موجة كورونا الثانية - إغلاق جزئي في ألمانيا وفرنسا وفي مدن باكستانية، وإيران تسجل أعدادا قياسية

كانت حانات ومطاعم وهيئات خدمية تستعدّ الخميس 29 / 10 / 2020 لإغلاق أبوابها في فرنسا وألمانيا، في وقت تواجه بلدان حول العالم صعوبات في تحديد إلى أي مدى يمكنها المضي قدما بفرض تدابير الإغلاق في ظل ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد.

وأدت مئات آلاف الحالات الجديدة إلى ارتفاع العدد الإجمالي للإصابات إلى أكثر من 44,5 مليون مع نحو 1,2 مليون وفاة، في وقت يواصل الفيروس تفشيه وحصد أرواح حول العالم.

وفي الهند، التي تعد بين المناطق الأكثر تضررا في العالم، تجاوز عدد الإصابات ثمانية ملايين وسط مخاوف من احتمال تفاقم الوضع في الأيام المقبلة مع اقتراب عيد ديوالي.

وبعد موسم صيف شهد تخفيفا كبيرا للتدابير، تتخّذ فرنسا وألمانيا حاليا خطوات مشددة لضبط الأنشطة الاجتماعية للسكان في ظل ارتفاع عدد الإصابات بشكل كبير في أنحاء القارّة الأوروبية.

وفرنسا التي تجاوزت حصيلة الوفيات فيها 36 ألف بينها 250 سجلت الأربعاء، ستمنع سكانها من مغادرة منازلهم دون تصاريح، ما يعيد إلى الذاكرة تدابير العزل المنزلي الصارمة التي شهدها العالم مطلع الربيع.

كما ستغلق الحانات والمطاعم أبوابها حتى كانون الأول/ديسمبر 2020 وسيتم الحد من إمكان السفر بين مناطق البلاد، وفق ما أفاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأربعاء.

وقال ماكرون "كما هو الحال في أجزاء أخرى من أوروبا، نواجه موجة ثانية تفوق طاقتنا وأصبحنا نعرف أنها ستكون على الأرجح أكثر صعوبة وفتكا من الأولى"، رغم أنه أكد أن تدابير الإغلاق هذه المرّة ستكون أقل تشددا.

وستبقى المصانع ومواقع البناء مفتوحة كما دور الحضانة والمدارس، رغم أنه سيكون على الأطفال حتى في سن السادسة وضع كمامات.

وفي ألمانيا، أمرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بتدابير إغلاق أخف اعتبارا من الإثنين 02 / 11 / 2020، الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2020، حتى نهاية الشهر.

ولن يتم عزل الألمان في منازلهم، لكن سيكون على الحانات والمطاعم والمقاهي والمسارح وصالات السينما والأوبرا إغلاق أبوابها حتى نهاية الشهر.

كما أن دولا أوروبية أخرى تشدد القيود على الأنشطة الحياتية المعتادة، إذ فرضت إيرلندا إغلاقا الأسبوع الماضي بينما طبّقت إسبانيا وإيطاليا قرارات حظر تجوّل وأعلنت قيودا على السفر.

وأقر البرلمان الإسباني الخميس تمديد حال الطوارئ التي أعلن عنها لاحتواء الفيروس لمدة ستة شهور. ويسمح الإجراء للسلطات الإقليمية المسؤولة عن الصحة فرض قيود على حركة السكان وحظر تجول ليلي وإغلاق حدودها. وستستمر بالتالي حال الطوارئ حتى التاسع من أيار/مايو.

وأجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (74 عاما) الخميس فحوصا طبية في مستشفى ألماني وهو في وضع مستقر، وفق بيان للرئاسة، وذلك عقب أيام من إعلان اكتشاف حالات يشتبه بإصابتها بكوفيد-19 في صفوف مسؤولين كبار.

وأُعلنت مدينة تسالونيكي اليونانية الساحلية الخميس "منطقة حمراء" ما يعني فرض العديد من تدابير الإغلاق فيها.

أما بولندا، فافتتحت مستشفى ميدانيا في ملعب وارسو الوطني يوفر 1200 سرير في ظل ارتفاع عدد الإصابات اليومية.

وقرّر الاتّحاد الأوروبّي، خلال قمّة الخميس، تخصيص 220 مليون يورو لنقل المصابين بكوفيد-19 من دوله الأكثر تضرّرًا من الجائحة، إلى أُخرى توجَد فيها أسرّةٌ شاغرة في المستشفيات.

وعلى الرغم من ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات، تعهّدت بريطانيا المضيّ قدمًا في فرض تدابير في كلّ منطقة على نطاق محلّي، بدلا من إغلاق على صعيد البلاد.

وأقرّ وزير المجتمعات المحلية البريطاني روبرت جنريك بأنّ الإحصاءات تشير إلى أنّ بلاده في "وضع سيّئ"، إذ سُجّلت نحو 25 ألف إصابة جديدة الأربعاء.

لكنّه أشار إلى أنّ الوزراء لا يزالون يعتقدون أنّ اتّخاذ خطوات محدّدة الهدف "هي الطريقة المثلى للمضيّ قدمًا" نظرًا إلى تباين معدّلات الإصابات.

كذلك، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس أن لا خطط لديه لفرض إغلاق واسع النطاق، حتّى لو شهدت البلاد حصيلة قياسية، وسط تقارير عن اصطفاف سيّارات إسعاف عند المستشفيات ونقص المعدّات الطبية.

وأعلن الفاتيكان من جهته أنّ البابا فرنسيس سيعلّق مجدّدًا لقاءاته مع العامّة، بسبب ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس، وسيجريها بدلا من ذلك عن بُعد عبر الإنترنت.

وسيتمّ بثّ اللقاءات التي تجري كل أربعاء، من مكتبة الفاتيكان، "تجنّبًا لأيّ خطر محتمل في المستقبل على صحّة المشاركين". وجاء القرار بعدما ثبُتت إصابة شخص بكوفيد-19 عقب لقاء الأسبوع الماضي، بحسب الفاتيكان.

وأعلنت شركة موديرنا الخميس أنّها تلقّت ودائع بقيمة 1,1 مليار دولار في الربع الثالث من العام، من أجل لقاحٍ لفيروس كورونا قالت إنّها "تستعدّ بشكل نشط" لإطلاقه.

وتجري الشركة المرحلة الثالثة من الاختبارات للقاحها. ووقّعت عقودًا مع الولايات المتحدة وكندا وسويسرا واليابان وإسرائيل وقطر بينما تجري محادثات مع دول أخرى لتزويدها باللقاح الذي تطوره ضد الفيروس.

في الأثناء، تُحدث القيود الجديدة هزّة في مناطق أخرى من العالم.

وفرضت مدن باكستانيّة وضع الكمامات وإغلاقًا لبعض الأعمال التجاريّة، بينما أعلنت تونس الخميس حظر تجول في أنحاء البلاد خلال الليل وأغلقت المدارس ومنعت السفر بين المناطق.

وسجّلت إيران عددًا يوميًّا قياسيًّا من الإصابات بكوفيد-19 بلغ أكثر من 8000 حالة خلال 24 ساعة، حسب أرقام رسمية صدرت الخميس، بعدما أعلنت الجمهورية الإسلامية عن أعداد وفيات غير مسبوقة جرّاء الوباء على مدى اليومين الماضيين.

وحذّر الاتحاد الإفريقي من أنّ الوقت ينفد أمام إفريقيا لتستعد لـ"موجتها الثانية".

وعلى مدى الشهر الماضي، ارتفع عدد الإصابات بما معدّله ستّة في المئة أسبوعيًّا في أنحاء القارة، حسب "مركز إفريقيا للسيطرة على الأمراض والوقاية منها".

ولعلّ الضجر والغضب الشعبي حيال التداعيات الاقتصاديّة والنفسيّة لتدابير الإغلاق يُعدّ بين أكبر مصادر قلق الحكومات حول العالم.

وأحدث الفيروس تحوّلاً في نمط الحياة، بدءًا من العمل أو الدراسة عن بُعد وصولاً إلى الاستعداد للموت.

وفي المكسيك، التي سجّلت رابع أعلى حصيلة للوفيات بلَغت أكثر من 90 ألفًا، أجبر الوباء الناس على وضع مسوّدات لوصيّاتهم، وهو أمر لطالما كان مؤجّلاً بالنسبة إلى كثيرين.

وقالت لورا فيا (49 عامًا) وهي موظّفة في قطاع المال وأم لطفلين "عادةً، نترك نحن المكسيكيّين أمورنا إلى الغد، ولا نحبّ الحديث عن الوصايا، إذ نرى فيها نذير شؤم".

وأضافت "جعلني الوباء أقرّر أنّ الوقت حان لوضع وصية".

وفي مناطق أخرى من أمريكا اللاتينيّة، تجاوز عدد الوفيات في الأرجنتين 30 ألفًا، بينما سجّلت البرازيل نحو 160 ألف وفاة.

لا تزال الولايات المتّحدة البلد الذي سجّل أعلى عدد من الوفيات والإصابات في العالم. وعلى غرار أوروبا، تُواجه البلاد موجةً جديدة، إذ يتمّ يوميًّا إعلان عشرات آلاف الإصابات، وسط مخاوف من إغراق المستشفيات.

وسجّلت الولايات المتّحدة الخميس رقمًا قياسيًّا جديدًا لحالات الإصابة بكوفيد-19 في غضون 24 ساعة، متجاوزةً للمرّة الأولى عتبة الـ90 ألف إصابة جديدة، وفقاً لإحصاء جامعة جونز هوبكنز.

لكنّ هناك مؤشّرات إيجابيّة اقتصاديًّا، إذ سجّلت الولايات المتحدة تعافيًا قياسيًّا مع معدّل نمو سنوي بلغت نسبته 33,1 في الربع الثالث من العام، إضافة إلى تراجع في الطلبات للحصول على مساعدات بطالة.

لكن، يُستبعد أن تكون عطلة عيد القدّيسين شبيهةً بما كانت عليه في السنوات السابقة، وإنْ كان وضع الأقنعة أمرًا تقليديًّا ضمن الأزياء التنكّريّة التي يرتديها المحتفلون في 31 تشرين الأول/أكتوبر من كل عام.

وحذّرت المراكز الأمريكيّة للسيطرة على الأمراض والوقاية منها من مخاطر عالية هذه المرّة، بينما حضّت ولايات عديدة الأطفال على عدم الخروج للاحتفال. أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:41751]