هل يتعمق دور فرنسا في لبنان الذي كان مستعمرة فرنسية؟ نصر الله زعيم حزب الله "منفتح على باريس"

أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأحد 30 / 08 / 2020 أن الحزب منفتح على مناقشة الاقتراح الفرنسي بشأن التوصل إلى "عقد سياسي جديد" في لبنان شرط أن يكون "بإرادة ورضى مختلف الفئات اللبنانية".

وقال نصر الله في خطاب "سمعنا دعوة من الرئيس الفرنسي في زيارته الأخيرة للبنان إلى عقد سياسي جديد".

وجاءت تصريحاته قبل يوم واحد من وصول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى بيروت، في ثاني زيارة له خلال أقل من شهر، وذلك للضغط من أجل الإصلاح السياسي وإعادة الأعمار، بالتزامن مع بدء المشاورات السياسية لتسمية رئيس جديد للحكومة اللبنانية.

وفي زيارته الأولى بعد يومين من الانفجار المروع في مرفأ بيروت والذي خلف 180 قتيلا على الاقل وآلاف الجرحى، طالب ماكرون المسؤولين اللبنانيّين المتّهمين بالفساد والعجز، بـ "تغيير عميق" عبر "تحمّل مسؤوليّاتهم" و"إعادة تأسيس ميثاق جديد" مع الشعب لاستعادة ثقته.

ودفع الانفجار داخل العنبر الرقم 12 -حيث كان يُخزن 2750 طناً من نيترات الأمونيوم منذ أكثر من ست سنوات- بالحكومة إلى تقديم استقالتها في العاشر من آب/أغسطس 2020.

وأضاف نصر الله في كلمته التي ألقاها بمناسبة ذكرى عاشوراء "نحن منفتحون على أي نقاش هادف في هذا المجال (...) لكن لدينا شرط أن يكون هذا النقاش وهذا الحوار اللبناني بإرادة ورضا مختلف الفئات اللبنانية".

وجاءت كلمة نصر الله قبل ساعات من كلمة تُوُقِّع أن يُلقيها الرئيس اللبناني ميشال عون، بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان "دولة لبنان الكبير".

ولم يحدّد نصر الله ماهية التغييرات التي ينوي الحزب أخذها بالاعتبار. لكنه أضاف "سمعنا في الأيام القليلة الماضية من مصادر رسمية فرنسية انتقادات حادة للنظام الطائفي في لبنان" الذي "لم يعد قادراً على حل مشاكل لبنان والاستجابة لحاجاته".

وهناك 18 طائفة في لبنان وتتوزع مقاعد البرلمان مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، في عرف فريد من نوعه في الدول العربية.

ورغم ذلك، فشلت الحكومات المتتالية التي شُكلت في ظل النظام القائم في تلبية المطالب الشعبية لجهة تحسين الظروف المعيشية.

 

............................

طالع أيضا

رهانات ماكرون في لبنان - عن أي دور سياسي تبحث فرنسا؟

إلياس خوري يعري مافياوية نخبة لبنان الحاكمة

لهذا تأزم لبنان وانزلق إلى فوضى اقتصادية

رائحة بيروت - نفحة العشق ومتن الفكر وصوت فيروز

..............................

 

وماكرون هو أول رئيس دولة أجنبية زار بيروت عقب الانفجار الهائل في مرفأ العاصمة اللبنانية، ويصل الإثنين 31 / 08 / 2020 إلى لبنان لمواصلة ضغطه من أجل إجراء إصلاحات وإعادة الإعمار.

وقال ماكرون الجمعة إن "القيود التي يفرضها النظام الطائفي" في لبنان، أدت "إلى وضع يكاد لا يوجد فيه أي تجديد (سياسي) وحيث يكاد يكون هناك استحالة لإجراء إصلاحات".

وأكد نصر الله أن حزبه سيكون "متعاوناً" في تشكيل حكومة "هدفها الإصلاح وإعادة الإعمار" في وقت تعوق الخلافات السياسية حتى الآن الاتفاق على رئيس جديد للحكومة.

حمّل كثير من اللبنانيين مسؤولية الانفجار الذي وقع في الرابع من آب/أغسطس 2020 إلى الطبقة الحاكمة منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) التي يعتبرونها فاسدة وعاجزة وغارقة في المحسوبيات.

وتسبّب الانفجار بمقتل أكثر من 180 شخصاً وإصابة ما لا يقل عن 6500 شخص وتشريد الآلاف، وألحق أضراراً جسيمة بعدد من أحياء العاصمة وأعاد إحياء موجة احتجاجات بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 وتطالب برحيل الطبقة السياسية كاملة.

وضاعف الانفجار المروع من تبعات الانهيار الاقتصادي الذي كان يُعانيه لبنان أساسا على وقع انهيار قيمة الليرة وارتفاع معدلات الفقر، وزيادة أعداد المصابين بفيروس كورونا.

وفي آذار/مارس 2020، تخلّف لبنان للمرة الأولى في تاريخه عن تسديد ديونه الخارجية، ثم طلب مساعدة صندوق النقد الدولي معتمداً على خطة إنقاذ اقتصادية وضعتها الحكومة. ولكن بعد جلسات عدة بين ممثلين للطرفين، تمّ تعليق المفاوضات، بانتظار توحيد المفاوضين اللبنانيين تقديراتهم للخسائر المالية وكيفية بدء إصلاحات ملحة.

من جانبها، حذرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) في تقرير الأحد أنه "قد يتعذّر على نصف السكان الوصول إلى احتياجاتهم الغذائية الأساسية بحلول نهاية العام" 2020.

وقالت الأمينة التنفيذية للجنة رولا دشتي "يجب اتخاذ إجراءات فوريّة لتلافي الوقوع في أزمة غذائيّة".

ويستورد لبنان أكثر من 85 في المئة من مواده الغذائية. وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن يؤدي الانفجار إلى "تفاقم الوضع الاقتصادي والغذائي المتردي بالفعل" في البلاد.

ورجح تقرير اللجنة أن تشهد أسعار الأغذية "ارتفاعًا طفيفًا على أثر ارتفاع تكاليف معاملات استيرادها بعد انفجار المرفأ".

وسبق لإسكوا أن أعلنت في وقت سابق هذا الشهر أن نسبة الفقراء من السكان تضاعفت لتصل إلى 55 في المئة في عام 2020 بعد أن كانت 28 في المئة عام 2019، وارتفعت نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع ثلاثة أضعاف من ثمانية إلى 23 في المئة".

 

 

فرنسا تطرح وثيقة للإصلاح في لبنان المثقل بالأزمات

وكانت وثيقة اطلعت عليها رويترز 26 / 08 / 2020 أظهرت أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضع خطوطا عريضة لإصلاحات سياسية واقتصادية ينبغي أن يقوم بها الساسة في لبنان من أجل السماح بتدفق المساعدات الأجنبية وإنقاذ البلد من أزمات عديدة منها الانهيار الاقتصادي.

وذكر مصدر سياسي لبناني أن السفير الفرنسي لدى بيروت سلم ”ورقة الأفكار“، التي جاءت في صفحتين.

وقال مصدر في مكتب ماكرون في قصر الإليزيه إن السفير سلم وثيقة مختصرة للرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، لكنه وصفها بأنها غير رسمية وليست خارطة طريق.

وتشمل الإصلاحات الضرورية الواردة في الوثيقة تدقيقا لحسابات البنك المركزي وتشكيل حكومة مؤقتة قادرة على تنفيذ إصلاحات عاجلة، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في غضون عام.

وأخفقت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الحالية، التي كانت قد تولت السلطة في يناير كانون الثاني 2020 بدعم من جماعة حزب الله وحلفائها، في تحقيق تقدم في محادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل حزمة إنقاذ، بسبب الجمود فيما يتعلق بالإصلاحات ونزاع بخصوص حجم خسائر القطاع المالي.

واستقالت الحكومة هذا الشهر (أغسطس / آب 2020) على خلفية انفجار مرفأ بيروت الذي قتل ما لا يقل عن 180 شخصا وأصاب نحو ستة آلاف آخرين ودمر أحياء بأكملها، وجدد الاحتجاجات ضد النخبة الحاكمة بسبب الفساد المستشري وسوء الإدارة اللذين أفضيا إلى أزمة مالية عميقة.

وتقول الورقة الفرنسية إن ”الأولوية ينبغي أن تكون تشكيل حكومة سريعا لتفادي فراغ في السلطة والذي من شأنه أن يغرق لبنان أكثر في الأزمة التي يعاني منها“.

وتتناول الورقة أربعة قطاعات أخرى بحاجة إلى عناية عاجلة، وهي المساعدة الإنسانية وتعامل السلطات مع جائحة مرض كوفيد-19 وإعادة الإعمار بعد انفجار الرابع من أغسطس آب 2020 في مرفأ بيروت، والإصلاحات السياسية والاقتصادية وانتخابات برلمانية تشريعية.

كما دعت الورقة إلى إحراز تقدم في محادثات صندوق النقد الدولي، وإشراف الأمم المتحدة على أموال المساعدات الإنسانية الدولية التي تم التعهد بتقديمها للبنان في الأسابيع الأخيرة، فضلا عن إجراء تحقيق محايد في سبب انفجار كميات هائلة من المواد شديدة الانفجار والمخزنة بشكل غير آمن في الميناء لسنوات.

وزار ماكرون بيروت بعد وقت قصير من الانفجار وأوضح أنه لن تُقدم شيكات على بياض للدولة اللبنانية إذا لم تنفذ إصلاحات لمكافحة الهدر والفساد والإهمال.

وقال مصدر سياسي لبناني إن ماكرون أجرى منذ ذلك الحين عدة مكالمات هاتفية مع قادة سياسيين بارزين في ظل نظام تقاسم السلطة الطائفي في البلاد. ومن المقرر أن يعود ماكرون إلى بيروت في الأول من سبتمبر أيلول 2020.

وحالت الخصومات السياسية والمصالح الطائفية دون تشكيل حكومة جديدة قادرة على معالجة الأزمة المالية التي عصفت بالعملة وأصابت النظام المصرفي بالشلل ونشرت الفقر.

 

 

وتشدد ورقة الأفكار الفرنسية على ضرورة إجراء تدقيق فوري وكامل في الماليات العامة وإصلاح قطاع الكهرباء الذي يستنزف الأموال العامة بينما يفشل في توفير كهرباء كافية.

وأضافت أنه يتعين على البرلمان سن القوانين اللازمة لإحداث التغيير في الفترة الانتقالية. وجاء في الورقة ”ينبغي على كل الكتل أن تصوت على هذه الإجراءات لكي يتسنى للحكومة الجديدة إقرارها في الأشهر المقبلة“.

وقال المصدر في الإليزيه إن الوثيقة كررت مقترحات كان قد تم الاتفاق عليها في إطار مؤتمر المانحين عام 2018 لدعم لبنان، واجتماع مجموعة الدعم الدولية بعد ذلك.

وأضاف ”هذه الوثيقة تعيد التأكيد على أن فرنسا جاهزة لدعم لبنان بما يتسق مع إطار العمل هذا. هي ليست خارطة طريق بأي حال من الأحوال“.

ويمكن لورقة الأفكار أن تعمق دور فرنسا في لبنان، الذي كان مستعمرة فرنسية.

وتشير الورقة إلى أن باريس ستلعب دورا رئيسيا في إعادة بناء مرفأ بيروت وتعزيز الرعاية الصحية وإرسال فرق من وزارة الخزانة والبنك المركزي، لدعم التدقيق المالي والمساعدة في تنظيم الانتخابات البرلمانية المبكرة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي. أ ف ب / رويترز

 

 

[embed:render:embedded:node:41133]