقي مدينة مأرب يعيش فيه نازحون تُقدرأعدادهم بنحو مليون جاؤوا من أماكن أخرى في اليمن وأصبحوا يشكلون قسما من سكان مأرب البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة.

 

وكان المتحدث باسم الجناح العسكري للحوثيين يحيى سريع أعلن الثلاثاء حسبما نقلت عنه قناة "المسيرة" المتحدثة باسم المتمردين، بأن القوات المهاجمة باتت "على مشارف مدينة مأرب من عدة جهات"، مؤكّدا "لن نتردد في المضي قدماً نحو تحرير ما تبقى".

يدور النزاع في اليمن منذ 2014 بين الحكومة التي يساندها منذ العام 2015 التحالف العسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء.

وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم الكثير من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة.

ما زال نحو 3,3 ملايين شخص نازحين بينما يحتاج 24,1 مليون شخص أي أكثر من ثلثي السكان، إلى المساعدة، وفق الأمم المتحدة التي أكدت مرارا أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا.

واختتم المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ زيارة إلى إيران الأربعاء حيث التقى كبار المسؤولين الإيرانيين وممثلين عن المجتمع الدولي في طهران، بحسب بيان لمكتبه.

وشدّد غروندبرغ خلال لقاءاته على "الحاجة لدعم جهود الأمم المتحدة للتوصّل إلى تسوية تفاوضية للنزاع"، مؤكّدا على "الحاجة الملحّة إلى خفض التصعيد في كافة أنحاء اليمن بما في ذلك في مأرب".

وقال إن "السلام والاستقرار في اليمن ينعكسان على المنطقة كلها. أعتزم العمل مع دول المنطقة لمساعدة اليمن على التوصّل إلى حلّ سلمي للنزاع". رويترز ، أ ف ب ، د ب أ