وفاة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (91 عاما) - داعية للتوافق العربي ومتصدٍّ للطائفية

أعلنت الكويت يوم الثلاثاء 29 / 09 / 2020 وفاة أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عن 91 عاما. وأعلن وزير الديوان الأميري الكويتي الشيخ علي الجراح الصباح في بيان بثه تلفزيون الكويت وفاة الأمير الذي كان يعالج في الولايات المتحدة الأمريكية منذ يوليو تموز 2020.

رثاء-الشيخ صباح.. كافح لوحدة الخليج في زمن الحروب والاضطرابات: كان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح داعية للتوافق العربي ورمزا من رموزه في زمن عصفت فيه الحروب والفتن بالمنطقة، وقاد بلاده للخروج ناصعة الإهاب من نار الغزو العراقي عام 1990 إلى عصر جديد تنعم فيه البلاد بالثروة وتلعب دور الوسيط في الخليج، بداية بموقعه على رأس الدبلوماسية الكويتية ولاحقا كحاكم للبلاد.

وبدافع من الوعي بحقيقة أن الكويت دولة صغيرة المساحة تمتلك ثروة نفطية كان الشيخ صباح يرى أن الدبلوماسية الذكية هي أفضل طريق لتعافي البلاد من آثار الاحتلال العراقي الذي استمر سبعة أشهر وقيادة السفينة وسط الأمواج العالية بفعل التوترات المستمرة بين الدول المجاورة الأكبر حجما، السعودية والعراق وإيران.

لكنه رأى أحلامه بالوحدة الخليجية تنهار أمام عينيه، عندما قاد جيل جديد من الصقور في السعودية والإمارات مقاطعة لقطر في منتصف عام 2017 ليتفتت مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي ساهم هو بنفسه في تأسيسه قبل 39 عاما والدفاع عنه في مواجهة التهديدات الخارجية.

وجاء في بيان أذاعه التلفزيون الرسمي للكويت يوم الثلاثاء 29 / 09 / 2020 أن الشيخ صباح (91 عاما) توفي. وكان في مستشفى بالولايات المتحدة منذ يوليو تموز 2020 بعد الخضوع لجراحة لم يتم الكشف عن طبيعتها في الكويت في الشهر ذاته.

 

أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
كان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح داعية للتوافق العربي ورمزا من رموزه في زمن عصفت فيه الحروب والفتن بالمنطقة. وتصدى الشيخ صباح للطائفية بحزم. انتقد الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن واتخذ موقفا قويا في دعم حقوق الفلسطينيين في وقت أبدت فيه دول خليجية أخرى ترحيبها بعروض لإقامة علاقات مع إسرائيل وأبرمت فيه الإمارات والبحرين اتفاقات دبلوماسية معها. رأى أحلامه بالوحدة الخليجية تنهار أمام عينيه، عندما قاد جيل جديد من الصقور في السعودية والإمارات مقاطعة لقطر في منتصف عام 2017 ليتفتت مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي ساهم هو بنفسه في تأسيسه قبل 39 عاما والدفاع عنه في مواجهة التهديدات الخارجية. وتباين موقف الشيخ صباح مع مواقف زعماء خليجيين آخرين فيما يتعلق بدعم مقاتلي المعارضة السورية بالأسلحة إذ كان يعتقد أن هذا لن يؤدي إلا لتأجيج الصراع. وبدلا من هذا جعل من جمع التبرعات للمساعدات الإنسانية في سوريا إحدى أولويات الكويت.

 

كان الشيخ صباح الذي يلقبونه "عميد الدبلوماسية العربية"، بعد أربعة عقود في منصب وزير خارجية الكويت، يسعى حتى الرمق الأخير من عمره لحل الخلاف مع قطر والذي قال إنه أشعره "بالمرارة".

وكشف في تصريحات بعد وقت قصير من فرض المقاطعة إنه ساعد في منع هجوم عسكري على قطر، مما استتبع نفيا غاضبا من دول المقاطعة في توبيخ شخصي نادر له.

وقال مصدر كويتي كان مداوما على لقاء الشيخ صباح "كان الأمير قلقا على الخليج واليمن وقطر" ملخصا اندهاشه من سلوك الحكام الخليجيين الشباب الصارمين "انظر ماذا فعل الشبان".

وقال "بعد الشيخ صباح سنصبح أضعف" مشيرا إلى أنه لا أحد من الأعضاء البارزين بالعائلة الحاكمة يملك الخبرة ذاتها في التعامل مع التوترات الإقليمية، وهي رؤية أيدتها مصادر أخرى قريبة من العائلة الحاكمة ودبلوماسيون.

وحافظ الشيخ صباح على علاقات وطيدة مع الولايات المتحدة التي قادت تحالفا دوليا لإنهاء الاحتلال العراقي 1990-1991 واتخذت الكويت نقطة انطلاق لغزو العراق في 2002. ورغم الشعور بعدم الارتياح لدى البعض، قام بزيارة للعراق في 2012 للبدء في إعادة بناء العلاقات مع بغداد.

ورفض مسعى الحليفة الوثيقة الرياض لسيطرة أكبر على حقول النفط المشتركة خلال زيارة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (34 عاما) في سبتمبر أيلول 2018 حسبما قالت مصادر مطلعة على المحادثات.

واتفقت الكويت والسعودية أخيرا في ديسمبر كانون الأول 2019 بشأن حقول النفط المشتركة لينتهي بذلك خلاف استمر خمس سنوات.

ووصف دبلوماسي علاقات الكويت بالسعودية، التي استضافت عائلة الصباح أثناء الاحتلال العراقي، بأنها الأقرب بمجال العلاقات الخارجية لكنها أيضا الأكثر تعقيدا.

وقال مصدر ثان قريب من العائلة "الكويت لا تريد التراجع في قضايا السيادة". وتباين موقف الشيخ صباح مع مواقف زعماء خليجيين آخرين فيما يتعلق بدعم مقاتلي المعارضة السورية بالأسلحة إذ كان يعتقد أن هذا لن يؤدي إلا لتأجيج الصراع. وبدلا من هذا جعل من جمع التبرعات للمساعدات الإنسانية في سوريا إحدى أولويات الكويت.

انتقد الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن واتخذ موقفا قويا في دعم حقوق الفلسطينيين في وقت أبدت فيه دول خليجية أخرى ترحيبها بعروض لإقامة علاقات مع إسرائيل وأبرمت فيه الإمارات والبحرين اتفاقات دبلوماسية معها.

توترات داخلية

بجسده النحيل وابتسامته المنطلقة وصوته الأجش، كانت مهاراته التفاوضية في الداخل موضع اختبار على نحو متكرر، عندما كانت التوترات المتصاعدة بين حكومته المعينة والبرلمان المنتخب تعرقل الاستثمار والإصلاحات الاقتصادية.

وفي مقابلة نادرة عام 2010 عزا الشيخ صباح المشاكل السياسية إلى الدستور الذي يتحدث عن نظام رئاسي وبرلماني مشترك.

وقال لصحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسيتونغ الألمانية "تتداخل السلطات التشريعية والتنفيذية. أدى هذا لصراع بين الاثنتين، تحاول فيه كل منهما الحد من سلطات الأخرى".

 

 

 

جعل الوهن في قمة هرم العائلة الحاكمة من الشيخ صباح صانع القرار الحقيقي لسنوات قبل أن يصبح أمير البلاد، وتم اختياره لخبرته كأحسن من يتولى إدارة البلاد.

ويقول محللون إن دعم البرلمان لقيادته في 2006 منحه قاعدة سياسية قوية. كان نشطاء في عملية صنع القرار وكان يستخدم على الدوام سلطاته التنفيذية لحل البرلمان الذي يلعب دورا رئيسا في اختيار خليفته وأجبر في السابق أميرا مريضا على ترك المنصب.

ومن المنتظر أن يتولى السلطة ولي عهد الشيخ صباح وأخوه غير الشقيق الشيخ نواف الأحمد الصباح (83 عاما) الذي سيعين ولي عهد جديدا بعد الاجتماع مع كبار أعضاء العائلة بهدف التوصل إلى توافق. ويحتاج ولي العهد الجديدة إلى موافقة البرلمان أيضا.

 قانون المواءمة

يسعى أعضاء بارزون من العائلة الحاكمة للمنصب، بعضهم بشكل معلن وصريح. وتحت السطح يكمن شقاق بين أقوى فرعين في العائلة.

ظهر هذا الخلاف في 2006 عندما قطع الشيخ صباح عرف تبادل السلطة بين فرعي الجابر وسالم في العائلة. كما كسر قبضة جماعات المعارضة، سواء الإسلامية أو الليبرالية، على البرلمان باستخدام سلطات تنفيذية لتعديل نظام التصويت في 2012. ونظم الكويتيون الذين غضبوا من هذه الخطوة بعضا من أكبر المسيرات في تاريخ البلاد.

ورغم نجاح الكويت في الإفلات من اضطرابات الربيع العربي في 2011 اقتحم المحتجون البرلمان في ذلك العام عندما مُنع نوابه من استجواب رئيس الوزراء، وهو قريب للأمير، بشأن مزاعم فساد. واستقال رئيس الوزراء لاحقا.

وقال دبلوماسي كان يعمل في الكويت وقت الاحتجاجات "كان يظهر حزما حتى مع أفراد من عائلته".

وألقي القبض على عشرات من رموز المعارضة الكويتية بتهمة انتقاد الأمير علنا. وينص الدستور على أن الأمير الذي له الكلمة العليا في إدارة شؤون الدولة "ذاته مصونة لا تمس".

وتصدى الشيخ صباح للطائفية بحزم. وبعد أن فجر متشدد إسلامي نفسه في مسجد للشيعة عام 2015 واسى عائلات الضحايا واصفا إياهم بأنهم "أولادي". رويترز

 

[embed:render:embedded:node:36868]