هل يحارب ترامب إيران قبل نهاية ولايته؟ عراقيون موالون للحشد الشعبي يُحْيُون ذكرى قاسم سليماني

عشرات الآلاف من العراقيين يحيون الذكرى الأولى لاغتيال قاسم سليماني: تدفق عشرات الآلاف من العراقيين على ساحة التحرير بوسط بغداد يوم الأحد 03 / 01 / 2021 مرددين شعارات مناهضة للولايات المتحدة لإحياء ذكرى اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني والقيادي في فصيل عراقي مسلح أبو مهدي المهندس.

يتزامن خروج المحتجين، الذين طالب عدد كبير منهم بالثأر، مع تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقُتل سليماني، قائد فيلق القدس وهو وحدة قوات خاصة تابعة للحرس الثوري الإيراني مسؤولة عن تنفيذ عمليات خارج الحدود، في الثالث من يناير كانون الثاني 2020 في ضربة أمريكية بطائرة مسيرة استهدفت موكبه في مطار بغداد. ونقل الهجوم العداء المستحكم بين الولايات المتحدة وإيران إلى مستوى غير مسبوق وأثار قلقا من احتدام كبير للصراع.

وكانت واشنطن تتهم سليماني بأنه العقل المدبر لهجمات شنها مسلحون متحالفون مع إيران على القوات الأمريكية في المنطقة.

واحتشد المتظاهرون في ساحة التحرير استجابة لدعوات من جماعات مسلحة تشكل ما يعرف بقوات الحشد الشعبي، والتي تتلقى الدعم والتدريب بالأساس من إيران. ولوح المتظاهرون بالعلم العراقي ورددوا شعارات مناهضة للولايات المتحدة مثل "أمريكا الشيطان الأكبر".

وفي انعكاس للتوتر المستمر في المنطقة، حث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السبت 02 / 01 / 2021 ترامب على تفادي "فخ" إسرائيلي لإشعال حرب بشن هجمات على القوات الأمريكية في العراق.

ورفض مسؤول إسرائيلي الاتهام ووصفه بأنه "هراء" وقال إن إسرائيل هي التي تحتاج إلى أن تكون في حالة تأهب تحسبا لضربات إيرانية محتملة في ذكرى وفاة سليماني.

وتتهم واشنطن مسلحين مدعومين من طهران بشن هجمات صاروخية من حين لآخر على المنشآت الأمريكية في العراق، منها هجمات بالقرب من السفارة الأمريكية. ولم تعلن أي جماعة معروفة مدعومة من إيران مسؤوليتها عن هذه الهجمات.

وأرسل الجيش الأمريكي الأسبوع الماضي قاذفتين من طراز بي-52، القادر على حمل أسلحة نووية، إلى الشرق الأوسط في رسالة ردع موجهة لطهران، لكن القاذفتين غادرتا المنطقة بعد ذلك.

واحتشد الآلاف أيضا أمس السبت 01 / 01 / 2021 في الطريق السريع الذي يؤدي إلى مطار بغداد، حيث قُتل سليماني والمهندس، في محاكاة لموكب جنائزي إحياء لذكرى اغتيالهما.

آلاف العراقيين يحيون الذكرى السنوية الأولى لمقتل سليماني منددين بواشنطن

وتظاهر آلاف العراقيين الأحد 03 / 01 / 2021 في الذكرى الأولى لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد، مرددين هتافات من بينها "كلا كلا أميركا" و"الانتقام".

ففي ساحة التحرير، وسط بغداد، تجمع الآف الأشخاص غالبيتهم من الموالين للحشد الشعبي، تحالف يجمع فصائل شيعية أُدمجت مع القوات الأمنية، للتنديد أيضا برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي اتهموه بأنه "جبان" و"عميل للأميركيين".

قبل ذلك، تجمع رجال ونساء وأطفال ليلة السبت والأحد 02 – 03 / 01 / 2021 وهم يرتدون ملابس سوداء عند موقع الهجوم حيث أشعلوا شموعا لتحية "شهدائهم" منددين بـ "الشيطان الأكبر"، في إشارة إلى الولايات المتحدة.

وقالت بتول النجار المؤيدة للحشد الشعبي، الذي تتهمه الولايات المتحدة باستهداف سفارتها وجنودها في العراق بصواريخ، "نقول لأمريكا ولأعداء الإسلام (...) إننا سنواصل المقاومة رغم إراقة الدماء".

وقتل سليماني والمهندس وثمانية أشخاص آخرين فجر الثالث من كانون الثاني/يناير 2020 في ضربة استهدفت عربتين قرب مطار بغداد.

وأثارت تلك الضربة العداء القديم الذي يمتد لأربعين عاما بين طهران وواشنطن، بالإضافة لمخاوف من مواجهة في العراق حيث يملك كلاهما نفوذا واسعا.

ويعيش العراق حاليا، أكثر من أي وقت مضى، تحت نفوذ واسع لمؤيدين لإيران باتوا لا يترددون في تهديد حكومة البلاد في ظل غياب سلطة سياسية أو قوة عسكرية لمواجهتهم.

وتعهد النائب أحمد الأسدي، أحد أبرز قادة الحشد الشعبي قائلا "أبو مهدي المهندس العظيم ستخرج الملايين وتتوهج صورتك في (ساحة) التحرير".

وانطلقت منذ السبت 02 / 01 / 2021 استعدادات لمراسم مماثلة لإحياء هذه الذكرى في ساحة التحرير التي كانت معقل احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، وعلت خلالها هتافات منددة بالنظام السياسي وأطرافه الموالية لإيران.

ورفعت صورة كبيرة تجمع سليماني والمهندس على مبنى المطعم التركي المجاور للساحة، وصور أخرى عند نصب التحرير كما رفع المتظاهرون أعلاما عراقية وللحشد الشعبي ورايات صغيرة تحمل مخططات صور لكليهما.

وقالت أم مريم، معلمة (40 عاما) من بغداد، وصلت مع زوجها ومجموعة من النساء وهي ترتدي عباءة سوداء "نحن هنا وفاء لدماء الشهداء (...) جئنا لنقول كلا كلا أمريكا ولأي محتل يريد أن يدنس أرض العراق".

ووجه الحشد الشعبي دعوة لجميع العراقيين للتجمع في ساحة التحرير ومدن أخرى الأحد 03 / 01 / 2021، للتنديد بـ "المحتل الأميركي" والمطالبة بخروج القوات الأميركية من البلاد.

وشهدت مدن أخرى في جنوب العراق بينها النجف، حيث ووري المهندس، تجمعات مماثلة شارك فيها موالون بينهم من أجهش بالبكاء حزنا على "الشهيدين".

وفي وقت متأخر بعد الظهر، تفرقت التظاهرات في بغداد وأماكن أخرى بهدوء.

وينتشر قرابة 3000 جندي أميركي في العراق رغم تصويت مجلس النواب على خروجهم، بعد ضربة الثالث من كانون الثاني/يناير 2020. فيما أعلنت الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، سحب 500 جندي من العراق وإبقاء 2500.

وفي إيران، أقيمت عدة فعاليات إحياء لذكرى "الشهيد" سليماني، الذي تم تكريمه عبر صور ومنحوتات وأغانٍ ومسلسل تلفزيوني قيد الإعداد.

وبث التلفزيون الإيراني يوم الأحد 03 / 01 / 2020 سيرته الذاتية التي ركزت بشكل كبير على طفولته وبداية أيام الشباب وأصدرت طهران طابعا بريديا تكريما له.

وعشية الذكرى، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة الخميس 31 / 12 / 2020، إن "عملاء استفزازيين إسرائيليين يخططون لشن هجمات على الأمريكيين في العراق" لوضع الرئيس الأميركي دونالد "ترامب في مأزق بسبب حرب ملفقة".

واتهمت طهران الرئيس الأميركي المنتهية ولايته بالسعي إلى اختلاق "ذريعة" لشن "حرب" قبل خروجه من البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير 2021 بعد ولاية شن خلالها حملة "ضغوط قصوى" على طهران.

وكان ترامب قد اتهم طهران بالوقوف وراء هجوم صاروخي استهدف السفارة الأميركية في بغداد في 20 كانون الأول/ديسمبر 2020.

وكرر ترامب منذ الثالث من كانون الثاني/يناير 2020 موقفه الثابت بأنه "إذا قتل أميركي سأحمّل إيران المسؤولية" في إشارة الى تكهنات بتعرض أميركيين لهجمات أخرى في العراق.

وأثارت المواقف المتشددة لطهران وواشنطن طوال عام 2020، مخاوف من اندلاع صراع بين الطرفين يكون العراق مسرحا له.

والسبت 02 / 01 / 2020، اتهم ظريف إسرائيل، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط، بالضلوع في هذا المخطط.

وكتب عبر حسابه على تويتر "معلومات استخبارية جديدة من العراق تؤشر إلى أن عملاء محرِّضين إسرائيليين يخططون لهجمات ضد أميركيين، لربط المنتهية ولايته ترامب" بذريعة لشن حرب.

وحذر ظريف ترامب من "الوقوع في فخ"، معتبرا أن "أي مفرقعات (في المنطقة) سترتد عكسيا بشكل سيئ"، خصوصا على من وصفهم بـ "أفضل أصدقاء" الرئيس الأميركي، من دون أن يسميهم.

ويحاول قادة الحشد الشعبي البارزون باستمرار الإشارة إلى أن الكاظمي، الذي تولى مهامه في أعقاب احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019 غير المسبوقة، يقف إلى جانب المتظاهرين المناهضين للسلطة بما يخدم مصالح الولايات المتحدة.

ويعيش العراقيون حاليا في ظل توتر حاد وهم يراقبون بحذر ما قد يحدث في الأسابيع المقبلة بين طهران وواشنطن.

وحلقت مقاتلتان أميركيتان "بي-52" قادرتان على نقل أسلحة نووية فوق منطقة الخليج في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2020 فيما كانت حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" تبحر نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2020 في مياه الخليج.

واستهدفت هجمات صاروخية خصوصا، خلال العام 2020 مصالح أميركية في العراق، اتّهمت واشنطن فصائل مسلّحة موالية لإيران بتنفيذها.

لكن اعتبارا من تشرين الأول/أكتوبر 2020 تراجعت وتيرة الهجمات بعد هدنة أعلنتها الفصائل الموالية لإيران. رويترز ، أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:37136]