من هيمنة تركية إلى حضور عربي: تدفق اللاجئين إلى ألمانيا يغير وجه الجالية المسلمة

تشهد الجالية المسلمة في ألمانيا، وغالبيتها العظمى من الأتراك، اضطراباً ناجماً عن وصول مئات آلاف اللاجئين العرب من المسلمين، وهو تنوع يعتبره خبراء أمراً إيجابياً رغم ما يتضمنه من مخاطر تطرف إسلامي لا يمكن استبعاده. وقد تشكل على سبيل المثال رغبة عائلة سورية من طالبي اللجوء في أداء صلاة الجمعة في مسجد ألماني معضلة ما، وهو ما تقول عنه ياسمين المنور خبيرة الشؤون الإسلامية في مؤسسة برتلسمان إن "غالبية خطب الجمعة باللغة التركية".

وتضيف أن ثلثي الجالية المسلمة التي جلبتها المصانع الألمانية منذ عقود، وعددها نحو أربعة ملايين نسمة "هم من أصول تركية أو من فضاء ثقافي تركي" مشيرة إلى أن التأثير التركي "ما يزال قوياً حتى في الجيلين الثاني والثالث".

من جهته، يعتبر مهند خورشيد مسؤول كرسي الدراسات الإسلامية في جامعة مونستر أن وصول هؤلاء يشكل "فرصة، وبالتالي سيكسب الإسلام في ألمانيا مزيداً من التنوع". وفي جميع الأحوال، ستشهد الطائفة المسلمة نمواً على نطاق غير مسبوق نظراً لكون أكثر من 80 في المائة من حوالي 800 ألف طالب لجوء يتوقع وصولهم إلى ألمانيا العام الحالي، هم من المسلمين، وفقاً للمجلس المركزي للمسلمين في هذا البلد.

مخاوف من التطرف

ويعيش في ألمانيا حالياً أكثر من 161 ألف سوري لكن من المتوقع ارتفاع هذا الرقم، ما يجعلهم الجالية السورية الأكبر عدداً في أوروبا. ويخشى البعض من تطرف محتمل بسبب عدم اطلاع طالبي اللجوء على القيم الغربية بشكل كاف لأنهم وصلوا من دول، فيها أوضاع وقواعد مختلفة مثلا، حيث المثلية الجنسية جريمة ولا مساواة بين الرجل والمرأة.

كما يحاول شبان متطرفون من التيار السلفي "تجنيد" مهاجرين حائرين يغلب عليهم عدم وضوح الرؤية في بلد جديد عليهم ثقافة ومجتمعا. لكن وزارة الداخلية الألمانية تؤكد أن النسبة صغيرة جداً، ولا شيء ينذر بالخطر حتى الآن. وتقدر أجهزة الأمن الألمانية بنحو 7900 عدد السلفيين في ألمانيا من الذين شاركوا في تحركات محدودة لكن مثيرة للشكوك.

احترام دولة القانون

وتواصل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دعوة اللاجئين إلى احترام مبادئ دولة القانون. وقال لصحيفة بيلد الألمانية، واسعة الانتشار: "نقول منذ اليوم الأول لأولئك الذين يأتون إلينا: هنا توجد قوانين ونظم حياة مشتركة يجب عليكم احترامها". ففي برلين مثلاً، ترفض منظمة متخصصة تدير 12 مركزا لإيواء طالبي اللجوء أي نوع من الممارسات الدينية من صلاة جماعة وغيرها تجبناً للمشاكل. عن ذلك يوضح رئيس المنظمة مانفريد نواك: "ندل من يسأل إلى المساجد القريبة لكن نحن لا نسمح بالصلاة في مراكزنا".

أما خورشيد، فيرى أن التحدي الرئيسي هو إدماج اللاجئين الشباب الباحثين عن هوية. ويوضح الأستاذ الجامعي: "إذا تركناهم على هامش المجتمع، وإذا لم نمنحهم بسرعة الشعور بأننا نريدهم في ألمانيا، فهناك خطر كبير بأن يتحولوا إلى السلفية والتيار المتطرف".

لكن هذا الخطر يبقى نسبياً نظراً لأن العديد فروا من الإسلاميين في سوريا والعراق، بحسب المنور، التي توضح أن بعض الشبان اتجهوا إلى أوروبا هرباً من تنظيم "الدولة الإسلامية" على وجه التحديد.

ويختم خورشيد قائلاً إن "الذين عاينوا فظائع النظام (في سوريا) أو "الدولة الإسلامية" لا يريدون سماع أي شيء عن إسلام مقاتل. آ ف ب، DW