مقاتلون مسيحيون في خطوط الجبهة الأمامية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في معقله بمدينة الرقة السورية

داخل مدينة الرقة، يتنقل القيادي في قوات المجلس العسكري السرياني عبود سريان في شاحنة صغيرة يتدلى من مرآتها الأمامية صليب عاجي اللون يتأرجح كلما ضاعف السرعة متجها الى خطوط الجبهة الأمامية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

في طريقه إلى حي الرومانية، تصدح موسيقى حماسية من سيارة البيك آب، فيما يشير عبود (23 عاما) عند اجتيازه بعض الشوارع إلى مواقع شارك مقاتلون مسيحيون سريان في قتال الجهاديين فيها، وأخرى استهدفت فيها قواته وقوات سوريا الديموقراطية بعربات مفخخة أرسلها مقاتلو التنظيم.

وتخوض قوات سوريا الديموقراطية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، منذ السادس من شهر يونيو/ حزيران 2017 معارك شرسة داخل مدينة الرقة، معقل الجهاديين في سوريا. ويقاتل إلى جانبها العشرات من المقاتلين السريان.

وتمكنت هذه القوات من استعادة أربعة أحياء على الاقل بينها الرومانية وتقاتل على أطراف أحياء أخرى.

ويشرح عبود، القيادي القصير القامة وهو يضع قبعة عسكرية على رأسه ويعلق مسدساً على خصره، لوكالة فرانس برس، أن "مشاركتنا في تحرير الرقة من أجل شعبنا السرياني وكل الشعوب الموجودة في المنطقة"، مضيفاً "ليس هناك فرق بين الشعب السرياني او الكردي او العربي. كلنا أخوة".

ويضيف "دمروا (الجهاديون) الكنائس في الرقة وفجروا كل شيء...أجبروا المسيحيين الموجودين هنا على ان يعتنقوا الإسلام. لهذا شاركنا في معركة تحرير الرقة".

وكان الآلاف من المسيحيين السريان يعيشون في الرقة الى جانب الأرمن والأكراد والسكان العرب السنة. لكن كثيرين منهم فروا مع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة في العام 2014.

وأعلن تنظيم الدولة الاسلامية في 29 حزيران/يونيو من العام ذاته، إقامة "الخلافة الإسلامية" على مناطق سيطرته في سوريا والعراق المجاور.

وخيّر حينها المسيحيون في مناطق سيطرته بين دفع الجزية أو اعتناق الاسلام او المغادرة. وفضل الكثيرون منهم المغادرة.

ومع ارتفاع حدة المعارك ضد الجهاديين في شمال وشمال شرق سوريا، انضم المجلس العسكري السرياني الذي تأسس في العام 2013، إلى صفوف قوات سوريا الديموقراطية التي تضم مقاتلين أكراداً وعرباً وتحظى بدعم واشنطن.

وتشهد الخطوط الامامية في الرقة معارك عنيفة بين قوات سوريا الديموقراطية والجهاديين، تزامنا مع غارات كثيفة ينفذها التحالف الدولي. ويتمركز المقاتلون السريان عند أحد خطوط القتال المحاذية لحي الرومانية حيث تبدو آثار المعارك والشظايا واضحة على الأبنية المدمرة جزئياً او كلياً.

 

ويتجول مقاتلون سريان مدججين بسلاحهم عند أطراف حي الرومانية، ووضع عدد منهم وشوماً دينية على سواعدهم كالمسبحة والصليب، وكتب أحدهم كلمة يسوع بالأحرف اللاتينية على يده. كما علق آخرون صورة أحد رفاقهم الذي قتل خلال المعارك على بزتهم.

ويوضح عبود: "هنا حاصر داعش رفاقنا من قوات سوريا الديموقراطية وشن الطيران غارات عنيفة حتى تم فك الحصار عنهم بعد وصول المؤازرة"، مضيفا: "لهذا يوجد الكثير من الدمار في هذا الحي".

في مبنى من طوابق عدة كان تنظيم الدولة الإسلامية يستخدمه مقراً لتدريب عناصره وفق ما يبدو من خلال المواد المتروكة من رشاشات خشبية وتعليمات معلقة على جدران إحدى الغرف وأكياس من مادة السيفور وكفوف، يفترش مقاتلون سريان الأرض. يتبادلون الحديث، يدخنون السجائر ويحتسون الشاي. ويعمل عدد منهم على تجهيز سلاحه.

ويؤكد المقاتل اليكسان شمو (28 عاما) أنه ورفاقه ينسقون بشكل وثيق مع فصائل قوات سوريا الديموقراطية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية خصوصا على الخطوط الأمامية. ويوضح أنه يشارك في معركة الرقة "ثأراً" لكل الممارسات التي ارتكبها الجهاديون بحق الأهالي والأقليات.

ويقول: "داعش عدو لكل القوميات ولكل الطوائف (..) ونحن مستاؤون لما فعله بالمسيحيين، ولذلك نتواجد هنا" على الجبهة.

وفي مواجهة المعاناة والقتال والحرب، ينسى المقاتلون الكثير من التعاليم المسيحية.

ويقول شمو بحزم: "أنا أثأر على كل الأفعال التي قام بها داعش بحق شعبنا وطوائفنا والكنائس التي فجرها وغيرها من الأمور".

ثم يضيف: "سيدنا المسيح قال من صفعك على خدك الأيمن فأدِر له الأيسر. لكن بالنسبة لي من يصفعني على خدي الأيمن فسوف أضع الطلقة في رأسه".

لكنه يقول أيضا: "أنا أضحي بنفسي من أجل هذا الشيء ومن أجل أن يعيش غيري في سلام".

ولا تتجاوز أعمار غالبية المقاتلين السريان العشرينات وبينهم القائد الميداني فادي (23 عاما) الذي يشرف على مجموعة من المقاتلين.

ويقول لفرانس برس "نشارك في القتال على الخطوط الأمامية" في بعض الأحياء، مضيفا "تلقينا تدريبات عسكرية ولبسنا هذه البزة من أجل هدف محدد وهو أن نحرر شعبنا وشعوب المنطقة (..) نحن هنا لقتال داعش".

داخل غرفة في مبنى يطل على مناطق تمركز الجهاديين ويستريح فيها المقاتلون السريان، يقف قناص أميركي يناديه رفاقه بحورو كريستيان أي الرفيق كريستيان، وهو أحد المقاتلين الأجانب المنضوين في صفوف قوات المجلس العسكري السرياني الى جانب مقاتل بريطاني يراقب المنطقة الممتدة أمامه بمنظاره.

ويجهز كريستيان ذو العينين الزرقاوين سلاحه بعد أن يثبته على نافذة بيديه اللتين تكسوهما الوشوم، ثم يطلق النار على أحد الأهداف. فوق حاجبه الأيمن، وضع المقاتل الأشقر وشماً كتب فيه "لا شيء يوقفني"، وهو شعار الفيلق الأجنبي الفرنسي، وحدة عسكرية من قوات النخبة في الجيش الفرنسي.

وسرعان ما ترتسم علامات الفخر على وجه كريستيان بعدما أخافت طلقته أحد الجهاديين. ويصرخ خلفه مقاتل سرياني باللغة الانكليزية مبتهجاً "غود، غود" (جيد جيد بالعربية). أ ف ب

 

الهجمات الإرهابية على الأقباط المسيحيين 

تغلغل "داعش" في مصر من خلال تغذية الفتن الطائفية

كيف تفكر أوروبا في ليبيا

الحل الليبي...لامركزية مرتكزة على فيدرالية عسكرية؟

الأسد وصعود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)

عدو عدوي صديقي

حمام العليل العراقي جنوب الموصل نابض بالحياة مجددا بعد استعادته من "داعش"