مصر- هل يستفيد الإخوان من الاحتجاجات؟ محللون: معظم المحتجين من عامة الشعب المتضررين اقتصاديا

رغم ضربات أمنية قاسية أنهكتها منذ أن أزاحها الجيش عن السلطة في 2013، تحاول جماعة الاخوان المسلمين استغلال دعوات التظاهر ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزعزعة نظامه وفق محللين.

ومنذ تظاهرات العشرين من أيلول/سبتمبر 2019 التي دعا اليها رجل أعمال مقيم في أسبانيا بعد اتهامه السيسي وقيادات في الجيش بالفساد وتبديد المال العام، اندلعت حرب إعلامية شرسة بين جماعة الاخوان المسلمين وأنصار السيسي على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي.

ويستبعد المحللون في مصر أي علاقة بين الاخوان المسلمين وبين محمد علي الذي أطلق الدعوة الى التظاهر، وهو مقاول يقول إنه جمع ثروته بفضل العمل في مشروعات إنشائية للجيش على مدى 15 عاما.

ويقول مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة إنّه "يستبعد أن يكون لمحمد علي علاقة بالإخوان خصوصا أنه عمل لفترة طويلة مع الجيش".

ولكن الجماعة التي أسست في العام 1981 وتولت السلطة لعام واحد ما بين 2012 و2013 قبل أن يطيح الجيش الرئيس الأسبق محمد مرسي بعد تظاهرات حاشدة ضده، رأت في محمد علي فرصة سانحة يجب الاستفادة منها.

ويعتقد السيد أن جماعة الإخوان استفادت بكل تأكيد من مقاطع الفيديو التي أذاعها محمد علي واستخدمتها قنواتهم التلفزيونية وحاولوا استغلال ما يقوله إلى أقصى حد لكي تسود صورة سلبية عن نظام الحكم الذي يقوده السيسي".

وجاء سعي الجماعة الى انتهاز هذه الفرصة "لأن الإخوان أُضعِفُوا كتنظيم وقدرتهم على التجنيد أُضعِفَتْ كذلك"، بحسب الخبير في مركز الأهرام ل    لدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشبكي.

ويقول الشبكي إن الاخوان "اختبأوا وراء دعوة محمد علي لأنه ليست لديهم قدرة على الدعوة إلى تظاهرة والحشد لها". وأوقف آلاف من قيادات وكوادر حركة الاخوان المسلمين منذ أن عزل الجيش -بقيادة السيسي آنذاك- مرسي في الثالث من تموز/ يوليو 2013.

وفي آب/أغسطس من العام نفسه قُتِلَ قرابة 700 من أنصار جماعة الإخوان أثناء فض اعتصامين أقاموهما آنذاك في القاهرة.

أما من لم يتم إيقافهم من قيادات الإخوان فقد هربوا إلى الخارج، ويقيم العديدون منهم في تركيا. ويؤكد المحللان أن من شاركوا في التظاهرات الأولى المباغتة في 20 أيلول/سبتمبر 2019 ليسوا ممن ينتمون إلى جماعة الاخوان.

ويؤكد السيد أن "أغلب من شاركوا في التظاهرات من عامة الشعب الذين عانوا من الآثار الاقتصادية" للإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة منذ العام 2016. ويتابع: "معظم الشعارات كانت تكرارا لشعارات 25 يناير مثل (الشعب يريد إسقاط النظام) و (ارحل ارحل) ".

ويشاركه الشبكي الرأي قائلا: "الحراك على  حدوديته في 20 سبتمبر لم يكن الإخوان وراءه ولا شاركوا فيه إنما نزل شباب عادي من المهمشين الذين يعانون من الأزمة الاقتصادية".

وارتفع التضخم في مصر بنسبة وصلت الى قرابة 30% في نهاية العام 2017 بعد عام من برنامج للإصلاح الاقتصادي أطلقته الحكومة وحصلت بموجبه على قرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

وفقا لأرقام رسمية نشرت أخيرا، فإن واحدا من كل ثلاثة مصريين يعيش تحت خط الفقر. ورغم ما يعانونه الآن من ضعف فإن الإخوان المسلمين "يستطيعون العودة" وبوسعهم استعادة ثقلهم السياسي، بحسب مصطفى كامل السيد. ويرى أنه في "حال توسع إطار الحريات المدنية والسياسية في مصر سوف يبرزون كقوة أساسية.. لأنه لا توجد قوة أخرى أمامهم وسوف يكون لهم وزن نسبي أكبر من أي حزب آخر" اذا ما عادت الأوضاع في مصر "إلى مثل ما كانت عليه" عقب إسقاط حسني مبارك عام 2011.

ويشير إلى أن "الاخوان فكرة قبل أن تكون تنظيما ومع تدهور الأحوال الاقتصادية للمجتمع المصري سوف تستمر الفكرة المستندة إلى الإسلام في اجتذاب كثيرين".

ويؤكد ان لدى جماعة الاخوان "هيكلا تنظيميا خارج (مصر) وهم دائما يعتمدون على وجود قيادات بديلة وبالتالي إعادة تشكيل التنظيم أمر ممكن للغاية". ويعتقد الشبكي أنه لكي يعود الإخوان الى الساحة السياسية فان عليهم التخلي عن فكرة "الجماعة الربانية". 

ويضيف: "يمكنهم إعادة تنظيم أنفسهم كحزب سياسي مرة أخرى مثل حزب النهضة في تونس او العدالة والتنمية في المغرب، أما فكرة الجماعة الربانية فهي سبب فشلهم طوال 91 عاما". ويقول الشبكي: "الحزب السياسي يمكن الاختلاف معه والتوصل معه إلى حلول وسط أما الجماعة الربانية فهي لا تقبل الاختلاف". (أ ف ب / 30 / 09 / 2019).