هل تخلى شركاء إردوغان الغربيون عن أنقرة؟ - أربع سنوات من التوتر في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة

إردوغان يمضي في دبلوماسيته الهجومية رغم كلفتها الاقتصادية؟ أدت السياسة الخارجية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي تزداد حدة منذ 2016، إلى قيام هوة بين أنقرة وحلفائها الغربيين وإلى تفاقم الوضع الاقتصادي في بلاده، غير أن المحللين يستبعدون أن يبدل نهجه.

ويواجه إردوغان اتهامات من منتقديه باعتماد دبلوماسية هجومية لتعبئة قاعدته الانتخابية الإسلامية القومية، في ظل صعوبات اقتصادية تضر بشعبيته.

لكن الحكومة التركية تؤكد أنها تدافع عن مصالح البلد في منطقة تعاني من انعدام الاستقرار، وفي مواجهة قوى معادية مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر.

ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، صدرت عن إردوغان في الأيام الأخيرة مواقف تهدئة موجهة إلى أوروبا، فأكد أن مستقبل تركيا لا ينفصل عن مستقبل القارة العجوز.

لكن الواقع أن عمليات أنقرة التي تنشر قوات في مناطق مختلفة من ليبيا إلى سوريا مرورا بشرق المتوسط، تثير غضب الغرب.

فإن كانت عروض القوة هذه تلقى شعبية في تركيا، إلا أنها قد تبعد أي مستثمرين محتملين، في حين أن تركيا بأمس الحاجة إلى أموال خارجية حاليا.

وأوضح سنان أولغن رئيس مركز إدام للأبحاث في اسطنبول أن سياسة إردوغان الخارجية أفضت إلى "علاقة متوترة بين تركيا وشريكيها الاقتصاديين الرئيسيين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".

وتشكل عمليات التنقيب عن الغاز التي تقوم بها تركيا بشكل أحادي في مناطق متنازع عليها مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط، أحد المواضيع الخلافية الرئيسية بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.

وهددت بروكسل بفرض عقوبات إذا استمرت أنقرة على هذا النهج، وستكون المسألة في صلب قمة أوروبية تعقد في 10 و11 كانون الأول/ديسمبر 2020.

ويبدو أن التهديد بفرض عقوبات أوروبية قد تدفع الاقتصاد التركي إلى الهاوية، وهزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أقام إردوغان معه علاقة شخصية، في الانتخابات الرئاسية، أقنعا الرئيس التركي بخفض حدة نبرته في الأسابيع الأخيرة.

فإلى إبداء تمسكه بأوروبا، وعد في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر بإجراء إصلاحات قضائية لـ "تعزيز دولة القانون"، سعيا منه لطمأنة المستثمرين.

غير أن فوز الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية قد يطرح مشكلات جديدة لأنقرة الخاضعة لعقوبات أميركية إثر شرائها أنظمة صاروخية روسية من طراز إس-400.

كذلك، تأمل اليونان ومصر من واشنطن أن تلقي بثقلها في شرق المتوسط لوضع حد للأنشطة التركية التي لم تكن تقلق ترامب على ما يبدو.

ورأى أنتوني سكينر من مكتب "فيريسك مايبلكروفت" للاستشارات أن "العلاقات التركية الأميركية قد تتراجع إلى حد أدنى جديد في 2021".

وأوضحت سينام أدار من مركز الدراسات المطبقة حول تركيا في برلين أنه بعد محاولة الانقلاب العام 2016، تكون لدى إردوغان الانطباع بأن "الشركاء الغربيين تخلوا" عن أنقرة.

وتابعت أن الرئيس التركي شعر أنه "لم يعد بإمكانه أن يثق بأوروبا والولايات المتحدة لتعزيز أمن تركيا"، ما دفعه بنظرها للقيام بمبادراته الأحادية الجانب.

وأنفقت تركيا في السنوات الأخيرة مئات ملايين اليورو لتطوير قدراتها العسكرية، ما يشكل برأي سينام أدار "عاملا أتاح عدائيته المتزايدة".

لكن هذا النهج رتب عليه أثمانا عالية.

فخسرت الليرة التركية حوالي ربع قيمتها حيال الدولار منذ مطلع السنة، وما زاد من تدهورها التوتر الدبلوماسي ولا سيما مع فرنسا منذ بضعة أشهر.

وقال أولغن إن "المخاطر الجيوسياسية المتزايدة تشكل ضغطا على الليرة" ولها "وطأة على حركة الاستثمارات المباشرة الآتية من الخارج".

وتراجعت هذه الاستثمارات الآتية خصوصا من أوروبا والتي تساهم خصوصا في استحداث وظائف، من 16 مليار يورو في 2007 إلى سبعة مليارات في 2019، وفق أرقام الأمم المتحدة.

وعلقت شركة "فولكسفاغن" الألمانية للسيارات العام الماضي 2019 قرار إقامة مصنع في تركيا، مبدية "قلقها" حيال الهجوم العسكري الذي شنته أنقرة على المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا.

وفي نهاية المطاف، تخلت الشركة الألمانية العملاقة نهائيا عن مشروعها في تموز/يوليو، متذرعة رسميا بتفشي وباء كوفيد-19.

تركيا تأمر باعتقال 82 عسكريا للاشتباه في صلتهم بـ غولِن

نقلت وكالة الأناضول التركية الرسمية للأنباء يوم الثلاثاء 01 / 12 / 2020 أن تركيا أمرت باعتقال 82 من أفراد الجيش في إطار عملية تستهدف أنصار رجل الدين الإسلامي الذي تقول أنقرة إنه كان وراء محاولة انقلاب في 2016.

وتتواصل عمليات استهداف شبكة أنصار فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة في إطار حملة مستمرة منذ محاولة الانقلاب في يوليو تموز 2016. وينفي غولن أي صلة له بمحاولة الانقلاب التي سقط فيها نحو 250 قتيلا.

وقالت الوكالة إن عملية الثلاثاء شملت 39 إقليما وألقي القبض بالفعل على 63 من المطلوبين. وهناك 70 من بين المشتبه بهم ما زالوا بالخدمة.

ومنذ محاولة الانقلاب تحتجز السلطات نحو 80 ألفا انتظارا لمحاكمتهم وعزلت أو أوقفت عن العمل نحو 150 ألفا من العاملين بالحكومة وأفراد الجيش وغيرهم. وطردت السلطات نحو 20 ألفا من الخدمة العسكرية.

وقضت محكمة تركية الأسبوع الماضي بحبس قادة الانقلاب مدى الحياة وأدانت مئات من ضباط الجيش والطيارين والمدنيين في المحاولة الفاشلة للإطاحة بالرئيس رجب طيب إردوغان.

أحكام بالسجن المؤبد في محاولة انقلاب صيف 2016

وأصدرت محكمة تركية يوم الخميس 26 / 11 / 2020 عشرات الأحكام بالسجن المؤبد على بعض من نحو 500 شخص بينهم قادة في الجيش وطيارون متهمون بقيادة وتنفيذ محاولة انقلاب في 2016 من قاعدة جوية قرب العاصمة أنقرة.

وقُتل أكثر من 250 شخصا في محاولة للإطاحة بالحكومة في 15 يوليو تموز 2016 عندما استولى جنود مارقون على طائرات حربية وطائرات هليكوبتر ودبابات وسعوا للسيطرة على مؤسسات الدولة الرئيسية.

وذكرت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء ووسائل إعلام أخرى أنه حكم على 25 من طياري طائرات إف-16 بالسجن المؤبد المشدد، بينما صدر 79 حكما بالسجن المؤبد على أربعة مدنيين.

واتهم القائد السابق للقوات الجوية أكين أوزتورك وآخرون في قاعدة أكينجي الجوية القريبة من أنقرة بقيادة عملية الانقلاب وقصف مبان حكومية ومنها البرلمان ومحاولة

قتل الرئيس طيب إردوغان.

وتعتبر هذه المحاكمة الأبرز من بين عشرات القضايا التي تنظرها المحاكم وتستهدف الآلاف من المتهمين بالتورط في محاولة الانقلاب التي تتهم أنقرة أنصار الداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بالوقوف وراءها.

وغولن (79 عاما) -الذي كان يوما ما حليفا لإردوغان ونفى أي دور له في محاولة الانقلاب- واحد من ستة متهمين يحاكمون غيابيا. ويخضع 475 شخصا للمحاكمة، من بينهم 365 رهن الاعتقال.

أربع سنوات من التوتر في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة

وفي ما يلي المراحل الرئيسية منذ أكثر من أربع سنوات، إثر الانقلاب الفاشل في تركيا في 2016 حتى صدور الأحكام بحق المتهمين في يوم الخميس 26 / 11 / 2020.

ليل 15 إلى 16 تموز/يوليو 2016 تمرد ضباط في الجيش واستولوا على مقاتلات ومروحيات وأشاعوا الذعر في شوارع أنقرة واسطنبول. واستهدف الانقلابيون البرلمان والقصر الرئاسي.

ودعا الرئيس إردوغان الذي كان في إجازة الأتراك إلى التصدي "لمحاولة الانقلاب" بالنزول الى الشارع ثم عاد إلى اسطنبول.

وأدان "خيانة" الانقلابيين الذين اتهمهم بصلتهم بالداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة منذ 20 عاما. وينفي غولن الذي كان حليفه وأصبح ألد خصومه، ذلك.

وفي الصباح أعلن رئيس الأركان بالوكالة فشل محاولة الانقلاب. وفي اسطنبول نزل أنصار الرئيس إلى الشارع. وطالب إردوغان بتسليم غولن.

وأوقع الانقلاب الفاشل رسميا 251 قتيلا غير الانقلابيين، وأكثر من ألفي جريح.

في 16 و17 تموز/يوليو تم توقيف مئات الجنرالات والقضاة والمدعين لدعمهم المفترض لمحاولة الانقلاب. ثم امتدت حملة التطهير إلى صفوف الشرطة والإعلام والأساتذة. وفي 20 منه فرض إردوغان حال الطوارئ.

وطالت عمليات التطهير الأنصار المفترضين لغولن ثم توسعت لتشمل التيار الموالي للأكرد والإعلام المعارض ومنظمات غير حكومية ما أثار قلقا في أوروبا.

ومذاك تم توقيف آلاف الأشخاص وإقالة أكثر من 140 ألفا أو تعليق وظائفهم. وأطلقت مئات الإجراءات القضائية.

في 24 حزيران/يونيو 2018 فاز إردوغان في الانتخابات الرئاسية من الدورة الاولى.

وسجل الاقتراع الانتقال من نظام برلماني إلى رئاسي حيث باتت السلطة التنفيذية بيد الرئيس بعد مراجعة الدستور في 2017.

في تموز/يوليو رفع حال الطوارئ، ووصف الاتحاد الأوروبي ذلك بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح" لكنها غير كافية بسبب الإبقاء على قيود على الحريات.

في 31 آذار/مارس 2019 وصل حزب العدالة والتنمية (الإسلامي المحافظ) في الطليعة على المستوى الوطني في الانتخابات البلدية، لكنه خسر أنقرة واسطنبول أكبر مدن البلاد.

وفي اسطنبول تم إبطال نتائج الانتخابات بعد الطعون التي قدمها حزب العدالة والتنمية بحجة حصول "مخالفات على نطاق واسع". ودانت المعارضة "انقلابا على صناديق الاقتراع".

في 23 حزيران/يونيو فاز المعارض أكرم إمام اوغلو مجددا في الانتخابات البلدية في اسطنبول مكبدا إردوغان أسوأ هزيمة انتخابية منذ وصول حزبه إلى السلطة في 2002.

في حزيران/يونيو 2020 تبنى البرلمان مشروع قانون مثير للجدل يعزز إلى حد كبير صلاحيات "حراس الأحياء". واتهم معارضو إردوغان الأخير بأنه يسعى إلى تشكيل "ميليشيا".

وبعد شهر تبنى مشروع قانون لإصلاح نقابة المحامين، تعرض لانتقادات شديدة ووصف بأنه مناورة للحد من استقلالية القضاء.

في 10 تموز/يوليو أعلن الرئيس الذي يسعى إلى تحفيز الناخبين المحافظين، تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد بعد أن ألغت المحكمة الإدارية العليا في البلاد، مرسوم الحكومة التركية لعام 1934 الذي حولها إلى متحف.

وفي 24 منه شارك آلاف المسلمين في أول صلاة في آيا صوفيا.

في الأول من تشرين الأول/أكتوبر دخل قانون يشدد رقابة السلطات على مواقع التواصل الاجتماعي. ورفضت معظم مواقع التواصل الاجتماعي الانصياع للتدابير الواردة في القانون باعتبار أنه يفتح المجال أمام طلبات الرقابة، رغم تهديد فرض غرامات عليها اعتبارا من تشرين الثاني/نوفمبر.

في 26 تشرين الثاني/نوفمبر قضت محكمة في أنقرة بالسجن مدى الحياة على 337 شخصا من بينهم ضباط وطيارون في سلاح الجو التركي، في ختام المحاكمة الرئيسية المرتبطة بالانقلاب الفاشل في العام 2016.

واستكملت 290 محاكمة على الأقل تتعلق بمحاولة الانقلاب بينما تتواصل تسع محاكمات أخرى.

أدانت المحاكم حتى الآن 4500 شخص وأصدرت أحكاماً بالسجن مدى الحياة على حوالي ثلاثة آلاف منهم، بحسب أرقام رسمية. أ ف ب ، رويترز ، د ب أ

 

[embed:render:embedded:node:24384]