لاجئون في غابات البوسنة وبناياتها المهجورة

منذ إقامة هنغاريا أسوارا حدودية يحاول مهاجرون غير نظاميين بالآلاف دخول الاتحاد الأوروبي عبر البوسنة التي لا يريدون البقاء فيها. سيدة بوسنية متطوعة تساعد بعضهم بالمأكل والمشرب والملبس. لكن لماذا ليس سهلا التطوع في مساعدة مَن لا يسكنون ملاجئ رسمية؟ الصحفية الألمانية مارينا شتراوس والتفاصيل.

الكاتبة ، الكاتب: مارينا شتراوس

الدخول للاتحاد الأوروبي فرصة يحلم بها آلاف المهاجرين، لكن الخلافات حول كيفية توزيع المساعدات تحول دون ذلك وتتسبب في تشريد الكثيرين. يحاول بعض المتطوعين تقديم المساعدة لكن الأمر ليس سهلا.

لا يوجد لدى ياسمينة هوسيديتش كثير من الوقت، فخلال هذا اليوم الغائم الممطر في فيليكا كلادوسا في شمال البوسنة والهرسك، لديها مهام عليها الإسراع في تنفيذها. أوقفت السيارة وخرجت منها مسرعة، متجهة نحو سوبر ماركت لاقتناء ما يلزم.

قبل حلول الظلام، على هوسيديتش تسليم الأرز والزيت واللحوم وكذلك الأحذية والمعاطف الدافئة للمهاجرين واللاجئين الذين يحتمون في الغابة أو المباني المهجورة المجاورة لمسقط رأسها. فهي تعتني بهم منذ أكثر من عام، وتوفر ما استطاعت من حاجياتهم كل مساء بعد إنهاء عملها في وكالة حكومية بوسنية.

منذ أن أقامت المجر الأسوار الحدودية، حاول العديد من  اللاجئين والمهاجرين دخول الاتحاد الأوروبي عبر البوسنة. على الرغم من أن لا أحد منهم يخطط للبقاء في البوسنة إلا أن ياسمينة هوسيديتش تحاول أن تجعلهم يشعرون بأنه مرحب بهم، كما تقول، وهي تحزم الأحذية الشتوية وسراويل الجينز المتبرع بها في أكياس بلاستيكية.

تقول متحدثةً: "ابنتاي طالبتان جامعيتان، إحداهما في النمسا والأخرى في ألمانيا. إذا كانت الهجرة قد منحتهما فرصة في حياة أفضل، فلماذا يحرم منها آخرون؟".

المحطة الأولى: مصنع متداعٍ

المحطة الأولى لياسمينة هوسيديتش هي بناية مصنع قديم متهالكة، تُعرف باسم "المدخنة"، لأن مدخنتها هي الجزء البارز بوضوح من بعيد. "هل يمكنك مساعدتي من فضلك؟" نادت الشاب الذي يقترب منها وأعطته عدة أكياس في يديه.

 

 

يمشيان معًا إلى المدخل، وسط الوحل والزجاجات البلاستيكية الفارغة. في الطابق الثاني من المبنى، نصب بعض الرجال الجزائريين خياماً. يُري أحدهم ياسمينة هوسيديتش صورة لابنته الصغيرة داريا على هاتفه الخلوي. تجيبه إنها "لطيفة للغاية"، وتوقفت لبضع دقائق لتحدثه قبل أن تمضي قدمًا.

بعد إنهاء مهمتها، تقول ياسمينة هوسيديتش البالغة من العمر 49 عامًا، وهي في طريق عودتها إلى السيارة "أحيانًا يكون كل شيء صعبًا للغاية". غالبًا ما تشعر بالسوء لأنها لا تستطيع فعل المزيد لأجل هؤلاء المهاجرين غير النظاميين وتحسين وضعيتهم أكثر. لهذا السبب قامت هي وبوسنيون آخرون بتأسيس جمعية مساعدة. حتى الآن، كانت تعمل مع منظمة غير حكومية نمساوية، تقدم أيضًا تبرعات عبارة عن ملابس وأحذية ومال من ألمانيا والنمسا.

إنهم يأملون في تسجيل جمعية المساعدة الخاصة بهم قريبًا لأن الطريقة التي يقدمون بها المساعدة حاليًا تُعتَبر غير قانونية من الناحية الرسمية. وعلى عكس البعض الآخر في مجموعتها، تقول ياسمينة هوسيديتش إنها لم تواجه أي مشاكل حتى الآن، ربما لأن شقيقها يعمل في الشرطة. تقول ياسمينة هوسيديتش إنها وأصدقاءها لايحاولون التباهي، وهم لا "يتحدون أي شخص، بل يقدمون أفضل ما يمكنهم في هذه الحالة". فالحقيقة أنه ليس كل السكان المحليين يرحبون بآلاف المهاجرين واللاجئين في البلاد بصدر رحب.

أشياء سيئة حدثت

تقول ياسمينة هوسيديتش "أشعر بالخجل من بعض الأشياء التي فعلها الناس هنا، لقد حدثت أشياء كثيرة سيئة". من بينها أن أحد المواطنين قد أبلغ الشرطة عن أحد المتطوعين البوسنيين وأخبرهم أنه يقوم بمساعدة المهاجرين واللاجئين.

يؤكد ممثلو منظمات الإغاثة من دول أوروبية أخرى أن السلطات البوسنية تصعب عليهم دعم اللاجئين الذين لا يعيشون في الملاجئ الرسمية - مثل الأشخاص الذين وجدوا مأوى في المباني المهجورة أو الغابة والذين تحاول المنظمات الوصول إليهم ومساعدتهم. ياسمينة هوسيديتش لا تريد الإسهاب في التحدث عن الموضوع، لأن منظماتهم حاليًا في عملية التسجيل.

 

خريطة - مسارات طالبي اللجوء إلى ألمانيا
خريطة - مسارات طالبي اللجوء إلى ألمانيا

 

ترحيل متطوعي الإغاثة الذين لم يحصلوا على تصريح عمل

في بيهاتش، على بعد ساعة جنوب فيليكا كلادوسا، يقول مسؤول الشرطة في منطقة كانتون أونا سانا، نيرمين كلياجيتش، إن الأشخاص الذين يمتثلون للقانون ليس لديهم ما يخشونه. ويضيف أن "الأجانب الذين يعملون بدون تصاريح سيتم ترحيلهم"، ويضيف في تصريح لـدويتشه فيله: "علينا التأكد من أن الطعام لا يتم توزيعه إلا في الملاجئ الرسمية". لا تحب السلطات البوسنية رؤية مثل هذه المخيمات، فهم في نظرها "يعرضون سلامة المواطنين للخطر".

محطة ياسمينة هوسيديتش الأخيرة في المساء هي منطقة في الغابة، حيث يخيم العديد من الرجال البنغاليين. يتجمع عدد قليل منهم حول نار صغيرة، فما يزال الجو باردًا هنا في الليل.

من جهته يحكي جهانجير ألوم سومون، وهو شاب بنغلاديشي يبلغ من العمر 22 عامًا، أنه هو ومهاجرين آخرين يبلون بلاءً حسنًا إلى الآن في معيشتهم فقط نظرا مساعدات المتطوعين مثل ياسمينة هوسيديتش، لكن ما يريدونه هو الانتقال إلى الاتحاد الأوروبي بأسرع ما يمكن، أولاً إلى كرواتيا، ثم إلى إيطاليا، ثم ربما إلى فرنسا أو ألمانيا.

تقول ياسمينة هوسيديتش إنها تأمل أن تحقق أحلامهم في مستقبل أفضل. ولكن طالما يتواجد هؤلاء المهاجرون في مسقط رأسها، فإنها ستفعل ما في وسعها لمساعدتهم كل مساء.

 

الكاتبة: مارينا شتراوس

ترجمة: م.ب

حقوق النشر/ دويتشه فيله 2021

 

 

ar.Qantara.de

 

 

 

 

 

[embed:render:embedded:node:32877]