هل يحسِّن حوار تركيا واليونان علاقة أنقرة بشريكها التجاري الاتحاد الأوروبي ويعيد تطبيعها مع فرنسا؟

تركيا واليونان تستأنفان محادثات بشأن نزاعات بحرية بعد انقطاع خمس سنوات: قالت مصادر دبلوماسية يوم الإثنين 25 / 01 / 2021 إن تركيا واليونان استأنفتا محادثات تهدف إلى إيجاد حلول لنزاعات بحرية قائمة منذ فترة طويلة وهي خطوة تأتي بعد توتر في شرق المتوسط استمر لأشهر.

ولم تحقق الجارتان، العضوتان في حلف شمال الأطلسي، تقدما يذكر خلال 60 جولة من المحادثات في الفترة من 2002 وحتى 2016.

وتعثرت خطط استئناف المحادثات العام الماضي 2020 بسبب إرسال تركيا لسفينة مسح في منطقة متنازع عليها في شرق المتوسط وبسبب خلافات بشأن الموضوعات التي يجب أن تشملها المحادثات.

واتفقت أنقرة وأثينا هذا الشهر على استئناف المفاوضات في إسطنبول في اختبار لآمال تركيا في تحسين العلاقات مع الاتحاد

الأوروبي الذي ساند موقف اليونان وهدد بفرض عقوبات على أنقرة. وأثينا عضو في التكتل.

وعبر الجانبان عن تفاؤل حذر قبل المحادثات رغم استمرار الدولتين في تبادل التصريحات الحادة حتى في الأيام التي سبقت

اجتماع يوم الإثنين 25 / 01 / 2021 في إسطنبول.

وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الأسبوع الماضي إن اليونان ستشارك في المحادثات بتفاؤل لكن "دون سذاجة".

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه يأمل أن يكون استئناف المحادثات بداية لعهد جديد.

وعلى الرغم من الاتفاق على استئناف المحادثات قالت أثينا يوم السبت 23 / 01 / 2021 إنها لن تناقش سوى ترسيم الحدود في المناطق الاقتصادية الخالصة والجرف القاري في شرق المتوسط وليس قضايا "السيادة الوطنية".

أما أنقرة فقد قالت إنها تريد أن تشمل المحادثات ذات الموضوعات التي شملتها الجولات السابقة ومن بينها نزع السلاح من جزر في بحر إيجه والخلافات بشأن المجال الجوي.

استئناف الحوار بين تركيا واليونان بعد أزمة شرق المتوسط

وعاودت تركيا واليونان يوم الإثنين 25 / 01 / 2021 محادثات لتسوية خلافهما بشأن التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط بعد أزمة خطرة تشهد على الهوة الفاصلة بين هذين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.

واستقبل المسؤول الثاني في وزارة الخارجية التركية سادات أونال ظهر الإثنين 25 / 01 / 2021 وفدا يونانيا في قصر دولما بخشة في اسطنبول. وكانت هذه المحادثات حول شرق المتوسط معلقة منذ عام 2016 بعد تصاعد كبير للتوتر بين الجارتين.

وأغرقت مهمات التنقيب التركية عن الغاز المتكررة في المياه اليونانية في الأشهر الأخيرة أنقرة وأثينا في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة منذ العام 1996 عندما كاد البلدان يتواجهان في حرب.

وتندرج هذه المحادثات في إطار حملة أوسع للرئيس التركي رجب طيب إدروغان الساعي إلى تهدئة العلاقات المتوترة مع الاتحاد الأوروبي الذي ضاق ذرعا من سلوك أنقرة وباشر الشهر الماضي فرض عقوبات عليها.

ومع أن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس قال الأربعاء 20 / 01 / 2021 إن بلاده تخوض هذه المحادثات بـ "تفاؤل وأمل"، لا يتوقع تحقيق أي تقدم بارز خلالها.

وفي مؤشر إلى أن هذه المحادثات قد تستحيل حوار طرشان، لم يتفق البلدان على جدول أعمال الاجتماع.

فترغب اليونان بالبحث فقط في ترسيم حدود الجرف القاري لجزرها في بحر إيجه فيما تريد أنقرة توسيع نطاق المحادثات لتشمل المناطق الاقتصادية الخالصة والمجال الجوي للبلدين.

وندد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلوا كذلك الجمعة 22 / 01 / 2021 بـ "استفزازات" قامت بها أثينا التي تحدثت عن مضاعفة مساحة مياهها في بحر إيجه وهو موضوع تعتبره أنقرة خطرا جدا.

وجدد نظيره اليوناني نيكوس ديندياس السبت 23 / 01 / 2021 تأكيد أهمية هذه الاتصالات مشددا على أنها "ليست مفاوضات" رسمية بل "محادثات غير رسمية"، إلا أنه أضاف "لكن نأمل بأن تؤدي هذه المحادثات إلى خفض حدة التوتر".

ورغم هذه الخلافات، رحب الاتحاد الأوروبي باستئناف الحوار بين البلدين معتبرا انه يشكل "مؤشرا إيجابيا" للعلاقات بين أنقرة وبروكسل بعد توتر مستمر منذ أشهر عدة.

ففي كانون الأول/ديسمبر، قرر قادة دول الاتحاد الأوروبي خلال قمة لهم في بروكسل معاقبة تحركات تركيا "غير القانونية والعدائية" في المتوسط حيال اليونان وقبرص.

وفرضت قمة الاتحاد الأوروبي عقوبات فردية على أشخاص ضالعين في عمليات التنقيب التي تجريها تركيا في شرق المتوسط.

ويسمم تنقيب تركيا عن الغاز في مناطق بحرية متنازع عليها مع اليونان وقبرص العلاقات منذ أشهر.

وتصاعدت الأزمة بين أثينا وأنقرة مع نشر تركيا في آب/أغسطس 2020 سفينة في المناطق المتنازع عليها ولا سيما قرب جزيرة كاستلوريزو اليونانية الواقعة قرب الساحل التركي.

واتهمت اليونان التي تنجز يوم الإثنين 25 / 01 / 2021 صفقة شراء 18 طائرة رافال فرنسية لتعزيز دفاعاتها، أنقرة بانتهاك حدودها البحرية إلا أن تركيا تعتبر أن وجود هذه الجزيرة الصغيرة لا يبرر استبعادها من جزء كبير من شرق المتوسط الغني بحقول الغاز.

غير أنه في بادرة تهدئة على الأرجح، أعلنت أنقرة في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2020 عودة السفينة إلى تركيا.

ويرى محللون أن تركيا تسعى إلى تهدئة التوتر مع أوروبا بسبب صعوباتها الاقتصادية التي تفاقمت مع جائحة كوفيد-19 وبسبب انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة.

وتتوقع أنقرة تشددا في السياسة الأميركية اتجاهها فيما كان إردوغان أقام علاقة شخصية قوية مع دونالد ترامب.

تحليل - تركيا تأمل تحسن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي بفضل محادثات المتوسط

وبعد انقطاع استمر خمس سنوات تخللته شكاوى نابعة من مطالب متعارضة بأحقية كل طرف في مياه البحر المتوسط تستأنف تركيا المحادثات مع اليونان يوم الإثنين 25 / 01 / 2021 في أول اختبار لآمالها في تحسين العلاقات المتدهورة مع الاتحاد الأوروبي.

وبينما يقول دبلوماسيون إن إعادة بناء الثقة مهمة شاقة فإن المحادثات تأتي بعد قرار تركيا وقف تحركاتها للبحث عن الغاز في المياه المتنازع عليها والتي أغضبت اليونان وقبرص. وكذلك تُعقد المباحثات بعد تخفيف حدة التصريحات فيما يتعلق بنزاعات أنقرة الأوسع نطاقا مع الاتحاد الأوروبي.

كما أن من الممكن أن تمهد المحادثات السبيل لزيارة وشيكة يقوم بها لتركيا قيادات من الاتحاد الأوروبي.

ويقول الجانبان إن الإرادة السياسية موجودة لتحسين العلاقات غير أن التقارب يبدو احتمالا بعيد المنال بعد سنوات من الخلافات

حول اللاجئين وحقوق الإنسان وادعاءات تتعلق بالحقوق البحرية وتدخلات عسكرية تركية وانقسام جزيرة قبرص.

وأبدى جوزيب بوريل المسؤول عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي تفاؤلا مشوبا بالحذر وقال لرويترز إنه يرى "فرصة سانحة" غير أنه يتعين على أنقرة "التخلي عن نهج المواجهة" والسعي للحوار.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي اتهم الاتحاد الأوروبي "بالعمى الاستراتيجي" فيما يتعلق بتركيا، لسفراء الاتحاد

الأوروبي في أنقرة هذا الشهر إنه مستعد لتحسين العلاقات.

ويقول دبلوماسيون إنه سيحتاج ما هو أكثر من مجرد تغيير نبرة تصريحاته وسحب سفينة الاستكشاف التركية من المياه المتنازع عليها لإسكات دعوات بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على أنقرة وهي مسألة سيناقشها قادة الاتحاد في مارس آذار المقبل 2021.

وقال دبلوماسي في بروكسل "لا أرى أي مصالحة كبرى تبعدنا عن المسار الذي نسير فيه الآن. سيستغرق الأمر تحركا ملموسا من تركيا"، مضيفا أنه لا يوجد ما يبرر التفاؤل.

وزار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بروكسل الأسبوع الماضي في مهمة للحفاظ على ما وصفه بأنه "جو إيجابي" بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.

وقال جاويش أوغلو يوم الجمعة 22 / 01 / 2021 إن محادثات خاصة بقبرص ستعقد في نيويورك خلال الشهرين المقبلين.

ضرر اقتصادي

وتأتي جهود إردوغان لبناء جسور مع الشريك التجاري الرئيسي لبلاده في وقت تواجه فيه حكومته ركودا اقتصاديا. ورغم أن جائحة كوفيد-19 هي القيد الرئيسي على النمو فقد كان للتوترات الدولية تداعياتها على الاقتصاد.

ووعد إردوغان في معرض رسم مسار اقتصادي جديد في نوفمبر تشرين الثاني 2020 بإصلاحات لنظام القضاء التركي بعد انتقادات متعددة من الحلفاء الغربيين الذين يقولون إن سيادة القانون تآكلت في تركيا بعد محاولة انقلاب عام 2016 والحملة التي أعقبتها على المعارضة.

وكانت تركيا تجاهلت عددا من أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدعو لإطلاق سراح أبرز المعتقلين في البلاد السياسي الكردي صلاح الدين دمرداش ورجل الأعمال عثمان كافالا.

ولم يفصح إردوغان حتى الآن عن الخطوات التي سيأخذها لكنه استبعد إخلاء سبيل الرجلين.

وقال سنان أولجن، الدبلوماسي التركي السابق ورئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في اسطنبول، "الشكوك تحيط بالمدى الذي ستكون تركيا مستعدة للذهاب إليه للوفاء بتوقعات الاتحاد الأوروبي دون أي خطوات (للإصلاح)".

وربما يتوقف تحسين العلاقات مع أوروبا أيضا في جانب منه على مدى قدرة أنقرة على معالجة الخلافات مع الإدارة الجديدة في

الولايات المتحدة بعد أن فرضت واشنطن عقوبات على تركيا الشهر الماضي بسبب إقدامها على شراء نظم دفاعية روسية.

وقبل يوم من تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن قال وزير الخارجية المعين أنتوني بلينكن إن واشنطن ستنظر فيما إذا كان من الضروري فرض عقوبات أخرى واتهم تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي بالتصرف وكأنها ليست حليفا.

وفي قمة انعقدت في ديسمبر كانون الأول 2020 قال الاتحاد الأوروبي إنه سينسق رده على تركيا مع الولايات المتحدة وقال أولجن إن ذلك معناه أن علاقات أنقرة مع واشنطن "ستكون عاملا حاسما في علاقات تركيا مع الغرب بصفة عامة".

"دون أي قدر من السذاجة"

وحتى قبل بدء المحادثات مع أثينا اختلف الجانبان على الموضوعات التي ستشملها المحادثات، إذ تصر اليونان على الاقتصار على ترسيم الحدود البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة.

وقال رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس للبرلمان يوم الأربعاء 20 / 01 / 2021 إن أثينا لن تناقش القضايا التي تعتبرها من حقوقها السيادية وإنها ستبدأ المحادثات بالتفاؤل ولكن "دون أي قدر من السذاجة".

وقد استبعدت اليونان بحث أي موضوعات أخرى أثارتها تركيا بما في ذلك نزع سلاح جزر شرق بحر إيجه وقالت إن هذه مسألة تتعلق بالحقوق السيادية.

كذلك عمدت تركيا إلى وضع خارطة طريق لتطبيع العلاقات مع فرنسا العضو في حلف شمال الأطلسي.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منتقدا بارزا للتدخل العسكري التركي في ليبيا وتحدي أنقرة للمطالب البحرية اليونانية

والقبرصية. وفي المقابل اتهم إردوغانُ ماكرونَ بأنه ينفذ برنامجا مناهضا للإسلام وشكك في قواه العقلية.

وقد عينت تركيا سفيرا جديدا في باريس كان زميلاً لماكرون خلال دراسته الجامعية وقال دبلوماسي إن زعيمي البلدين تبادلا الرسائل وإن ماكرون اقترح فيها إجراء مكالمة بالفيديو.

غير أن مصدرا دبلوماسيا فرنسيا قال إن من السابق لأوانه إقرار حدوث تحول في التصرفات التركية. وأضاف المصدر أن باريس ستعمل مع شركائها فيما يتعلق باحتمال فرض عقوبات إلى أن تترجم كلمات تركيا إلى أفعال ملموسة. رويترز ، أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:42431]