معرض "سادة الأسرار" فوتوغرافيا مخترقة لهالة غموض رافقت طائفة الموحدين الدروز في لبنان

يخترق المصور اللبناني‭‭‭‭-‬‬‬‬الفرنسي جاك داباغيان في معرض (سادة الأسرار) الذي افتتح مساء الثلاثاء 16 / 07 / 2019 في قصر بيت الدين في جبل لبنان هالة الغموض التي رافقت طائفة الموحدين الدروز في لبنان عبر فوتوغرافيا تظهر للعين أنها ملتقطة في القرن الثامن عشر لكنها التقطت بين عامي 2017 و2018.

والمعرض الذي يقام على هامش مهرجانات بيت الدين الدولية يستمر حتى العاشر من أغسطس / آب 2019 ويضم 45 صورة توثق لحياة العائلات الدرزية في الجبل وخصوصا المشايخ وأماكن عبادتهم وتجذرهم بالأرض والتاريخ والمحافظة على التقاليد وعلى البيئة وحماية الطبيعة.

افتحت المعرض رئيس مهرجانات بيت الدين الدولية نورا جنبلاط التي قالت إن المعرض يعكس صورة معبرة وحقيقية لمجتمع الموحدين الدروز في جبل لبنان.

لكن القسم الأهم والجدلي من المعرض الفريد من نوعه هو الذي يوثق صور نساء وأطفال وشبان من الطائفة في منازلهم التي "فتحت أبوابها للمرة الأولى لمصور فوتوغرافي منذ اختراع التصوير في عام 1839"، كما يقول داباغيان لرويترز.

وأضاف دابغيان الذي كان له دور بارز في تغطية حرب الجبل عام 1983 بين الميليشيات المسيحية والدرزية حين كان مدير قسم التصوير للشرق الأوسط في وكالة رويترز "من المعروف عن الطائفة الدرزية حذرها وغموضها منذ أيام المستشرقين الذين لم يقدروا اختراقها لتصوير الحياة الحقيقية، وإن وجدت صور من ستينيات القرن الماضي فهي ضنينة ومحصورة فقط بالرجال".

وغطى داباغيان على مدى 20 عاما نزاعات عدة في لبنان وفلسطين وإيران والعراق والكونجو وروندا والجزائر وغيرها من البلدان ثم تحول إلى تصوير الأزياء والفن في مطبوعات عالمية مثل نيوزويك ونيويورك تايمز وباري ماتش.

وقال: "خلال تغطيتي حرب الجبل لفتتني حياة الموحدين الدروز وتقاليدهم وأزياءهم وبنيت معهم صداقات وأردت أن أصور مشروعا يغوص في عمق هذه الطائفة وأن اتجه نحو الإنسان وحقيقته وفهم تركيبة هذا المجتمع وتعقيداته وإلقاء الضوء على الثراء الثقافي والتجذر بالطبيعة والأرض، لكن لم يكن لدي وقت".

 

 

وأضاف: "لكنني بعد 30 سنة من العمل الصحفي السياسي والترفيهي، عدت إلى شغفي وسلكت طريقا مختلفا وتوجهت إلى أصدقائي في المنطقة، مدير المركز الثقافي الفرنسي في دير القمر سيد رويس والوزير والنائب السابق وليد جنبلاط وعقيلته نورا، ليساعدوني في إقناع أهل المنطقة ومشايخ الطائفة على الدخول إلى بيوتهم والوثوق بي وحصل ذلك بعد صعوبات كثيرة واجهتنا تقنيا ولوجستيا واجتماعيا".

ويقول سيد رويس لرويترز: "احتاج المشروع سنتين ونصف السنة لإقناع أهل الطائفة والمؤسسة الدينية بأهميته وبالتالي لفتح الأبواب للكاميرا، ثم احتاج لسنتين من أجل إتمام المهمة التصويرية والتقنية وتظهير الصور بهذه الحرفية والجمال وهي مرحلة تقسمت بين لبنان حيث التقطت الصور وباريس حيث عولجت وطُبعت".

لكن أي تقنية استخدمها داباغيان لتظهر الصور بهذه الجمالية وكأنها تمحي عنصر الزمن؟، يجيب المصور الصبور والشغوف بعمله: "أردت أن أوثق حياة الدروز بالصور كما كان يجب أن يفعل المستشرقون ولم يفعلوا وبالطريقة نفسها التي استخدموها حينذاك، فذهبت إلى تقنية ما يعرف ’الصورة الزجاجية‘ أو الأدق ’الكولوديون السائل الرطب‘ وهي تقنية قديمة كانت تستخدم بين عامي 1850 و1920".

وأضاف: "أردت أن أسد الفراغ الحاصل تاريخيا في الأرشيف العالمي حول الطائفة الدرزية، فخلال بحثي في أهم الصروح الثقافية والأرشيفية في العالم اكتشفت صورا في العصر الحديث للدروز لكن لا أثر لهم قبل الستينيات على صعيد الصورة وذلك لأسباب دينية بحتة حافظت عليها الطائفة الدرزية، لذا لا بد من تقنية تعيدنا إلى القرن الثامن عشر".

وقال رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الدرزي الشيخ سامي أبي المنى إن "داباغيان لمس دور الموحدين الدروز التاريخي وتعلقهم بالأرض بإحساسه المرهف وتفكيره النير ومحبته لبلاده وتوقه إلى التعريف عن جماعة لبنانية عربية احتلت الصدارة في حكم لبنان وبعض من بلاد الشام لردح طويل من الزمن".

وأضاف: "كأننا أمام وجوه الآباء والأجداد... الأهم أن داباغيان حافظ على الأمانة التاريخية واحترم خصوصية الطائفة والمشايخ وأصبح صديقاً للعائلات".

وتمنى أن "يكمل داباغيان مهمته التوثيقية مع أهلنا الموحدين في كامل منطقة ما كان يعرف ببلاد الشام، على أمل أن يصدر العمل الكامل في كتاب موثق يحكي التاريخ والتراث بالصورة الموحية والكلمة المعبرة". رويترز