هل كان القائد الإيراني قاسم سليماني يحضر لـ "عمل كبير ضد الأمريكيين"؟ كيف قتلته أمريكا؟ ولماذا؟

تفتح الغارة الأميركية غير المسبوقة التي أدت إلى مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني يوم الجمعة 03 / 01 / 2020 على مرحلة من الحذر لدى الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، وتثير عدة أسئلة. وفي التالي ما نعرفه حتى الآن.

حافظ البنتاغون على غموض بما يخص العملية حين أقرّ في بيان أنه نفذها بتوجيه من الرئيس دونالد ترامب. غير أنّ مسؤولا عسكريا أميركيا أكد لفرانس برس أنّ العملية التي استهدفت سيارتين على طريق مطار بغداد الدولي، وكان يستقلهما الجنرال الإيراني النافذ ورجل إيران في بغداد أبو مهدي المهندس، نفذت بـ "ضربة دقيقة من طائرة مسيّرة".

وكان المهندس نائبا لرئيس "هيئة الحشد الشعبي" الرسمية والمكونة في غالبيتها من قوى موالية لإيران. ويحيل هذا النوع من العمليات التي تستهدف شخصيات عسكرية أجنبية إلى أساليب عمل الجيش الإسرائيلي أكثر منها إلى أساليب الولايات المتحدة التي غالبا ما تلجأ إلى عمليات دقيقة تنفذها قواتها الخاصة حين تريد القضاء على شخصيات مطلوبة مثلما فعلت للتخلص من أسامة بن لادن أو زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي.

راقبت واشنطن منذ أشهر تحركات الجنرال سليماني عن قرب، وكان بمقدورها استهدافه قبل عملية الجمعة. وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجمعة أنّ المسؤول الإيراني كان يحضّر لـ "عمل كبير" يهدد "أرواح مئات الأميركيين".

وأضاف "كنا نعلم أنه وشيك"، مشيراً إلى أنّ "هذا هو التقييم الاستخباراتي الذي وجه عملية اتخاذ قرارنا". وكان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر حذّر من أنّ مقتل متعاقد أميركي الأسبوع الماضي في هجوم صاروخي تعرضت له قاعدة في كركوك ونسب إلى فصيل موال لإيران، "غيّر المعطيات".

وتتصدى واشنطن من خلال استهدافها هذين الرجلين لنفوذ إيران في الشرق الأوسط. ففي الواقع، عزز قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، المكلف العمليات الخارجية للجمهورية الإسلامية، ثقل طهران الدبلوماسي في الإقليم، خاصة في العراق وسوريا حيث تنخرط الولايات المتحدة عسكرياً.

وتُعرف عن أبو مهدي المهندس عداوته الحادة تجاه الولايات المتحدة، وهو كان وفقا لخبراء "العدو الرقم واحد" لواشنطن في العراق.

ارتفعت أسعار النفط بعد الإعلان عن مقتل سليماني، وسط خشية الأسواق من تصاعد التوتر في الشرق الأوسط برغم كثرة الدعوات إلى ضبط النفس. وتوعدت إيران بالانتقام، وكذلك حزب الله اللبناني.

ويمكن للجماعات العديدة الموالية لإيران في المنطقة أن تطلق هجمات على قواعد عسكرية أميركية في دول الخليج، أو حتى على منشآت نفطية أو سفن تجارية في مضيق هرمز الذي يبقى بمقدور إيران إغلاقه في أي وقت.

ويمكن أيضاً أن يتم استهداف سفارات أميركية في المنطقة، بعد اقتحام السفارة في بغداد، أو حتى الاعتداء على حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين مثل إسرائيل أو السعودية، أو حتى دول أوروبية.

وتعتبر كيم غطاس من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أنّه من الصعب توقع تطورات المشهد. وتتساءل "حرب؟ فوضى؟ أعمال انتقامية محدودة؟ لا شيء؟ لا أحد يعرف حقيقة، لا في المنطقة ولا في واشنطن، لأنّ ما حدث غير مسبوق".

وقد ينجم عن تصاعد نفوذ الأطراف الموالية لإيران تداعيات دبلوماسية طويلة الأمد بالنسبة إلى بغداد. ويقول دبلوماسي عراقي رفيع المستوى في حديث إلى فرانس برس إنّ "العراق قد يتحوّل إلى دولة معزولة عن بقية العالم على غرار فنزويلا وكوريا الشمالية وغيرها".

أرسلت الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة أكثر من 14 ألف عسكري في سياق تعزيز الحضور الإقليمي، كما أعلنت إرسال نحو 750 إضافيين عقب الهجوم على السفارة في بغداد الثلاثاء. وقال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الخميس إنّ فوجا من نحو 4 آلاف عنصر تلقى الأوامر بالاستعداد إذ يمكن نشره في الأيام المقبلة.

وصرح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يوم الجمعة 03 / 01 / 2019 بأن الجنرال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى ، الذى قتل فى غارة جوية أمريكية على مشارف بغداد فى ساعة مبكرة من صباح نفس اليوم ، هو الإرهابى الأول فى العالم، وأن سليمانى كان يخطط لمهاجمة دبلوماسيين وعسكريين أمريكيين. وأكد ترامب أنه لايسعى لحرب مع إيران بعد الغارة الجوية الأمريكية التى قتل فيها سليمانى مضيفا " لقد تحركنا ... لمنع نشوب حرب " .

وتنشر الولايات المتحدة 5,200 عنصر حاليا في العراق، تكمن مهمتهم الرسمية في "مساندة وتدريب" الجيش العراقي ولمنع تنظيم الدولة الإسلامية من الظهور مجدداً. ويرتفع العدد في مجمل الشرق الأوسط إلى 60 ألفاً. ودعت الولايات المتحدة كافة مواطنيها الجمعة إلى مغادرة العراق "فوراً" بسبب "تصاعد التوتر". أ ف ب ، د ب أ