2.4.

ديمقراطيون في السياسة، رغما عن أنفك يا بسمارك!!!

نضال القادري، أوتاوا، كنـدا، 2 نيسان/أبريل 2005

(...)
بعد اليوم، لا يمكن للمتابع أن يحتار في أمره في السياسة اللبنانية، فكل شيء وارد وقابل للعيش وللمساكنة، أو حتى للزواج بالإكراه. فالقوى المتصارعة لا تصطف على مشروع واحد، ولا تختلف على مشروع واحد، ولكل فصيل من أطرافها أغنيته الخاصة ومعزوفة الخاصة، ويسانده حلفاء في الداخل والخارج.

وخير تعبير ما قاله زعيم المعارضة وليد جنبلاط:

"الآن لم نعد وحدنا، نحن أقوياء.". لم يشر السيد جنبلاط إلى ما كان يقصد بذلك، ولم يفسر للذين معه وحتى لمن هم بأضداد ما معنى كلامه، فقط كان يرفض لغة التخوين، وبنبرة مسعورة كان يطلق التصريحات والرسائل بكل تشكيلاتها يمنة ويسارا.

وربما قد نسي "الزعيم" أن فاقد الشيء لا يعطيه وأن المبشر بسيادة لبنان لا يجب يستعين بأعداء الأمس "أمريكا/إسرائيل" مباشرة أو بالواسطة لإحلال سيادته الخاصة ويرفع العلم الفرنسي فوق جثة الوطن القتيل.

أما إذا تحدثت عن الموالاة، فحدث ولا حرج في الكلام عن العلك السياسي المنحط والكلام الرنان الذي لا يخلو من الوعيد أو من التكرار الممل دائما، العبارات نفسها يرددها الموالون:

"نحن مع الخط – الخط الوطني القومي – حلفاء الخط"، والمؤسف بأنهم يسايرون في السياسة أعداء الماضي في معركة مجانية سخيفة.

(...)

لا يمكن أن تكون مواليا إلا بالسحر والشعوذة في لبنان، ولا يمكن أن تكون معارضا إلا بالسحر والشعوذة أيضا. فموال لمن؟! ومعارض لمن؟! وهل يكفي أن تصطف في طابور لتحسب في الموالاة أو المعارضة؟! وهل يكفي أن يقول مفتي الجمهورية اللبنانية أو بطريريك الموارنة (وسائر المشرق) أن الأمور ليست على ما يرام حتى نعي لمشاكلنا وعللنا؟!

وهل يكفي أن تكون أكثرية في فرقة طائقية ما تصطف في طابور معين مقابل أقلية أو أكثرية بالمقارنة حتى يقال أن هذا التجمع وطنيا، وأن الطابور الأخر لا يمثل إلا أشخاصه؟! وهل أن السياسة تفهم فقط كما أرادها "بسمارك" أي 51% حمارا منتخبا يتحكمون برقاب 49% لإخوة لهم قد غلب الله على أمرهم؟!

ربما كان ذلك صحيحا في زمن لا تحسب فيه نسبة القوة والنفوذ للسفارات الأجنبية وأجهزة الإستخبارات، إلا أن بسماركيو لبنان قد طوروا الفكرة وكانوا تقدميين في الطرح فخلقوا نظرية "النوعية"، وأحسنوا تبديلا في نظرية"العددية" القاتلة، وأشاعوا بأن الله ما كان إلا ليحب المحسنين.

أما إذا أبصرت الحكمة في أوقاتنا الحرجة فلا ترى عاقلا لتأخذ منه، وحتى أن يضرب المثل القائل:

"خذوا الحكمة من أفواه المجانين" فذلك لا يصح بعد اليوم. لقد تحولت السياسة إلى طوابير، فلا يحق لك إلا أن تقف أو تنضم إلى معادلة قوامها أن تختار ما بين معتوه ومسعور، وفي كلا الحالتين، لا لست بمشكور!!!